في خضم الأحداث المتلاحقة عربياً ودولياً تمر علينا الذكرى الثالثة والتسعين لوعد بلفور الاستعماري العنصري، الذي شكل بداية رحلة الاغتصاب الصهيوني لفلسطين العربية، ويعد هذا الوعد المشئوم أغرب الوثائق الدولية في التاريخ، إذ منحت بموجبها دولة استعمارية (بريطانية) أرض لا تملكها (فلسطين) إلى عصابات لا تستحقها (الصهاينة) وبها تم تحويل أحلام هذه العصابات في إقامة كيان سياسي وعسكري إلى واقعاً مدموعاً بموجات من الهجرة اليهودية من أوربا ومختلف بقاع العالم.
وقد جاء هذا "الوعد" ليعكس مدى التقاء المصالح البريطانية مع المصالح الصهيونية في إقامة "دولة لليهود" في قلب الوطن العربي، في أعقاب مؤامرة اتفاقية "سايكس بيكو" 1916 التي قسمت الدول العربية، وعمدت بريطانيا من خلال هذه الاتفاقية إلى بسط نفوذها على أجزاء مهمة من الوطن العربي وسعت في نفس الوقت إلى تلبية رغبة الزعماء الصهاينة، لتبدأ المسيرة الإجرامية الإرهابية لهذه "الدولة المسخ" ضد الأمة العربية عبر شن الحروب والمجازر، ونشر الفتن والإرهاب في فلسطين ومصر ولبنان والعراق وسوريا والأردن ، وغيرها من الدول العربية التي أصبحت بصمات هذا الكيان الصهيوني والعنصري واضحة وجلية في كل الجرائم والحروب التي شنت على دولنا العربية.
إن وعد بلفور لا يمثل نكبة بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني وحده بل هو نكبة للأمة العربية، كما أنه كارثة لكل البشرية التي عانت جراء التداعيات المدمرة لهذا الوعد الاستعماري الغادر، واليوم إذ تمر هذا الذكرى الذي تحمل معها سيرة وتاريخ ما يقارب من مئة عام من الأحداث والأهوال التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في محاولة لطمس قضيته العادلة وسرقة أرضه عبر تحريك ما يسمى بالمفاوضات العقيمة بين " الدولة الصهيونية" و "السلطة الفلسطينية" في الوقت الذي يزداد فيه أمعان القادة الصهاينة في إفراغ هذه القضية من مضمونها من خلال الإرهاب اليومي المنظم الذي يمارسه هذا الكيان في حق الشعب الفلسطيني وإهدار حقه في دولته المستقلة وعودة أصحاب الأرض الشرعيين إلى وطنهم المحتل وبتواطؤ ودعم الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية، يجري هذا وسط تفاقم الخلافات بين القوى الفلسطينية وعجزها عن توحيد صفوفها والتفرغ لمواجهة عدوانية وغطرسة هذا العدو الغاصب، ووسط تخاذل وغياب إرادة الدول العربية المكبلة بالضغوط والأملاءات الأمريكية، مع اشتداد قوة ظروف وأحوال أقطارنا العربية التي تواجه أشكال متعددة من التآمر على وحدتها وهويتها الوطنية والقومية، وتجريدها من كل مصادر المقاومة والممانعة من خلالها تمزيقها دينياً وطائفياً وعرقياً، وفرض " الدولة الصهيونية" كقوة إقليمية متحكمة بعد إخراجها من سجن غربتها وعنصريتها عبر الشعار الخبيث والمخادع "التطبيع" الذي يراد به جعل كل الحدود العربية مشرعة أمام الاجتياح الصهيوني على كل المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية بالرغم من تهاوي أسطورة التفوق الصهيوني، كما رأينا في لبنان وغزة.
إننا في هذه الذكرى ندعو كافة أبناء شعبنا وأمتنا العربية بالوقوف صفاً واحداً لنصرة الأشقاء في فلسطين ومقاومتهم الباسلة وتقديم كل أشكال الدعم المادية والمعنوية لمواجهة العدو المحتل وإفشال كل المؤامرات التي تستهدف القضية الفلسطينية العادلة، وكما ندعو إلى زيادة تلاحمنا مع كل قضايا أمتنا العربية في فلسطين والعراق ولبنان وكل ساحة الوطن العربي.
عاشت فلسطين حرة عربية.
النصر للمقاومة في فلسطين والعراق ولبنان.
المجد والخلود لشهداء الأمة العربية.
صدر في 2 نوفمبر 2010م الأمانة العامة
للتجمع القومي الديمقراطي