ها هو الشعب العراقي يشعل انتفاضته من جديد، وتنزل الجماهير الشعبية للتعبير عن غضبها ومعاناتها ورفضها الشديد لما ألت إليه الأوضاع في العراق من ترديٍ وخراب. فقد غصت الميادين والساحات في العاصمة العراقية بغداد والعديد من المحافظات والمدن بالمتظاهرين الذين حرصوا على سلمية حراكهم الشعبي، رغم ما تعرضوا له من قمع وتنكيل دمويين واستخدام الرصاص الحي مما أوقع أكثر من مائة شهيد وآلاف الجرحى. لقد انتفضت هذه الجماهير الغاضبة بعد أن طفح الكيل وعمت المآسي والكوارث الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية، وطال الدمار كل مفاصل الحياة في هذا البلد العربي المنكوب.
وبالرغم من أن هذه الانتفاضة الأخيرة التي اتسمت بالشمول والمشاركة الشعبية الكبيرة، والحضور الجماهيري الواسع قد جاءت تحت ضغط الواقع المعيشي المزري والصعب، واستفحال الفساد والسرقات ونهب ثروات البلد من قبل الأحزاب الحاكمة والميليشات المتحكمة والاستيلاء على نفطه من قبل الشركات الأمريكية وبناء القواعد العسكرية الأمريكية، الأمر الذي دفع بالملايين من العراقيين للعيش تحت خط الفقر، وحرمانهم من أبسط حقوقهم المعيشية والخدمية مثل الكهرباء والماء والطبابة والسكن والتعليم والوصول بالبلاد إلى حافة الانهيار الشامل، بفعل المنظومة الحكومية الفاسدة والمهترئة، المتولدة من رحم العملية السياسية التي افرزها الاحتلال الأمريكي الصهيوني وتلقفها الاحتلال الإيراني ليذهب بها إلى أسوء مساراتها الطائفية والتخريبية بعد أن توغل في كل مفاصل الحياة السياسية والأمنية والاجتماعية، نقول بالرغم من كل هذه المظالم السياسية والاجتماعية التي حركت الشارع العراقي، فإن هذه الانتفاضة قد كشفت عن أبعاداً وطنية وسياسية شاملة تجلت بوضوح في تلك الشعارات الرافضة لما يتعرض له العراق من محاولات تستهدف استقلاله وسيادته وكرامته وطمس هويته الوطنية والقومية وعزله عن محيطه القومي العربي.
إن الشعب العراقي المظلوم الذي يخرج اليوم منتفضاً في وجه منظومة الفساد والسرقات، يعلن بصوت عالٍ ومدو رفضه للعملية السياسية الطائفية ولكل رموزها وافرازاتها الكارثية التي حلت بالبلاد والعباد، وهو يستصرخ كل الضمائر الحية، وكل القوى المحبة للعدل والمساواة للوقوف معه والانتصار لقضيته العادلة، وإنقاذه من حياة البؤس والشقاء، ومن سلطات القمع والبطش التي افقرت وأذلت هذه الشعب العزيز الكريم، وجعلت منه شعبا معدما في بلد غني بثرواته الوطنية وبتاريخه الإنساني وأرثه الحضاري.
إننا في التجمع القومي الديمقراطي نعيد التأكيد على مواقفنا الثابتة والمبدئية المناصرة لحق الشعب العراقي في حياة حرة كريمة وعادلة ونيل كل حقوقه السياسية والوطنية، ونؤكد على حق المتظاهرين في مطالبهم السلمية والعادلة، وندين بشدة استخدام القمع والعنف ضدهم، وفي هذا المجال نجدد إيماننا بأنه لا مجال لإنقاذ العراق وشعبه وخلاصه من كل الكوارث التي حلت به إلا بخروج كل قوى الاحتلال من أرضه وطرح مشروعاً سياسياً وطنياً شاملاً، يتركز على تحرير العراق ويستوعب كل العراقيين بكل مكوناتهم الاجتماعية والوطنية والسياسية، مشروعاً يقوم على إنقاض العملية السياسية الراهنة، ويضع العراق على طريق الخلاص والنهوض، وتحقيق العدل والمساواة والحرية لكل أبناء الشعب العراقي، ليعود العراق قوياً متحرراً من كل أشكال الهيمنة والاستلاب الوطني والاجتماعي.
عاش العراق حراً عربياً عزيزاً
عاشت انتفاضة الحرية والتحرر والكرامة
عاش الشعب العراقي حراً كريماً
التجمع القومي الديمقراطي
المنامة في 8 أكتوبر 2019