منصور الجمري
التحديات التي تواجهها البحرين في 2013 لن تكون أقل من التحديات في الأعوام السابقة، على جميع المستويات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فمن جانب سيستمر الجدال بشأن المخرج من الواقع السياسي الحالي، ومن جانب آخر ستبرز مشكلة خلق فرص عمل مجزية بعد إعادة هيكلة شركات وقطاعات رئيسية. ويعتقد مراقبون أن إصدار قانون العمل الجديد جاء للحد من المطالبات العمالية عندما تبدأ تسريحات في شركات وقطاعات كبرى.
الحديث عن التسريحات لم يعد سرّاً، فهناك خطة لإعادة الهيكلة في شركة وطنية تعاني الأمرَّين منذ عدة سنوات، ويتوقع أيضاً أن تكون هناك خطط في شركات كبرى، وقد بدأنا هذا العام باستقالة رئيس تنفيذي لشركة وطنية كبرى، وهناك أحاديث عن قرب تنفيذ خطة مشابهة لما حدث في الشركات الأخرى.
ومنذ العام 2011؛ فإن التسريحات أخذت طابعاً سياسيّاً (وطائفيّاً تحديداً)، ونتجت عن ذلك سلبيات كبيرة أضرت بسمعة البحرين السياسية، وأحدثت خللاً في طريقة التَّعامل مع الجوانب الاقتصادية. والمرحلة المقبلة قد تتواصل على النهج المعروف ذاته، لكن بعد ذلك ستتوسع.
وعلينا أن نتذكر أن البحرين تفوقت على غيرها في مطلع ومنتصف القرن العشرين لأنها كانت الأولى التي دخلت العصر الحديث على مستوى «إدارة الحكومة» وعلى مستوى «إدارة الصناعة». فبالنِّسبة إلى الحكومة، تم تأسيس الدوائر الرسمية الفعَّالة على النهج البريطاني… أما بالنِّسبة إلى الصناعة؛ فقد قامت شركة النفط على أساس النهج الإداري الأميركي، وبذلك فإن البحرين كسبت أفضل الخبرات البريطانية والأميركية في مجالين حيويين، وتم اعتماد «الكفاءة» في التعيينات، بغض النظر عن الانتماءات الطائفية او الإثنية أو القبلية.
مع الأسف؛ فقد تخلت البحرين عن اعتماد مبدأ الكفاءة كأساس للتوظيف وذلك منذ فترة غير قصيرة، وجاءت الأحداث السياسية في 2011 لتعطي مبرراً إضافيّاً لهذا التوجه للإسراع في التخلص من الكفاءات القديرة، من دون أي اعتبار لمخاطر هذا التوجه على مستقبل البحرين الاقتصادي. إن البحرين انما تفوقت على غيرها في الماضي لأنها كانت واحة عصرية تجتذب المواهب من دون الالتفات إلى أصل الأشخاص وفصلهم، ولذلك؛ فإن من يسير في اتجاهٍ مخالفٍ لهذا النهج؛ قد يتلذَّذ مؤقَّتاً ببعض المغانم هنا وهناك، لكنه ربما لا يلتفت إلى أن نجاح المجتمعات أو فشلها؛ له شروط وله تبعات.