النيابة تخطر «الاستئناف» باستمرار تحقيقاتها في شكاوى المتهمين بشأن التعذيب
أجلت محكمة الاستئناف العليا الجنائية أمس الأربعاء (20 يونيو/ حزيران 2012) القضية المعروفة بقـضية «شباب المنامة» المحكومين بالمؤبد المتهين ضمنها في ما يعرف بـ «قتل الباكستاني»، إلى جلسة سادسة في 9 يوليو/ تموز المقبل، للاستماع لشهود النفي وتسليم المحامين نسخة من المستندات التي قدمتها النيابة العامة بشأن شكاوى التعذيب، ولتنفيذ القرارات السابقة التي تضمنت استبدال أحد أطباء اللجنة الطبية الثلاثية للكشف على المستأنفين ومعرفة الإصابات وما هي الأدوات المستخدمة في ذلك، وتكليف النيابة العامة ترجمة المستند المرسل من السفارة الباكستانية بشأن المجني عليه، والاستعلام عن شكوى التعذيب وشهود النفي، وعرض أحد المستأنفين على الطبيب.
واستمعت المحكمة أمس إلى شاهدي نفس هما والدا متهمين في القضية، تحدثا ضمن فحوى شهادتهما عن طريق الاعتقال وما لازمه من ظروف وملابسات من اقتحام المنزل وأسلوب إلقاء القبض، إلى جانب الأضرار التي تعرض لها المتهمون والمنزل جراء ذلك، ثم وصف للحالة النفسية والسلوك العام للمتهمين قبل إلقاء القبض عليهما.
ومن المقرر أن تستمع المحكمة خلال الجلسة المقبلة إلى عدد من شهود النفي بناءً على ما تقدم من قرار.
وكانت محكمة السلامة الوطنية حكمت بالسجن المؤبد على 14 محكوماً على خلفية اتهامهم بقضية ما يسمى بـ «قتل الوافد الباكستاني»، حيث قضت المحكمة يوم الإثنين (3 أكتوبر/ تشرين الأول 2011) بالسجن لمدة 25 عاماً لـ 11 متهماً (مقبوضاً عليهم) بينما برأت واحداً من بين 15 متهماً في القضية (اثنان لم يتم القبض عليهما، وواحد تم الإفراج عنه قبل صدور الحكم ثم اعتقل لاحقاً)، وذلك ضمن ملف قضية رقم (65/ 2001 – الجنايات). وأصدرت المحكمة حكمها استناداً إلى تهمة: شروع المتهمين في ضرب المعتدى عليه ضرباً مبرحاً أفضى إلى موته لأغراض إرهابية.
ومعتقلو المنامة المحكومون بالمؤبد (المقبوض عليهم) هم: جواد كاظم منشد، عبدالله الحمد، حسن المخرق، سلمان المخرق، نادر العريض، علي محمد بن رجب، سيد هادي سيد ناصر، حسن محمد بن رجب، توفيق القصاب، حسين الصفار، عباس إسماعيل منصوري، إبراهيم عواجي.
وخلال جلسة أمس، تمسكت هيئة الدفاع عبر المحامية جليلة السيد بطلبها من المحكمة، في حال عدم الاستجابة للطلب الأول المعني بوقف سير الدعوى في الاستئناف إلى حين الفصل في دعاوى التعذيب، استبعاد الاعترافات المنسوبة إلى المتهمين في القضية سواء في مرحلة الاعتقال أو الاستدلال أو التحقيق لصدورها بالإكراه، وكذلك استبعاد الإفادات والشهادات ومحاضر التحقيق المعدة من قبل شهود الإثبات من المتورطين في التعذيب والمتهمين خصوصاً الواردة أسماؤهم في محاضر التحقيق ومن تولوا أوامر القبض.
وتسلمت المحكمة أمس خطاباً من النيابة العامة مفاده أن «التحقيقات في شكاوى التعذيب مازالت جارية مع المتهمين في القضية». وعليه، أصرت هيئة الدفاع على الإفراج عن المعتقلين بأي ضمان تراه المحكمة، غير أن ذلك رُفض.
ودفعت المحامية الحواج إلى أنه «وفقاً للمادة (281) من قانون الإجراءات التي تنص على بطلان حكم محكمة السلامة الوطنية لعدم وجود تحقيق مع المتهم في جناية مخالفة لنص المادة رقم (81) حيث تلزم النيابة العسكرية التحقيق مع المتهم»، مضيفةً أن «أوراق الدعوى خلت من أي تحقيق مع المتهم، وبالتالي نحن نصمم على الإفراج الفوري عن المتهم أو إحالة الملف إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيق، وهذا ما جرى عليه في الكثير من الدعاوى الجنائية المنظورة أمام المحاكم الكبرى».
وأوضحت الحواج أنه «تمت إحالة ملفات عدد كبير من قضايا الجنايات إلى النيابة العامة لتتحقق في تهم الجنايات، وبناء على هذا نتمسك بإحالة الملف إلى النيابة العامة للتحقيق مع المتهم أو تكليف أحد قضاة المحكمة لاستكمال التحقيق».
——————————————————————————–
شهادة والدة شابين محكومين بالمؤبد تُبكي عدداً من الحضور
بكى عدد من حضور محكمة الاستئناف العليا وهم يستمعون لشهادة والدة معتقلين محكومين بالمؤبد؛ هما: حسن وسلمان المخرق ضمن القضية المعروفة بـ «شباب المنامة» المحكومين بالمؤبد والمتهين ضمنها في ما يعرف بـ «قتل الباكستاني»، خلال جلسة أمس الأربعاء (20 يونيو/ حزيران 2012).
ورفع قاضي المحكمة الجلسة مباشرة بعد توتر أجواء قاعة المحكمة إزاء ما تضمنته شهادة والدة المتهمين التي لحقتها مداخلات من أمها وأخوات بعض المتهمين الآخرين، إلى جانب مطالبة بعض الحكومين على ذمة القضية المحكمة بالإفراج الفوري عنهم لعدم ثبوت أية أدلة بحقهم ولكون كل الاعترافات التي بنت محكمة السلامة الوطنية حكمها عليه مأخوذة تحت وطأة التعذيب، بحسب ما أدلوا به.
وفي التفاصيل، أنهت والدة المتهمين حسن وسلمان المخرق شهادتها بشأن طريقة اعتقال ابنيها، وذلك بعد أن أدلى والدهما شهادته قبلها، حيث استدركت بطلب الحصول على إذن من قاضي المحكمة للاستماع إلى كلمة جانبية تود توجيهها إلى هيئة المحكمة.
وبدأت والدة المعتقلين بالقول: «يا سعادة القاضي، لقد استمعت إليّ كوني شاهدة في إطار القانون، وأرغب في أن تسمعني كوني أماًّ تحمل بين جنابتها كل المشاعر والحنان تجاه اثنين من أبنائها اللذين زُجَّ بهما في قضية مترهلة حُكما ضمنها بالسجن المؤبد، وأرجو أن تسمع كلماتي باعتبارك أباً لأبناء لا تتمنى أن تراهم في موضع وموقف أبنائي الآن».
وتابعت أن «أبنيَّ لم يكونا يوماً في معرض التورط في مثل هذه القضية؛ فقد بذلت الغالي والنفيس من أجل إحسان تربيتهما وتهذيب خلقهما، حتى أن وصلا ولله الحمد إلى مرحلة الدراسة الجامعية والعمل، ولا أحد يملك ضميراً إنسانياًّ حياًّ، وقلباً رؤوفاً ينظر من خلالهما لأبناء الناس كما ينظر به إلى أبنائه يقبل بما تعرض له ابناي وما يمران به حالياًّ بعد عام ونصف تقريباً من الاعتقال».
وذكرت والدة المتهمين أن «ابني الأكبر حسن تغرب خارج البلاد لمدة 4 أعوام من أجل الدراسة الجامعية، وعانيت أنا كأم فراق ابني طوال تلك الفترة فقط من أجل أن أراه ناجحاً في حياته ولتكوين أسرة سعيدة تجمعه وأطفاله مستقبلاً، ومع عودته إلى البلاد سرعان ما تم اعتقاله بعد أشهر قليلة واتهامه بالقتل، وكل هذا ضمرته في قلبي أنا كأم، ثم أراه بعد اختفاء أثر دام نحو شهرين في حالة يرثى لها بحيث لم أتعرف عليه جراء ما تعرض له من تعذيب في قضية لم يتعرف عليها إلا حين حضر محكمة السلامة الوطنية، وكل هذا أحمله في قلبي كوني أماًّ».
وواصلت: «يا سعادة القاضي، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل لحقه ابني الأصغر سلمان وفي القضية والتهمة نفسهما، وهو مازال يحلم في التخرج في الجامعة والبحث عن عمل لتكوين أسرة يفرح هو ونحن بها، وكل هذا أيضاً حملته في قلبي أنا كأم».
وخلصت والدة المتهمين في حديثها إلى قاضي المحكمة قائلةً: «أرجو من شخصكم الكريم أن ينظر إلى ظروف هؤلاء المتهمين بعين من الإنسانية والضمير، فكل الحاضرين في القاعة يعلمون جيداً ما تعرضوا له من تعذيب وإهانة وإيذاء، بل يقر عقله قبل ضميره ببراءتهم، ولابد من قليل من الرحمة بحقهم وبحق أمهاتهم وزوجاتهم، فإن لم يكن للقانون مجال في أن يأخذ مجراه ليضمن حق هؤلاء في الحرية والبراءة، فإن ضمائركم وقلوبكم حتماً تخاطبكم بذلك».
وإبان ما تقدم، تداخل عدد من أهالي المعتقلين مطالبين المحكمة بالإفراج الفوري عن أبنائهم، ولاسيما أنه لا يوجد ضدهم أدنى دليل لإدانتهم بالمؤبد أو بالسجن لمدة عام واحد. الأمر الذي دفع ببعض المتهمين إلى مطالبة المحكمة بإسقاط التهمة من عليهم والإفراج عنهم.
وفي هذا، قال عضو هيئة الدفاع المحامي محمد التاجر: إن «هناك الكثير من الأسماء والمتهمين الذين وردت أسماؤهم في محاضر وشكاوى تعذيب أدلى بها متهمون ومعتقلون، وبعضهم مازالوا على رأس عملهم ولم يتم حتى القبض عليهم، بينما تصر المحكمة على الإبقاء على حبس هؤلاء المتهمين على رغم تعرضهم للتعذيب وعدم وجود أدنى أدلة بحقهم»، مطالباً المحكمة بالنظر في أمرهم بإنصاف والإفراج عنهم بأي ضمان تراه المحكمة».
وتوافق بقية المحامين مع ما طرحه التاجر، وعقبت المحامية جليلة السيد بـ «نلتمس من عدالة المحكمة الحس الإنساني للإفراج عن المتهمين بأي ضمان تراه، على أن تجمع هذه الأسر تحت سقف واحد».
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3575 – الخميس 21 يونيو 2012م الموافق 01 شعبان 1433هـ