تمر علينا هذه الأيام ذكرى ثورات يوليو (تموز) الخالدة في الوجدان العربي، بعد أن نهضت مصر في الثالث والعشرين من يوليو/تموز 1952، ليعلن شعبها بداية عهد جديد للتحرر والعدالة الاجتماعية والوحدة التي فجرها جمال عبد الناصر ورفاقه من الضباط الأحرار ثورة رائدة في كافة المجالات التحررية، لينطلق زخمها إلى العراق في ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958.
وبعد ثورة 23 يوليو/تموز الناصرية بستة عشر عاما انطلقت ثورة 17 تموز في العراق لتعيد للعراق بهاء ثورته التي شوهها الشعوبيون وأعداء الوحدة، ولتؤكد أن لا تراجع بل إنطلاق شامل على مستقبل واعد لتحرير الإرادة العربية وامتلاك ناصية العلم والمعرفة.
لقد كانت ثورة تموز المجيدة في العراق ردا عربيا على كل النكسات والجروح التي أصابت امتنا أمام الزحف الجدي الصهيوني المصر على إذلال الأمة العربية والعودة بها إلى عصور التخلف والظلام، فكان مشروعها النهضوي التحرري صرخة استنهاض للطاقات العربية التي شرذمتها القوى المعادية يمر عبر قضية العرب المركزية فلسطين وأصبحت بغداد قاعدة متفدمة لتوحيد الصفوف ورص الجهود وتعميق الشعور بالرابط القومي الوثيق وبناء جسور للتواصل بين الأشقاء فكانت نموذجا للانطلاقة القومية نحو الوحدة والتحرر السياسي والاقتصادي اللذين توجا بقرار التأميم الخالد بعكس ما نرى اليوم حيث يلهث العملاء وخدم الاحتلال بحكومة المالكي وراء سن قوانين واتفاقيات مثل قانون النفط والغاز الاتفاقية الأمنية مع الأمريكان لإلغاء كل إنجازات ثورة 17 تموز الخالدة وإعادة العراق إلى زمن الانتداب والعبودية تحت الاستعمار الأمريكي.
إن الحالة النهضوية العميقة التي خلقتها ثورات تموز في وجدان وضمير وعقل أبناء الأمة العربية، والبناء الشامخ الذي انطلقت فيه، دفعت القوى الامبريالية العالمية وتوابعها في المنطقة العربية القلقون من انتشار فعل النهوض، إن ذلك دفعهم لاستنفار قواهم وإمكاناتهم لوأد كل مشروع واعد للنهضة في الأرض العربية لما يشكله من تهديد لمصالحها وجشعها وأطماعها، ولما يشكله من خطر على صنيعتها الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين، فبعد أن استطاعت إخراج مصر من معادلة الصراع العربي الصهيوني عبر اتفاقات كامب ديفيد، اتجهت بكل قواها للعراق عبر إغراقه بحروب مستمرة ثم عبر حصار جائر لأكثر من ثلاث عشرة سنة، على أمل انهياره، وبعد أن يأست من كل ذلك وتيقنت أن العراق عصيٌ على الانهيار، قامت بحربها العدوانية الشاملة الخارجة عن الشرعية والأعراف والمواثيق الدولية، لاحتلاله وتدمير الدولة العراقية وإسقاط النظام الوطني واغتيال قيادته الشرعية وعلى رأسها الرئيس الشهيد صدام حسين مهندس الثورة وصانع إنجازاتها وانتصاراتها الوطنية والقومية، ولتنصب حكومة عميلة من أزلام دوائر المخابرات الأمريكية والبريطانية ومن شذاذ الآفاق، حتى تكون العراق خاضعة ذليلة للسياسات الأمريكية الاستعمارية وتكون ثروتها مسخرة لخدمة مخططاتها.
في ذكرى ثورات تموز/يوليو التي تحمل معان تدل على عظمة المضمون لمفهوم الثورة التي فتحت مصراع الحرية من اجل الإنسان العربي ليثور ضد الظلم والطغيان، وبناء الوطن الحر، بعيدا عن الاستغلال والعبودية، ومحاربة المستعمر والإمبريالية والصهيونية، فأصبحت المقاومة العراقية الباسلة امتداداً واستلهاماً لمبادئ لثورة تموز الخالدة وحزبها المناضل حزب البعث العربي الاشتراكي تستلهم المقاومة العراقية الباسلة من ذكرى ثورات تموز معاني الشرف والكرامة وهي تخوض معارك تحرير العراق من أيدي القوى الاستعمارية وأزلامها وتابعيها الأذلاء.
عاشت ثورات تموز..
عاشت أمتنا العربية المجيدة، ورسالتها الخالدة.
عاشت فلسطين حرة عربية من البحر الى النهر.
النصر والعز للمقاومة العراقية الباسلة وشهداءها وقيادتها ومناضليها الميامين.
الخزي والعار لحكومة العملاء أذلاء الاحتلال الغاشم في العراق.