بيان قوى المعارضة السياسية في المؤتمر الصحافي
جمعية "وعد" – 15 فبراير 2012
شهدت البحرين خلال الأيام القليلة الماضية وخصوصا مع اقتراب الذكرى الأولى للحركة الشعبية المطلبية التي انطلقت في الرابع عشر من فبراير 2011، تطورات متسارعة، في عدة جوانب أهمها استمرار الحراك الشعبي السلمي المطالب بتحقيق الأهداف المشروعة للشعب البحريني والمتمثلة في لجم سياسة القمع والإرهاب التي تحولت إلى نهج دائم يسير عليه الحكم تهربا من الاستحقاق السياسي، وإمعانا في اهانة المواطن وفرض سياسة التمييز الطائفي والمذهبي بقوة البطش وفرض الحل الأمني وترسيخ الدولة الأمنية الباطشة على حساب الدولة المدنية الديمقراطية التي ننشدها ونطالب بها. وقد احتفى شعبنا بهذه المناسبة المباركة بطريقته الخاصة والسلمية بتأكيده على التمسك بالمطالب المشروعة التي رفعها في الرابع عشر من فبراير العام الماضي.
لقد قامت أجهزة الأمن بعسكرة البلاد وتقطيعها الى مربعات أمنية ونشرت الحواجز في الأحياء وأغلقت الطرق وعطلت مصالح المواطنين والمقيمين واستخدمت جميع أنواع القمع والإرهاب ابتداء من الغازات المسيلة للدموع والخانقة، مرورا بالرصاص المطاطي والشوزن وصولا إلى الرصاص الحي، ناهيك عن ارتكابها جرائم الاعتداء على منازل المواطنين وإغراقها بمسيلات الدموع حتى الاختناق في توجه لإحداث اكبر ضرر بالمواطن العادي، ولخلق حالات الرعب في صفوف الأهالي. بل أن عمليات الإطلاق المباشر من كل أنواع الأسلحة التي بحوزة الداخلية تعج به المواقع الالكترونية والفضائيات فضلا عما بحوزة الجمعيات السياسية من وثائق تؤكد على وحشية القمع والقوة المفرطة التي تمارسها الأجهزة الأمنية بصورة لم يعد العالم يقبل التبريرات التي تسوقها هذه الأجهزة والإعلام التحريضي.
إن النتائج الأولية التي لدى المعارضة تفيد بان يوم أمس كان يوما أمنيا طويلا وهو الأقسى خلال هذا الأسبوع، حيث أسفرت عمليات القمع عن عشرات المعتقلين والعديد من الجرحى برصاص الشوزن والقنابل المسيلة للدموع الذي يطلق مباشرة على أجسام المتظاهرين والمواطنين، فضلا عن الجروح التي خلفتها الرصاصات المطاطية والإطلاق المباشر على المنازل وتعمد اهانة المواطنين بما فيهم النساء التي يتم محاصرتهن في المنازل وإطلاق الغازات السامة عليهن. كما أن السلطات بفقدانها توازنها أخذت في اعتقال وإبعاد الأجانب الذين تجدهم في مسيرة أو في شارع تسيطر عليه، كما حصل مع ثمانية من الأمريكيين.
لقد جربت السلطات الحاكمة في البحرين الحل الأمني منذ عقود من الزمن، وتسببت في قتل العشرات واحدثت مئات العاهات المستديمة، ودمرت حياة ومستقبل المئات من شبابنا الذين يساقون للسجون بسبب تعبيرهم السلمي عن آرائهم. وقد تأكد للجميع أن المعالجات الأمنية للأزمة السياسية هي حل عقيم لايستطيع الصمود في وجه المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها بلادنا والإقليم والعالم. وفي الآونة الأخيرة جربت الأجهزة الأمنية بفضل الخبرات الجديدة التي جلبتها، نهج تبييض ملفاتها من الاتهامات التي توجه لها بقتل المتظاهرين والمواطنين، بعد ان استخدمت عمليات الدهس وإنكار ملكيتها للأسلحة التي قتل بها بعض المواطنين، ومداهمة المنازل ورمي المواطنين من على أسطح المنازل. وهذه كلها لن تنفع في ظل وجود الصورة والفيديو والشهود، فالجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية وتنتهك حقوق الإنسان لاتسقط بالتقادم.
وفي الملف السياسي، وحيث يتزايد الحديث والتسريبات عن حوارات تجرى مع بعض أقطاب في المعارضة السياسية وبين الحكم، نود التأكيد على:
أولا: إن وثيقة المنامة الصادرة في 12 أكتوبر الماضي، تشكل الموقف المشترك للجمعيات السياسية الخمس التي وقعت عليها وهي ملتزمة بما جاء فيها من مواقف وأهداف. وقد دعا تحالف وثيقة المنامة أكثر من 50 جهة من الجمعيات السياسية الأخرى ومؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة إلى تقديم مقترحاتهم وتصوراتهم وأرائهم لما جاء في الوثيقة حرصا من هذا التحالف على مشاركة اكبر لإطراف العمل السياسي والحقوقي في البحرين. وقد حددت الوثيقة مطالب المعارضة السياسية في تطبيق المبدأ الدستوري "الشعب مصدر السلطات جميعا"، من خلال مجلس تشريعي منتخب يتمتع بكافة الصلاحيات وينفرد بالتشريع والرقابة، وحكومة تمثل الإرادة الشعبية، ودوائر انتخابية عادلة تترجم المساواة في قوة الصوت الانتخابي للمواطنين، وقضاء نزيه وعادل ومستقل بعيد عن الضغوطات، وأمن للجميع يشترك في إرساءه كافة مكونات الشعب البحريني، ومكافحة الفساد الإداري والمالي المستشري في أوصال الدولة، وتجريم التمييز بكافة أشكاله السياسية والطائفية والمذهبية.
ثانيا: إن المعارضة السياسية سبق وان أكدت بان المخرج الوحيد للازمة السياسية الدستورية التي تعصف بالبلاد هو في الحوار الجاد وذي المغزى بين الحكم والمعارضة وحددت في وثيقة المنامة أن مبادرة سمو ولي العهد تشكل أرضية صالحة لهذا الحوار، ومناقشة المطالب التي حددتها الوثيقة. وان المعارضة ترى في سلوكيات الحكم هو تقطيع للوقت من اجل التسويف وعدم الالتزام بالتعهدات التي أعلنها الحكم أمام الشعب البحريني والعالم، وآخرها ما تعهد به من التزام بتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق، حيث لم ينفذ من هذه التوصيات شيء يذكر بما فيها تشكيل اللجنة الوطنية المعنية بمتابعة وتنفيذ توصيات تقرير بسيوني، وكذلك إعادة المفصولين من العمل، حيث تقوم المؤسسات التي ينتمون إليها بإهانتهم وسرقة جهود سنوات خدمتهم وإشهار الإنذارات الأخيرة لهم وتقديمهم للمحاكمات كما جرى مع العديد من المدرسين العائدين إلى أعمالهم.
ثالثا: تؤكد الجمعيات السياسية المعارضة في هذا المؤتمر الصحافي على أنها مستمرة في حراكها ألمطلبي السلمي، ورفضها الدخول في دائرة العنف التي تحاول جهات رسمية زج البلاد فيها، حتى تتحقق المطالب المشروعة للشعب البحريني، وتجدد التأكيد على أن الوحدة الوطنية تشكل العمود الفقري للحركة المطلبية الشعبية، وان محاولات التفتيت الطائفي التي يمارسها البعض من الجهات الرسمية لن تجدي نفعا، فشعبنا أكثر وعيا من محاولات تقسيمه إلى كانتونات طائفية الهدف منها الهروب من الاستحقاق السياسي والدستوري. كما نطالب بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين الذين تم اعتقالهم على خلفية مواقفهم التي عبروا عنها بصورة سلمية.
وشكرا لكم
جمعية الوفاق الوطني الإسلامية
جمعية التجمع القومي الديمقراطي
جمعية التجمع الوطني الديمقراطي الوحدوي
جمعية الإخاء الوطني
جمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد"
15 فبراير 2012