اليوم الخامس من حزيران / يونيو تمر علينا الذكرى الرابعة والأربعين للحرب العدوانية الغاشمة التي شنتها الدولة الصهيونية على الدول العربية واستطاعت من خلالها تدمير كل القوة العسكرية العربية في خمسة أيام فقط كاشفة بذلك حجم الضعف والتمزق العربي وغياب التضامن والمسؤولية القومية.
وعندما فرضت الأمم المتحدة وقفاً لإطلاق النار في 11 حزيران 67 كانت "الدولة الصهيونية" قد احتلت الكثير من الأراضي العربية التي امتدت من صحراء سيناء المصرية ومرتفعات الجولان السورية ذات الأهمية الإستراتيجية الكبيرة، إضافة إلى ما تبقى من فلسطين العربية من الضفة الغربية والقدس إلى قطاع غزة.
ومع هذا الاحتلال سقط الحلم العربي الشعبي بالاعتماد على الأنظمة والحكومات العربية في تحرير فلسطين.
ومنذ ذلك اليوم الأسود لازال الكيان الصهيوني يواصل عدوانه وجرائمه، ولازال يناور ويساوم على الأراضي الفلسطينية والعربية التي احتلها مدعوماً بحماية ومساندة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الغربيين، وبتواطؤ وعجز النظام العربي الرسمي الذي أفلس بسبب القمع والفساد والتخلي عن النضال القومي ورهن القدرات والقرارات العربية لصالح القوى الكبرى المناهضة لطموحات وآمال أمتنا العربية في الوحدة والحرية والتحرر والكرامة.
واليوم في ظل ما تشهده الأمة العربية منذ مطلع هذا العام 2011 من حراك شعبي وجماهيري عبرت عنه ثورات وانتفاضات وحركات احتجاجيه اجتاحت العديد من الأقطار العربية، وما حملته هذه التحركات من مطالب في العدل والمساواة والحرية والديمقراطية والكرامة.
فقد أكدت هذه الأحداث والتطورات في الساحة العربية أن نجاح مطالب الجماهير أصبحت مرهونة باستعادة دور الأقطار العربية في النضال القومي والتحرري والديمقراطي والتكامل الاقتصادي العربي وبناء الوحدة القومية الكبرى وقد بدأنا نلمس الثمار القومية للانتفاضة العربية في العديد من المواقف والتفاعل القومي مع كل ما يحدث في الأقطار العربية، وبالنسبة لقضية فلسطين جاء اتفاق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية الذي تحقق بفضل انتفاضة شبابها ضد الانقسام، ثم تحت رعاية مصر بعد الثورة، وهو مطلب أساسي لقيام الوحدة الفلسطينية المقاتلة والرافضة للحلول الاستسلامية والمتصدية لغطرسة وإرهاب الكيان الصهيوني وللتمسك بتحرير كامل التراب المحتل.
ومع حلول ذكرى حرب حزيران هذه الأيام تتجه الأنظار إلى المسيرات المزمع تنظيمها باتجاه الحدود الفلسطينية المشتركة مع الدول العربية، حيث ستكون هناك مشاركة شعبية على غرار ما حصل في انتفاضة الجماهير العربية في ذكرى تقسيم فلسطين (نكبة 48) عندما قام العدو الصهيوني بمواجهة هذه الحشود بالرصاص وسقط العديد من الشهداء والجرحى عند حدود لبنان الجنوبية.
وهي مسيرات تؤكد رفض أمتنا للاحتلال ورفض كافة أشكال التطبيع مع هذا الكيان الغاصب، كما تهدف إلى تأكيد حق العودة للفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم وقراهم التي أخرجوا منها، ورفض التنازل أو التفريط بهذا الحق مهما كانت التضحيات، ورفض مشاريع التوطين والتهجير.
إن تطورات الصراع مع العدو الصهيوني طيلة العقود الماضية تؤكد سلامة الرؤية القومية التي ترفض نهج التشويه السياسية لهذا الصراع كونه صراع وجود لا صراع حدود، بالإضافة إلى التمسك بخيار المقاومة نهجاً وفكراً وأسلوباً بوصفها السلاح الأمني والمجرب في مواجهة العدوان والاحتلال، وهو السلاح الوحيد القادر على استرجاع الحقوق العربية المغتصبة غير القابلة للتصرف، وهو النهج الذي تجسد بشكل واضح وجلي في نماذج المقاومة في فلسطين والعراق ولبنان، وهو ما أدى إلى زعزعة الأسس التي يرتكز عليها الكيان الصهيوني وإرباك المشروع الإمبراطوري الأمريكي وإضعاف قدراته في المنطقة العربية.
وأيماناً منا بهذه التوجه فأننا في هذه المناسبة ندعو جماهير شعبنا وأمتنا وكافة القوى الوطنية والقومية والإسلامية إلى تصعيد دورها الوطني والقومي حتى تحقق أهدافها النبيلة والمشروعة والحرية والعدل والتحرر، ونطالبها بالانفتاح على قضايا الأمة المصيرية والاعتماد على إمكانياتها وإمكانيات شعبها وأمنها في تحقيق عمليات التغيير دون الاستقواء بالقوى الأجنبية أو السماح لها بالتدخل في شؤوننا الداخلية، حفاظاً على وطنية وسلمية حراكنا الجماهيري وصوناً لاستقلاله، كما ندعوها إلى نبذ كل أمراض التحزب الطائفي والمذهبي والعرقي التي بادت مجتمعاتنا العربية اليوم – للأسف – تئن تحت وطئتها وتعاني من انتشار وباءها الفتاك، مما جعلها فريسة سهلة لكل مشاريع الفتنة والتقسيم والتدويل.
مع يقيننا بأن العنف والقمع الذي تمارسه الأنظمة العربية في مواجهة الانتفاضات العربية السلمية بالإضافة إلى نزعة الاستئثار والتسلط والإقصاء السياسي والفكري التي تطبع سياسية هذه الأنظمة هو من يفتح الباب أمام القوى الأجنبية والطامعة للتدخل في شؤوننا الوطنية.
عاشت فلسطين حرة عربية
التحية لكل المجاهدين والمناضلين في فلسطين والعراق
النصر لأمتنا العربية المجيدة ولجماهيرها المتطلعة للحرية والعدل والكرامة.
مملكة البحرين التجمع القومي الديمقراطي
5 حزيران / يونيو 2011م.