تستذكر جماهير أمتنا العربية هذه الأيام مناسبات خالدة حفلت بأحداث وطنية وقومية كبرى. شكلت بدايات عهد جديد في تاريخ الأمة العربية مما جعلها راسخة في عقل ووجدان هذه الجماهير، ومن أهم تلك المناسبات الوطنية والقومية ثورتي يوليو تموز في العراق ومصر، اللتين استطاعتا أن تضع أقدام هذين القطرين على طريق النهوض الوطني والقومي والتحرر من قوى الاستعمار والتخلف وترسيخ قيم السيادة والاستقلال.
ففي العراق الشقيق قاد حزب البعث العربي الاشتراكي ثورة 17 تموز 1968م المجيدة وأستطاع من خلالها بناء تجربة وطنية وقومية وتقديم نموذج مشع للأمة العربية عندما نهض بالعراق من قطر ضعيف متخلف إلى قطر قوي حر الإرادة قادر على امتلاك ثرواته واستغلالها لصالح شعبه وأمته وبناء جيش قوي حديث قادر على الدفاع عن العراق وحمايته وخلق قاعدة اقتصادية وعلمية تؤمن له الرخاء خاصة بعد أن قضت على المصالح الاستعمارية بشكل نهائي من خلال قرار التأميم الخالد في 1972م مما قاد العراق إلى البروز كقوة اقتصادية شاملة وانجاز ثورة صناعية وعلمية وتوالى تصاعد مسيرة العراق النهضوية والقومية وإلى جانب هذه المنجزات الوطنية فقدت نهضت ثورة 17 تموز بواجباتها القومية فقدمت كل أشكال العون المادي والمعنوي للأقطار العربية وقامت بدورها في الصراع العربي الصهيوني والدفاع عن عروبة الخليج العربي والتصدي للأطماع الإيرانية، لكل هذه الأسباب فقد وجدت الامبريالية والصهيونية والقوى الأقليمية الطامعة بأن هذه الثورة تشكل خطراً على أطماعها التوسعية ومشاريعها المشبوهة ضد العراق والأمة العربية، لذلك تضافرت ضدها وراحت تدبر لها الدسائس والمؤامرات وتضع الخطط العدوانية لتدمير التجربة وتدمير قواعدها المادية ومؤسساتها العلمية والتقنية وتصفيتها بصورة نهائية، وهو التآمر الذي انتهى إلى الحصار الشامل والعدوان السافر الذي توج باحتلال وحشي غادر لتدمير الدولة العراقية وإسقاط النظام الوطني واغتيال قياداته الشرعية وعلى رأسها الريس الشهيد صدام حسين ورفاقه رحمهم الله جميعاً.
وكما في العراق في مصر كان هذا القطر العربي الكبير على موعد مع ثورة 23 يوليو 1952م التي قادها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مع مجموعة من الضباط الأحرار ومهد بذلك الطريق أمام مصر للتخلص من الطفمة الفاسدة والتخلص من الاستغلال والتبعية الاستعمارية التي أرهقت مصر وشعب مصر، كما استطاعت ثورة يوليو توجيهه ضربات قاصمة لمرتكزات الاستعمار سواء في بناء السد العالي أو تأميم قناة السويس وإفشال العدوان الثلاثي الذي وقع على مصر في 1956م إضافة إلى تعزيز علاقة مصر مع حركات التحرر في الوطن العربي وهي العلاقة التي قادت إلى تحقيق أول وحدة عربية حقيقية بين قطرين عربيين هما مصر وسوريا.
أننا إذ نحيى هذه الثورات الخالدة، أنما نريد أن نؤكد على حقيقة باتت اليوم شاخصة لا تقبل النقاش وهي أن أي قطر عربي أستطاع أن يفلت من بين يدي القوى الامبريالية والصهيونية وأستطاع مواصلة طريق التحرر والنهوض والتصدي للأطماع الاستعمارية، فأن هذه القوى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من الصهاينة والبريطانيون وغيرها من القوى الشعوبية والطائفية سوف لن يألوا جهداً للعمل على تقويض هذا الحكم الوطني والقومي بكل الوسائل المتاحة كما حصل في العراق ومصر.
أن ثورتي 17 تموز في العراق و23 يوليو في مصر لا زالتا تلهب مشاعر الجماهير العربية، وهي باتت – تدرك جيدا في الوقت الحاضر وهي تشهد حالات الردة والتراجع وتفاقم النزاعات الطائفية والمذهبية المتخلفة- باتت تدرك بأن تاريخ الأمة العربية وحاضرها هو شكل من أشكال الصراع بين المشروع القومي النهضوي التحرري والمشروع الاستعماري الطائفي المعادي سواء في العراق أو لبنان أو فلسطين أي صراع بين قوى التحرر وقوى التشردم.
وهذا ما يجعلنا على يقين في هذه الظروف الحرجة التي تجتازها أمتنا العربية بقدرة الأمة على النهوض، وأن مشروع هذا النهوض يحتاج إلى رافعة قومية من طراز المقاومة العراقية الباسلة الحاصلة في أرض العراق وهي المقاومة التي قبرت مشاريع العدوان والتآمر وباتت على موعد مع النصر المؤزر والأكيد بأذن الله تعالى
تحية إلى ثورة 17 تموز المجيدة صانعة المنجزات الحضارية وقائدها الرئيس الشهيد صدام حسين
تحية إلى ثورة 23 يوليو وقائدها الرئيس الخالد جمال عبد الناصر