في مثل هذه الأيام قبل ثمانية وستون عاماً عاش الشعب العربي الفلسطيني ومعه الأمة العربية جمعاء أوضاعاً مأساوية ومفجعة شكلت بداية لضياع فلسطين العربية، عندما شرعت القوى الاستعمارية في تنفيذ جريمتها الكبرى ومشروعها الإجرامي على أرض فلسطين، وأعطن الضوء الأخضر للعصابات الصهيونية للمضي في المجزرة التي لم يعرف التاريخ الإنساني لها مثيل في العصر الحديث، حيث جرى أطلاق يد هذه العصابات للإمعان في سفك الدم الفلسطيني واحتلال الأراضي الفلسطينية وتشريد شعبها في بقاع الدنيا وإحلال المهاجرين الصهاينة مكانه في المدن والقرى الفلسطينية.
وقعت هذه الجريمة وسط عجز وخذلان الأنظمة العربية وتواطؤ البعض الأخر منها، مما هيأ للنكبة أسبابها وبروز تداعياتها السلبية على الهوية الوطنية والقومية للشعب الفلسطيني .
تحل علينا هذه الذكرى الأليمة، والتي تتزامن أيضا مع مرور مائة عام على اتفاقية سايكس-بيكو، والوطن العربي يجتاز أوضاعاً مأساوية خطيرة ويمر بمرحلة مخاض عسير، حيث تشهد بعض أقطاره صراعات وحروب أهلية، تتصاعد معها نذر التفكك والانقسام، ومحاولات إعادة رسم خرائط المنطقة سياسياً وجغرافيا، وهي أوضاع جعلت من العرب الطرف الأضعف في المعادلة السياسية الإقليمية والدولية القائمة على المصالح والقوة وليس القيم أو الحقوق، مما أدى الى تراجع القضية الفلسطينية في سلم اهتمامات وأولويات الدول العربية الغارقة من أزماتها ومشاكلها، والتخلي عن تنفيذ التزاماتها القومية تجاه الشعب العربي الفلسطيني، الذي بات يواجه منفرداً كل الضغوط والمحاولات والمؤامرات الأمريكية والصهيونية في فرض وقائع ومستجدات على الأرض بقوة السلاح والاحتلال والاستيطان وانتزاع قرار شرعية الاحتلال لكل الأراضي الفلسطينية وتهويد القدس وجعلها عاصمة للدولة "العبرية" الصهيونية، وطمس مسألة عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم .
إن استمرار مثل هذه الأوضاع العربية بات يشكل خطراً مؤكداً على حاضر ومستقبل الأمة العربية ويهدد القضية الفلسطينية بالضياع والفناء ، من هنا فأن الواجب الوطني والقومي يفرض على كل جماهير الأمة العربية وقواها الوطنية والقومية مساندة الشعب الفلسطيني وتقديم كل أشكال الدعم له من أجل تعزيز صموده وحقه في المقاومة وتحرير أرضه من المحتلين الصهاينة المجرمين، فهذا هو السبيل الوحيد لنصرة القضية الفلسطينية وإفشال كل محاولات التفريط بها وبأرواح الشهداء وكل التضحيات التي قدمها الفلسطينيون وأبناء الأمة العربية لاستعادة فلسطين وكل الحقوق العربية المغتصبة.
أننا ومن منطلق أيماننا بعدالة القضية الفلسطينية وباعتبارها القضية المركزية للدفاع عن وجودنا وأمننا الوطني والقومي، ندعو إلى التمسك بالثوابت الوطنية والقومية في دعم هذه القضية والتصدي بكل السبل لمقاومة نهج التطبيع والاستسلام لهذا العدو العنصري المحتل، كما نطالب القوى الفلسطينية بسرعة أحداث تقدم حقيقي في مسألة المصالحة الفلسطينية وتوحيد صفوفها وأهدافها وتقوية الجبهة الداخلية الفلسطينية على طريق استنهاض كل طاقات المقاومة والممانعة عند الشعب الفلسطيني والعربي وانجاز أهداف التحرير وإقامة الدولة الفلسطينية العربية الحرة وعاصمتها القدس الشريف وفق مشروع وطني وقومي يرتكز على الثوابت الوطنية وحق الشعب الفلسطيني في تحرير كامل الأراضي المحتلة.
عاشت فلسطين حرة عربية
المجد والخلود لشهداء فلسطين والأمة العربية
التجمع القومي الديمقراطي
15/05/2016