جاءت الأحداث المتسارعة الجارية في القطر العراقي الشقيق، والثورة الشعبية التي تفجرت في بعض المحافظات خاصة نينوى وصلاح الدين والأنبار لتؤكد على سلامة موقف التجمع القومي مما يجري في هذا البلد العربي والذي أكدنا عليه وتمسكنا به منذ احتلاله عام 2003، والمتمثل فيما يلي:
الحقيقة الأولى والجوهرية التي لم تكن يوماً غائبة عن أيماننا ووعينا وهي ان احتلال العراق عام 2003 من قبل القوات الامريكية الغازية والإجهاز على الدولة الوطنية العراقية بما تمثله من مشروع وطني وقومي وتقدمي، كان عملية انقضاض استعماري صهيوني على الفكر الوطني والقومي بعمقه الروحي والحضاري باعتباره الإطار الموحد لكل مكونات الأمة الدينية والعرقية والمذهبية، وان تدميره على يد الغزاة المجرمين قد جعل الأبواب مشرعة امام كل نزاعات التقسيم والإرهاب والاحتراب الأهلي، وإطلاق العنان لكل الغرائز والأحقاد المدمرة. لقد كان احتلال العراق قراراً صهيونياً بأداة تنفيذ أمريكية وقوى طائفية مدفوعة بشهوات جامحة للثأر والانتقام وتصفية الحسابات، خاصة التصفيات الدموية، الأمر الذي حول العراق إلى ساحة من ساحات الإرهاب والقتل على الهوية.
أن الشعب العراقي وعلى اختلاف طوائفه ودياناته وقومياته عانى ومنذ الاحتلال من شتي صنوف القمع والتصفيات الدموية والفقر والتهميش والإقصاء في ظل حكم أحزاب طائفية مقيتة مزدوجة العمالة والارتهان للخارج، عملت كل ما في وسعها على سرقة ثروات وخيرات العراق وتدمير مقدراته، وكرست عبر دستور بريمر المحاصصة الطائفية، وفتحت الباب واسعا أمام الهيمنة الإيرانية الفعلية على مقدرات العراق بالتنسيق مع الاحتلال الأمريكي، وهو تنسيق يتجدد اليوم بعد التطورات الراهنة.
لذلك، فأن الشعب العراقي ومقاومته الباسلة وبعد أن نجحا في فرض الانسحاب الأمريكي عام 2009، واصلا مقاومتهما من اجل إنهاء الحكم الطائفي والمرتهن للخارج والسارق لثروات وخيرات البلد. وإزاء استمرار وتراكم كافة أشكال القمع والإرهاب والفقر والتهميش والفساد التي تمارسها حكومة المالكي وتفشيها بين كافة طوائف وشرائح الشعب، كان لا بد أن تتفجر ثورة شعبية عارمة، حيث أنتفض أبناء العشائر متلاحمين مع فصائل المقاومة الوطنية والقومية والإسلامية لمواجهة الظلم والحرمان والتصدي لنزاعات التسلط والاستبداد الذي يتعرض له شعب العراق في كافة المحافظات ورأينا كيف انهارت قوات الجيش أمام غضب ثورة الشعب وهروبها من المواجهة، ليس خوفا أو جبنا وإنما لأنها قد لا تشعر بوجود قضية وطنية تدافع عنها في هذه المعارك.
أننا في التجمع القومي إذ نؤكد اليوم على هذه المواقف، فأننا نشدد في الوقت نفسه على ضرورة بقاء الثورة الشعبية في العراق مشدودة لأهدافها الوطنية المشروعة في القضاء على بقايا الاحتلال والحكم الطائفي الفاسد والمتسلط على رقاب الشعب مع رفض كافة أشكال الاحتراب الطائفي، وندعو لضرورة إعلان كافة القوى المشاركة في الثورة حرمة الدم العراقي في كل الظروف والأحوال ورفض كافة دعوات الاقتتال الطائفي واستثارة النعرات الطائفية. كذلك إعلانها التمسك بوحدة التراب العراقي ورفض التقسيم بكل عناوينه. كما نؤكد رفضنا لإضفاء صفة الإرهاب على هذه الثورة وأدانتنا لكافة القوى التكفيرية والإرهابية وأعمالها الإجرامية التي تسعى من خلالها لتحريفها عن أهدافها الوطنية المشروعة، بمن فيها ما يسمى بداعش أو غيرها التي يسعى إعلام حكومة المالكي وأعوانه إلى تضخيم دورها من أجل بث الرعب بين الناس وتخويفهم وإجهاض هذه الثورة الشعبية.
أيضا في الوقت نفسه، نؤكد رفضنا التام للتدخلات الخارجية بكافة أشكالها وخاصة التهديدات الأمريكية والإيرانية للتدخل في شئون العراق الداخلية خصوصا بعد أن سارع المالكي وأعوانه بالاستنجاد بهما كاشفا حقيقة عمالته المزدوجة وهشاشة حكمه. كما ندين في الوقت نفسه محاولات تحويل العراق إلى ساحة لصراع القوى الإقليمية وتصفية الحسابات على حساب سفك الدم العراقي وتعميق جراحاته والآمه وتضحياته.
ونحن على يقين بان الشعب العراقي الذي قاوم الاحتلال والظلم والظلام لن يخضع يوماً للإرهاب، وانه سوف لن يساوم على نقاء ووطنية ثورته ومقاومته، وانه لن يتخلى عن نضاله لانتزاع حقوقه المشروعة التي أغتصبها وانتهكها الاحتلال وحكوماته المتعاقبة وان مسيرة الثورة لن تتوقف وسوف تستمر وتتواصل الآن وفي المستقبل حتى إعادة العراق إلى وضعه الطبيعي، عراق حر عربي متسامح وموحد يتسع لجميع الأديان والطوائف والقوميات، قائم على حكم الشعب التعددي الديمقراطي الحر المستقل الذي لا مكان فيه للحكم الشمولي والإقصاء والتمييز والتسلط والتفرد، وبما يمكنه من استئناف ممارسة دوره الوطني والقومي والإنساني والحضاري،
تحية لشعب العراق الصابر المجاهد،
عاشت وحدة العراق وعروبته
المجد والخلود لشهداء العراق والأمة العربية
التجمع القومي الديمقراطي
17 يونيو- حزيران 2014