في مثل هذه الأيام في التاسع من أبريل عام 2003 ارتكبت الولايات المتحدة الامريكية أكبر جريمة في التاريخ الحديث بغزوها واحتلالها بغداد عاصمة العراق والحضارة الانسانية، وكانت قد بدأت عدوانها الوحشي في 20 مارس 2003، تحت ذرائع وحجج ثبت زيفها.
أثنتا عشر عاماً مرت على هذه الجريمة الذي أقدم عليها المحتلون الامريكان وحلفائهم من الصهاينة والدول والعملاء في حق هذا القطر العربي و شعبه الصابر، وبدعم من بعض الأنظمة العربية التي ساندت الاحتلال وفتحت للعدوان أراضيها وأجوائها، وكذلك تواطؤ بعض الدول الاقليمية وخاصة إيران التي تعاونت مع الاحتلال على تدمير كل مقومات الحياة في هذا البلد ومن ثم حصاد ثمار هذا العدوان والاحتلال على أوسع نطاق، كما هو حاصل اليوم في المشهد العراقي وعلى كل المستويات السياسية والأمنية والعسكرية.
حيث كشفت العمليات العسكرية الأخيرة في مدينة تكريت لتحريرها من داعش الإرهابية حجم التمدد والدور المباشر والخطير الذي تقوم به إيران وظهور قادتها العسكريين والسياسيين في هذا المشهد بشكل غير مسبوق؟؟ بعد أن كانت تمارس وصايتها وتفرض املاءاتها من خلف الستار ومن خلال أذرعها السياسية والأمنية المنفذة لسياساتها.
لقد كانت حصيلة الاحتلال سقوط مئات الآلاف من الشهداء والجرحى، والملايين من المشردين والأرامل واليتامى، وتدمير كل مؤسسات الدولة العراقية العسكرية والأمنية والفكرية والثقافية وكذلك هدم كل منظومة القيم الوطنية والقضاء على كل المنجزات العلمية والحضارية التي تحققت على مدى عقود في ظل النظام الوطني والقومي الذي أسقطه المحتل الامريكي.
وبهذا الاحتلال وجرائمه العديدة والمتواصلة حتى الوقت الراهن، عرف العالم وتأكد له زيف أكاذيب المحتلين، القادمين من وراء البحار حاملين أطماعهم ومشاريعهم الاستعمارية التوسعية في الهيمنة على كل مقدرات هذا البلد العربي.
أننا اذ نستذكر هذه الفضائع التي مارستها اّلة الحرب والدمار الامريكية، والأوضاع المأساوية التي خلفتها على كل الأصعدة وادخال العراق في نفق الظلام والتخلف والفقر والجوع، أنما أردنا أن نذكر جماهير شعبنا وأمتنا وكل أحرار العالم بهول الجريمة وحجم الانتهاكات الصارخة التي تعرض لها الشعب العراقي، وكذلك حجم الافرازات والتداعيات التي تركها الاحتلال عندما ساق ادعاءات كاذبة ومزيفة قبل الاحتلال، وعندما تعمد جعل العراق ساحة للقتل والعنف الطائفي، أثناء وبعد الاحتلال، حيث قام بتدمير المجتمع العراقي وأعاد تشكيل البلاد وفق تقسيمات طائفية وعرقية، وفتح أبواب العراق أمام القوى الارهابية التكفيرية مثل "القاعدة" و "جبهة النصرة" وأخيراً "داعش" التي تفوقت في الاجرام وفاقت جرائمها كل الحدود، واستطاعت أحكام قبضتها على بعض المدن العراقية الكبرى مثل الأنبار والموصل وصلاح الدين.
وهكذا أصبح العراق اليوم رهينة في يد العصابات الارهابية والمليشيات الطائفية، وغابت عنه كل مظاهر الأمن والاستقرار بعد أن دخل في نفق مظلم من الصراعات والحروب الطائفية وصار مرتعاً للفساد والسرقات على يد حكامه الجدد، واستشراء مظاهر السلب والنهب وسرقة المال العام.
في هذه الذكرى الأليمة اذ يجدد التجمع القومي الديمقراطي ادانته للعدوان والاحتلال الوحشي، وأمام تفاقم التداعيات الخطيرة التي نجمت عن هذا الاحتلال، يؤكد انه لا سبيل اليوم لخلاص العراق وشعبه من محنته سوى اعادة التفاف ووحدة الشعب العراقي بكل مكوناته الوطنية حول هدف تحرير العراق، وحماية سيادته واستقلاله، ووحدة أراضيه، بعيداً عن أي اصطفافات طائفية أو عرقية، ومن ثم بناء حكم وطني ديمقراطي تعددي حقيقي على اتفاض حكم المحاصصة الطائفية، وكذلك التوحد في مواجهة والقضاء على الارهاب البغيض الذي جاء به المحتل، والتخلص من كل القوانين الجائرة مثل قانون الاجتثاث والمساءلة والعدالة وغيرها، والمشاريع الأخرى التي تنتهك الحريات وحقوق الانسان العراقي وإعادة كتابة دستوري وطني وتشكيل حكومة وحدة وطنية، لتمكين الشعب العراقي من تقرير مصيره بنفسه، وبناء مؤسساته الشرعية وفق ارادته الحرة بعيداً عن كل الوصايات والتدخلات الخارجية سوى تلك القادمة من الغرب الاستعماري أو تلك القادمة من البوابة الشرقية.
التجمع القومي الديمقراطي
9 أبريل 2015