
اليوم التاسع من أبريل نستذكر الذكرى الخامسة عشر لأكبر جريمة تمت في عصرنا الحديث عندما أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على شن عدوانها الغاشم في العشرين من مارس 2003 واحتلال بغداد عاصمة العراق وراية عز الأمة.
في مثل هذه الأيام انطلقت آلة التدمير والحرب العدوانية الأمريكية ومن أنطوى تحت جناحها من الدول الغربية والعربية والإقليمية المتواطئة لترمي البلد وشعبه بحمم الموت والدمار التي لم يسلم منها بشر ولا حجر في واحدة من أشرس الحروب التدميرية الحاقدة؟؟
فقد كانت حصيلة هذا العدوان والاحتلال تدمير كل مقومات الحياة في هذا البلد العربي وسقوط الآلاف من الشهداء والملايين من المشردين، وهدم كل مؤسسات الدولة العراقية بدءاً من حل الجيش العراقي والأجهزة الأمنية مروراً بنهب المتاحف وإحراق المكتبات والقضاء على كل المنجزات العلمية والحضارية التي تحققت على مدى عقود في عهد النظام الوطني والقومي الذي أسقطه المحتل الأمريكي؟؟ وقد تعددت وتنوعت جرائم الغزاة المحتلين في حق العراق وشعبه من استهداف العلماء وكل الكفاءات العراقية بالقتل والتشريد إلى استخدام كل أساليب الاعتقال وصنوف التعذيب واغتصاب النساء حيث كان سجن "أبو غريب" وغيره من السجون والمعتقلات الأمريكية – في طول وعرض العراق – شاهداً على همجية سلوك وممارسات المحتل الأمريكي.
ومع تصاعد هذه الجرائم كان العالم يعرف ويتأكد من زيف وأكاذيب الأمريكان الذين جاءوا إلى العراق حاملين أحقادهم وأطماعهم ومشاريعهم الاستعمارية الرامية إلى السيطرة على العراق ونهب ثرواته الوطنية، وفي المقدمة منها البترول؟؟ إضافة إلى تحقيق أحد أهم أهداف القوى الصهيونية بإخراج العراق من محيطه العربي القومي، وإنهاء موقعه الإستراتيجي وثقله السياسي والاقتصادي، وبالتالي تعطيل دوره القومي في دعم ومساندة القضايا القومية، خاصة القضية الفلسطينية – القضية المركزية في صراع الأمة مع العدو الصهيوني الذي كان المحرض الرئيسي على احتلال العراق وتمزيق وحدة أرضه وشعبه في إطار ما هو مخطط ومرسوم من قِبل الدوائر الصهيونية المعادية لإشعال الحروب والفتن الطائفية في كل الأقطار العربية.
فقد أثبتت كل التطورات والأحداث اللاحقة التي شهدتها هذه الأقطار من حروب وصراعات والتي ولا زالت تئن تحت ويلاتها حتى الوقت الراهن أثبتت – أن احتلال العراق كان مقدمة وتمهيداً لهذا الدمار والطوفان الذي يجتاح أقطارنا العربية وأن المستهدف والمطلوب هو رأس الأمة وكيانها وهويتها؟؟.
ونحن اليوم إذ نستذكر جريمة الاحتلال وما خلفته من تداعيات وإفرازات مدمرة، إنما نريد تسليط الضوء مجدداً ودائماً على هول ما أرتكبه المحتل الأمريكي من فضائع وانتهاكات صارخة، وما أدت إليه من أوضاع مأساوية طالت كل نواحي الحياة في القطر العراقي الشقيق وحولت حياة المواطن فيه إلى جحيم لازال حتى اليوم يدفع أثمان باهظة من إنسانيته وكرامته ومن أمنه واستقراره بفعل سوء وتعمد سياسات المحتل الأمريكي وعملائه من القوى والأحزاب التي أستقدمها معه لتحكم العراق تحت غطاء عملية سياسية مسخ فاقدة لكل شرعية ووطنية، هذه الأحزاب الفاشلة التي دمرت البلاد وعاثت فيه خراباً وفساداً، وجعلت منه ساحة للقتل والعنف الطائفي، ومكنت قوى الإرهاب والتكفير أمثال داعش والقاعدة وغيرها من استباحة أرضه وانتهاك حرمته وضرب كل قيم التعايش والتسامح بين مكوناته وأطيافه كما فتحت الأبواب مشرعة لبعض الدول الإقليمية الطامعة وخاصة النظام الإيراني للانقضاض على العراق والهيمنة على مقدراته ونهب ثرواته وتقتيل شعبه وحصد ثمار الاحتلال وتوظيف قدراته السياسية والعسكرية والمالية في صراعاته الإقليمية والدولية وخدمة مشاريعه التوسعية، علاوة على تركيا التي وجدت في ذلك فرصة سانحة لتكشف وتنفذ أطماعها التوسعية في العراق.
إننا في هذه الذكرى الأليمة إذ نجدد مواقفنا المبدئية والثابتة في إدانة الاحتلال وكل مخلفاته، نؤكد ثقتنا المطلقة في قوة الشعب العراقي وإيمانه بوحدة أرضه وكل مكوناته الوطنية والقومية ورفضه الخضوع أو الاستسلام لإرادة أعدائه الغزاة وأذنابهم، وأنه لن يسمح لأي قوى غازية أو معادية الاستقرار على أرض العراق مهما طال الزمن، وأن نضاله وتضحياته العظيمة سوف تقود حتماً إلى خلاص العراق وتحريره من كل المحتلين الطامعين، كما نجدد دعوتنا إلى كافة قوى وأطياف الشعب العراقي بضرورة التوحد والمضي في طريق النضال لإسقاط العملية السياسية القائمة وكل ما قادت إليه من نتائج ومشاريع مشبوهة، من أجل استعادة هوية العراق الوطنية والقومية وحماية تاريخه وتراثه الحضاري والإنساني وعودته حراً موحداً وعربياً مستقلاً وديمقراطياً، وليكون نهوض العراق بداية لنهوض قدرات أمتنا العربية وشحد عزيمتها في مواجهة رياح الشر والتأمر على حاضرها ومستقبلها.
المجد والخلود لشهداء العراق والأمة العربية
المجد لكل المقاومين والمناضلين على امتداد ساحة الوطن العربي
الرافضين للغزاة وأعوانهم من قوى الاستبداد والفساد.
التجمع القومي الديمقراطي
9 أبريل 2018