تمر علينا هذه الأيام ذكرى ثورات يوليو (تموز) الخالدة في الوجدان العربي، بعد أن نهضت مصر في الثالث والعشرين من يوليو/تموز 1952، ليعلن شعبها بداية عهد جديد للتحرر والعدالة الاجتماعية والوحدة التي فجرها الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ورفاقه من الضباط الأحرار، ثورة رائدة في كافة المجالات التحررية، لينطلق زخمها إلى العراق في ثورة الرابع عشر من تموز/يوليو عام 1958، ثم تتويج انتصار ثورة المليون شهيد بانسحاب القوات الفرنسية يوم 5 يوليو 1962 بعد ثورة مظفرة دامت أكثر من سبع سنوات ونصف.
وبعد هذه الثورات بعدة سنوات، انطلقت ثورة 17 تموز/ يوليو في العراق لتعيد للعراق بهاء ثورة 1958، التي شوهها الشعوبيون وأعداء الوحدة، ولتؤكد أن لا تراجع بل انطلاق شامل إلى مستقبل واعد لتحرير الإرادة العربية وامتلاك ناصية العلم والمعرفة.
لقد كانت ثورة تموز المجيدة 1968 في العراق ردا عربيا على كل النكسات والجروح التي أصابت امتنا أمام الزحف الصهيوني المصر على إذلال الأمة العربية والعودة بها إلى عصور التخلف والظلام، فكان مشروعها النهضوي التحرري صرخة استنهاض للطاقات العربية التي شرذمتها القوى المعادية، وأصبحت بغداد قاعدة متقدمة لتوحيد الصفوف ورص الجهود وتعميق الشعور بالرابط القومي الوثيق وبناء جسور للتواصل بين الأشقاء فكانت نموذجا للانطلاقة القومية نحو الوحدة والتحرر السياسي والاقتصادي اللذين دشنا بقرار التأميم الخالد 1972، ثم التلاحم القتالي الرائع للجيش العراقي مع أشقائه في الجيشين المصري والسوري في حرب تشرين المجيدة، ثم تحقيق الحكم الذاتي للأكراد، ثم تكريس ثروات العراق لصالح التقدم العلمي والتكنولوجي والاقتصادي، والتنمية في الأقطار العربية، ومن ثم كان الرد الطبيعي من قوى الاستعمار هو توجيه النظام الإيراني ليشن حربه العدوانية على العراق، وبعد فشلها وانتصار العراق، كررتها تلك القوى بعدوانية أشرس في حرب الخليج الثانية، تلتها بالحصار الجائر، وبعد أن انتصر العراق في كافة هذه المعارك، ما كان لتلك القوى الطامعة إلا أن تشن حربها الظالمة في أبريل 2003 لاحتلال العراق وتدمير بنيته التحتية وسرقة ثرواته من خلال ما نشهده اليوم على أيدي خدم الاحتلال حكومة المالكي التي سنت قوانين واتفاقيات النفط والغاز وسلمت حقول النفط للكارتلات الكبرى، ووقعت الاتفاقية الأمنية مع الأمريكان لإلغاء كل إنجازات ثورة 17 تموز الخالدة وإعادة العراق إلى زمن الانتداب والعبودية تحت الاستعمار الأمريكي.
واليوم ما أحوجنا لاستلهام معاني وقيم ثورات تموز الخالدة في مصر والجزائر والعراق، وعناوينها العريضة المتمثلة في بعث روح المقاومة العربية، ورفض كافة أشكال التبعية والاحتلال، والنهوض الوطني والقومي والحضاري، وتوجيه الطاقات العربية نحو تحرير فلسطين، وتكريس الثروات العربية لصالح جماهير الأمة.
ووفقا لهذا المفهوم، فأن ثورة المقاومة العراقية الباسلة اليوم هي وليد شرعي لكل هذه الثورات المباركة، وهي سياقها التاريخي الطبيعي، وهي الرد المباشر على الهجمة الإمبريالية الصهيونية وعملائهما ليس على العراق فحسب، بل وفي كافة أرجاء الوطن العربي. ان انتصار المقاومة في العراق، والذي تمثل في انسحاب القوات الأمريكية من المدن العراقية، وترك عملائهم يواجهون مصيرهم المحتوم، سوف يكون بعون الله المدخل ليس لتحرير العراق فحسب، بل ونصرة تحرير فلسطين والجزر العربية الثلاث وغيرها من الأراضي المحتلة.
عاشت ثورات تموز..
عاشت أمتنا العربية المجيدة، ورسالتها الخالدة.
عاشت فلسطين حرة عربية من البحر الى النهر.
النصر والعز للمقاومة العراقية الباسلة وشهداءها وقيادتها ومناضليها الميامين.
الخزي والعار لحكومة العملاء أذلاء الاحتلال الغاشم في العراق.
التجمع القومي الديمقراطي
20 يوليو 2009