جميل المحاري
من المفترض أن تعلن الحكومة اليوم (الثلثاء) خلال جلسة مجلس النواب موقفها النهائي من قضية زيادة الرواتب في القطاع العام، ورفع الرواتب التأمينية للمتقاعدين.
وزير المالية طلب مهلة أسبوع واحد للرد على مقترح تقدمت به كتلة الأصالة يقضي برفع سعر الغاز المباع للشركات الكبرى بمبلغ دولار واحد ليصبح قيمة الغاز 3.35 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بدلاً من 2.35 دولار، في حين أن سعر الغاز في السوق العالمية يتعدى الـ 4 دولارات، ما سيدعم ميزانية الدولة بنحو 200 مليون دينار سنوياً يمكن أن تسهم في زيادة الرواتب.
ومع التقدير الكبير لكتلة الأصالة، التي استطاعت أن تطرح مقترحاً عملياً يمكن تطبيقه، خصوصاً أن جميع الشركات المدعومة بالغاز ليست مملوكة بالكامل لحكومة البحرين، وإنما هناك شركاء آخرون يستفيدون من هذا الدعم السخي.
إلا أن تجاهل النواب لمناقشة مخصصات كل وزارة من الوزارات، خصوصاً الوزارات التي تسجل فائضاً مالياً بشكل سنوي، والوزارات والمؤسسات الحكومية التي تلتهم الجزء الأكبر من الميزانية، ليس مبرراً، كان من المفترض أن يناقش النواب مخصصات الوزارات الأمنية كالداخلية والدفاع، وهل هي بحاجة لهذه المبالغ الضخمة؟ كما كان من الفترض أن تناقش مخصصات الديوان الملكي، وديوان رئيس الوزراء، وديوان ولي العهد، وهل تتناسب هذه المخصصات مع مخصصات هذه المؤسسات في الدول الأخرى؟ وهل تتناسب مع الدخل القومي للبحرين؟ للأسف لم يثر أي من النواب الأفاضل أياً من هذه التساؤلات المشروعة والمهمة.
إن زيادة الرواتب، حتى وإن كان بشكل مقبول، الآن لا يمكن له أن يحسّن من الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين، فحتى وإن تغافلنا عن موضوع العاملين في القطاع الخاص، والذين بالطبع سيحرمون من هذه الزيادات، فإن ما سينتج عن زيادة الرواتب من ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة الأسعار ستقضي على الزيادات المفترضة خلال أشهر قليلة، لنكتشف بعد حين أن سلبيات رفع الرواتب كان أكبر من الإيجابيات، خصوصاً للعاملين في القطاع الخاص، الذين سيعانون من تضخم الأسعار دون أن يذوقوا حلاوة زيادة الرواتب.
إن كان نوابنا الأفاضل يهدفون بشكل فعلي إلى تحسين الوضع المعيشي للمواطنين، وليس مجرد اللعب على أوتار الدعاية الانتخابية، فعليهم سنّ تشريعات وآليات محددة لوقف التلاعب في المال العام، وتأمين التوزيع العادل للثروة، والمساهمة في وضع الخطط والبرامج التنموية ومراقبة تنفيذها من أجل خلق طبقة وسطى في البحرين، بعد أن تم سحقها خلال السنوات الماضية من خلال الاستئثار، وسرقة الأراضي والثروات الوطنية.