في مثل هذه الأيام من كل عام يحيي أبناء شعبنا بكل أطيافه ومكوناته الاجتماعية ، وأبناء الأمتين العربية والإسلامية ومعهم كل أحرار العالم ودعاة الحق والحرية ذكرى عاشوراء يوم استشهاد الأمام الحسين (ع) في معركة كربلاء الخالدة التي جسدت كل معاني البطولة والتضحية رغم كل ما حملته من أهوال ومصائب .
اليوم يقف كل هؤلاء لفتح وقراءة صفحة من صفحات التاريخ المليئة بالقيم النبيلة والمبادئ الإنسانية الرفيعة ، والتعلم كيف تكون الحرية والكرامة ، وكيف تكون الشجاعة والفداء في مواجهة الظلم والاستبداد ورفض الجبروت والانحراف عن قيم الإسلام العظيمة .
أنها وقفة مع التاريخ واستحضار الدروس والعبر حيث تتجاوز الزمان والمكان الى حيث يكون للإنسانية وجود ، والى حيث تكون الضمائر والعقول قادرة على فهم واستيعاب دروس هذه الواقعة الخالدة ، وفي مقدمتها بروز قيم الحق كله في وجه الباطل كله ، والتمسك بكل الفضائل الإنسانية الداعية الى الحرية والعدالة ونبذ الظلم والقهر والفرقة إضافة الى الوعي بأسباب حماية أوطاننا وصيانة وحدتنا في وجه كل أخطار التمزق والاحتراب وشرور الصراعات الطائفية البغيضة.
والتجمع القومي الديمقراطي إذ يشارك شعبنا في أحياء هذه المناسبة العظيمة ، وإذ يعزي كافة أحرار العالم بذكرى استشهاد الأمام الحسين (ع) فأننا نجدد دعوتنا الى كل المدافعين عن قيم العدل والحق بضرورة استحضار كل القيم النبيلة التي جسدتها معركة كربلاء وفي الصدارة منها مقاومة الظالم ونصرة المظلوم والتضحية في سبيل الكرامة الإنسانية والأيمان المطلق بكرامة الإنسان وحقه المقدس في الحياة الحرة الشريفة .
كما نجدد دعوتنا الى أبناء شعبنا الى التكاتف والتوحد من أجل حماية وحدتنا الوطنية والدفاع عنها بكل السبل والترفع عن كل أسباب التنافر والانقسام ، كما ندعو كافة القوى الوطنية السياسية والمجتمعية الى تحمل مسؤوليتها الوطنية والأخلاقية في حماية وتقوية وطننا من خلال التمسك بأسس الإصلاح والتغيير السلمي وبناء دولة القانون والعدل ،القادرة على مواجهة كل مظاهر الفقر والفساد والتمييز والطائفية إضافة الى إصلاح منظومة التعليم والأعلام والثقافة.
فكل هذه القوى مطالبة بالعمل الجاد والمخلص لعودة الوئام والمصالحة بين أبناء شعبنا ، وتعزيز قيم التسامح والعدل والمساواة التي تقوي المجتمع وتحميه من المخاطر والتحديات ، وفي مقدمة هذه التحديات تحدي العنف والتطرف والإرهاب التكفيري التي باتت موجاته تهدد أوطاننا بالغرق والتدمير كان آخرها الاعتداءات الارهابية الإجرامية التي استهدفت بعض الحسينيات في منطقتي الهملة ودمستان بالأسلحة النارية يوم الجمعة الماضي وكذالك ما تعرضت له قرية سيهات القطيف وحي العنود في الدمام في المملكة العربية السعودية من العدوان الارهابي الغاشم وسقط ضحيته عدد من الشهداء والمصابين من المواطنين الابرياء .
والتجمع القومي إذ يدين وبشده هذه الجرائم الارهابية فانه يطالب السلطات الرسمية بضرورة تعقب كل مكامن التحريض ومنابع الحض على الكراهية التي تمارسها قوى الفتنة والتطرف والساعية الى تأجيج نيران الاحقاد الطائفية وتهديد السلم الاجتماعي والوطني.
كما نجدد دعوتنا الى السلطات الرسمية بإعادة النظر في كل إجراءاتها وسياساتها الأمنية والاجتماعية والاقتصادية التي تتسم بالاضطراب وغياب الرؤية الإستراتيجية ، وأن تتحمل مسؤوليتها في وقف ومعالجة كل التداعيات السلبية لمثل هذه السياسات والقرارات التي تدفع المواطن الى مهاوي البطالة والفقر والخوف من المستقبل . وبالتالي زيادة حالة الاحتقان السياسي والاجتماعي التي يعاني منها المجتمع والوطن منذ تفجر الأزمة السياسية وغياب أفق الحلول السياسية ، الأمر الذي يستدعي تجديد مطالبتنا بفتح صفحة جديدة للحوار الوطني الشامل والجاد من أجل الوصول الى حل سياسي وتوافق وطني ينهي حالة الجمود ويضع وطننا على طريق الاستقرار والأمان، وبما يستجيب لمطالب شعبنا في الحرية والعدالة الديمقراطية وبناء دولة المواطنة التي تلبي حقوق وطموحات الجميع دون تعدي أو إقصاء أو تهميش لأي مكون من مكونات مجتمعنا ووطننا العزيز .
19 أكتوبر 2015
التجمع القومي الديمقراطي
5 محرم 1437