منصور الجمري
لن نقول جديداً لو ذكرنا بأن التحديات تزداد أمامنا كل يوم، وأن مسيرة التنمية الاقتصادية تحتاج إلى مواكبة متطلبات الحكم الصالح (الرشيد) والديمقراطية، وليس أدَلَّ على ذلك هو أن جميع الدول المتطورة اقتصادياً هي أيضاً الدول التي تحتل مراتب عليا في المؤشرات السياسية. ولن نقول جديداً أيضاً بالتذكير بأن الدول المتطورة سياسياً هي تلك التي تفسح المجال لأحزاب المعارضة السياسية الفاعلة بأن تمارس عملها من خلال منظومة قوانين تلتزم قلباً وقالباً بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
هذه التنظيرات مطروحة على الساحة منذ فترة طويلة، ولكن لم يتم الالتفات إليها بالشكل المناسب، وهي تنظيرات ثابتة علميّاً أيضاً، بدليل أن مؤشرات الحكم الصالح التي يصدرها البنك الدولي كل عام توضح كيف تصعد وتنزل البلدان بين عام وآخر مع الالتزام أو عدم الالتزام بأسس الحكم الصالح، والمؤشرات التي صدرت مؤخراً تشير إلى أن البحرين شهدت طفرة في جميع المؤشرات في العام 2002 بعد إطلاق ميثاق العمل الوطني، ولكن الأعوام التي تلت ذلك شهدت تراجعاً متواصلاً في عدد من المؤشرات الأساسية.
بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها البحرين، انتقلت التحديات إلى الجانب الاجتماعي، وذلك لأن النهج الذي اتخذ لمواجهة ما حدث في 2011 هو تعميق الشرخ الاجتماعي، وهذا النهج عمّق المخاطر وجمّد المعالجات المطلوبة على الصعيد السياسي. وبلا شك فإن تبعات ذلك تنتقل سلباً على النمو الاقتصادي، بل أن حتى مشاريع التنمية الاقتصادية الإصلاحية تشهد حالياً تراجعاً مباشراً يلغي كثيراً من المكتسبات التي تحققت خلال الأعوام الماضية التي سبقت 2011.
وفي الفترة الأخيرة بدأت تضعف الطبقة السياسية ذات التأثير الإيجابي؛ وذلك لأن جهات نافذة تتأثر بفئات ليس لها علاقة بالرشد السياسي، وهذه تلعب دوراً سلبيّاً من خلال خلق حالة من انعدام الثقة بين الجميع. إن أمامنا تحديات كبيرة، وهذه تحتاج إلى ريادة وطنية تاريخية لتحريك المياه الراكدة واستعادة الحيوية البحرينية المعروفة تاريخياً.