الدكتور غالب الفريجات
على مدار خمسين يوماً من العدوان الهمجي البربري الصهيوني على غزة بأطفالها ونسائها وشيوخها تصمد غزة وتقاوم العدوان، صمود المواطن الفلسطيني تحت وابل من النيران متجذراً في أرضه هو مقاومة اسطورية، يمنع الكيان الصهيوني من تحقيق أهدافه العدوانية، ويسقيه مرارة الهزيمة، ويغرس في نفوس مرتزقته الاحباط، وعدم القدرة على تحقيق أي شيء من حربه العبثية، على شعب أعزل إلا من ايمانه بحقه في الحياة، كغيره من شعوب الارض الذين يتوقون إلى الحرية والعيش الكريم.
غزة اسطورة الصمود والمقاومة فيها كل انسان يدب على الارض مقاوم، لانه لامقاومة دون جماهير شعبية حاضنة لمقاومة، فالفضل كل الفضل لهذه الجماهير التي تحتضن المقاومة، وتدفع بها إلى التقدم إلى الأمام، وتعزز في نفوس مقاتليها الأمل في النصر، فلا يمكن هزيمة الشعوب المناضلة، ولا يمكن انتصار الهمجية والبربرية والعدوانية، فالصمود الجماهيري واحتضان المقاومة هي بدايات الطريق على التحرير، هكذا هي طريق شعوب الارض التي قهرت العدوان، بامكانياتها الايمانية، وصبرها على همجية العدوان.
ليس هناك من طريق أمام الشعوب المناضلة للخلاص من الهيمنة والقهر والذل والعبودية إلا طريق المقاومة في وجه الاحتلال والاغتصاب والهيمنة الديكتاتورية، هكذا علمتنا أحداث التاريخ، وهكذا تمكنت الشعويب المناضلة من تحقيق رسالتها في نيل الحرية والعزة والكرامة، ففلسطين كل فلسطين رأس حربة نضال لأمتنا من أجل التحرير، تحرير الارض والانسان، وتحقيق أهداف الامة في الوحدة والتحرير والعدالة.
عودتنا جماهير شعبنا في فلسطين على الصمود والمقاومة في وجه أعتى حركة امبريالية عدوانية همجية بربرية، خرجت من طور السمات الانسانية، لأنها في خندق العداء للبشرية في تطلعاتها نحوالامن والاستقرار والحياة الحرة، فليس غريباً على جماهير غزة، في اصغر بقعة جغرافية في هذ الكون مزدحمة بالكتل اللحمية في أن تعطي العدوان درساً في المقاومة، وليس بغريب على أهل القطاع أن يواجهوا بصدور أبنائهم آلة الحرب الصهيونية، دون أن يتراجعوا قيد أنملة عن أهدافهم التي هي أهداف كل انسان يريد الحياة، حياة الكرامة والعز التي تليق بهم.
صمدت غزة واستحقت النصر بصمودها ونضالها ومقاومتها، واستحقت غزة بصمود ابنائها كل الاحترام والتقدير، وبكل الفخروالاعتزاز بجماهيرها كل جماهيرها، وبتضحية أبنائها، وبكرامة شهدائها، وبجراح جرحاها التي ستكون وسام شرف على صدور اصحابها.
صمدت غزة في مواجهة العدوان واستطاعت دحره، وجعلت منه العوبة ومهزلة أمام أنصاره ومؤيديه، وجعلت من المقاومة برجالها عنوان فخر وعز ووسام تقدير وافتخار، لأن هؤلاء المقاومين انتدبوا انفسهم دفاعا عن الامة، وجعلوا من الشهداء قناديل اضاءة لنا في عتمة الطريق التي نسير فيها دون دليل، فكانوا هم الدليل الذي يأخذ بأيدينا نحو الطريق الصحيح السليم، فتحيا غزة بصمودها وبتضحياتها وبمقاومتها وبالشهداء الأكرم منا جميعاً، وبالجراح التي باتت ندوب عز واوسمة فخر على صدور اصحابها، وعذراً غزة فقد كنا في الصفوف الخلفية لنشهد بطولاتك وتضحياتك، وحالنا كحال المقعدين الذين لا يتقدمون خطوة إلى الأمام، ومع كل العذر كل الفخر لانك حركت في ضمائرنا التي خبت أمل الحياة، والايمان بالمستقبل الذي كدنا نفقد فيه تحقيق اهداف امتنا، وننسى بطولاتها ونضيع تاريخها، فقد اعدت لنا التاريخ والامل فشكراً غزة.
غزة نحن على موعد مع النهوض، نهوض الامة التي لا بديل عن نهوضها لتحرير فلسطين كامل فلسطين من البحر الى النهر، وحينها سنثأر لكل شهدائك، ونرسم البسمة على جراح كل واحد من هؤلاء الذين سالت دماؤهم الزكية على ترابك الطاهر، سنقيم أفراح النصر والوحدة التي تعيد لنا الكرامة المفقودة، والعزة التي خبت في النفوس بفعل عوامل الزمن، وتآمر المتأمرين من عرب وعجم، هؤلاء الذين فقدوا الحياء، وظنوا واهمين أنهم بخياناتهم لأمتهم ودينهم أنهم سالمون، فلا حياة مع الخيانة ولا حياة مع العمالة، لا أمام الله ولا امام الناس.
صمدت غزة واستحقت بصمودها ومقاومتها أن تنال النصر وأن تفرح، ودعينا نشاركك النصر والفرحة، فنصرك نصرنا وفرحك فرحنا.