في هذا اليوم العشرين من آذار (مارس)2013 م ارتكبت الولايات المتحدة أكبر جريمة في التاريخ المعاصر ببدء عدوانها الهمجي الغاشم على العراق الشقيق، أي عقد من الزمن قد مر على هذه الجريمة التي قام بها المحتلون الأمريكان وحلفاؤهم من الدول والعملاء في حق هذا القطر العربي وشعبه الصابر، وبدعم من بعض الدول العربية التي ساندت الاحتلال عبر فتح أرضيها وأجواءها لعبور قواته، وتواطؤ الدول الإقليمية التي تحالفت مع الأمريكان لتدمير كل مقومات الحياة في هذا البلد، خاصة النظام الإيراني الذي حصد ثمار هذا العدوان على أوسع نطاق وبات يشارك اليوم في احتلال العراق، مما أدى إلى سقوط الآلاف من الشهداء والملايين من المشردين بعد أن دمرت البيوت فوق رؤوس ساكينها، وجرى تدمير كل مؤسسات الدول العراقية، ونهب المتاحف وإحراق المكتبات، ومصادرة المنجزات العلمية والحضارية التي تحققت على مدى عقود، على يد النظام الوطني والقومي الذي أسقطه المحتل الأمريكي، حيث جرى تشريد العلماء والكفاءات وقتلهم، وإمعان قوات الاحتلال في أساليب القتل والإذلال، وممارسة كل صنوف الاعتقال والتعذيب واغتصاب النساء، في أبشع جريمة عرفتها الإنسانية كشفتها ممارسات الغزاة وعملائهم في سجن أبوغريب وغيرها من السجون والمعتقلات الأمريكية المنتشرة في طول وعرض العراق.
وبهذه الجرائم عرف العالم وتأكد له زيف وأكاذيب المحتل، الذي جاء حاملاً أطماعه ومشاريعه الاستعمارية في السيطرة على ثروات العراق وفي المقدمة منها البترول، بالإضافة إلى إنهاء الدور الوطني والقومي للقطر العراقي في دعم القضايا القومية، الذي كلن يلعبه بفعل موقعة الإستراتيجي وثقله السياسي والاقتصادي، إننا نستذكر هذه الفظائع التي ارتكبها الاحتلال والأوضاع المأساوية التي خلفها على كل المستويات بعد الحرب غير المشروعة والظالمة التي تعرض لها العراق، إنما أردنا أن نذكر جماهير شعبنا وأمتنا وكل أحرار العالم بحجم الانتهاكات الصارخة التي تعرض لها الشعب العراقي على يد المستعمرين الأمريكان، والتي تصل إلى مستوى الإبادة الجماعية، وهو ما يعني في عرف القانون الدولي (جريمة حرب) لوحشية هذه الحرب التي شنت على العراق دون أي سند قانون أو شرعي، يتحمل من قام بها وارتكبها وساهم في ارتكابها أو حرض عليها من الدول والقوى والأفراد مسئولية جنائية وأخلاقية ويعتبر مجرم حرب يستحق الملاحقة والمحاكمة والعقاب.
كما يعني في عرف هذا القانون أيضا حق شعب العراق وطنياً وأخلاقيا في استخدام كل الوسائل وفي المقدمة منها المقاومة المسلحة دفاعاً عن حقه وتقرير مصيره، والحصول على حريته واستقلاله، خاصة بعد افتضاح أمر الاحتلال وسقوط كل الذرائع والأكاذيب التي ساقها لشن الحرب والعدوان والاحتلال، حيث سقطت كذبة ((أسلحة الدمار الشامل)) وسقطت كذبة ((الحرية والديمقراطية)) وسقطت كذبة ((العلاقات المزعومة مع تنظيم القاعدة)).
وإنطلاقاً من كل هذه الحقائق دعمنا ولازلنا داعمين ومساندين لحق شعب العراق ومقاومته الوطنية، والتي يعود لها الفضل الأول في هروب المحتل الأمريكي بقواته النظامية السياسية بعد أن تعرض إلى هزيمة مدوية على مختلف الأصعدة العسكرية والاقتصادية والأخلاقية، فقد كانت المقاومة الوطنية العراقية تمثل إرادة وإصرار الشعب العراقي على رفض الاحتلال، الذي وإن غادر العراق مكرهاً إلا أنه لايزال مستمراً بأشكال وصور مختلفة، منها هيمنة الشركات الأمريكية والغربية على الثروات البترولية العراقية بصورة مطلقة، كذلك هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على القرار السيادي للعراق بعد أن جرى تكبيله باتفاقيات أمنية واقتصادية، وفوق هذا وذاك، تعمد المحتل جعل العراق ساحة للقتل والعنف الطائفي، بعد أن دمر المجتمع العراقي وإعادة تشكيل البلاد وفق تقسيمات طائفية بتركيبته السكانية، وفتح أبواب العراق أمام القوى الإرهابية والتكفيرية المسئولة عن كل التفجيرات الإجرامية الدموية التي يتعرض لها العراقيين الأمنيين على امتداد أرض العراق، مما حول العراق إلى رهينة بيد هذه العصابات الإجرامية، وغابت عنه كل مظاهر الأمن واستقرار، وتحول الشعب العراقي في غالبيته إلى العيش تحت دون مستوى خط الفقر، بعد تزايد عمليات السلب والنهب وسرقة المال العام، ودخول العراق في نفق مظلم من الفساد والاحتزاب السياسي والطائفي، الذي أمتد إلى القوى العميلة الحاكمة التي صارت اليوم تتصارع على النفوذ والتسلط، وبلغ مستوى من التصفيات الجسدية والسياسية بين أطراف العملية السياسية الوهمية التي راحت تتهاوى وتنكشف معها حجم مأساة ومعاناة الشعب العراقي طوال عشرة سنوات من عمر الاحتلال ومخلفاته.
من هنا فأن العراق وشعبه ومعه جماهير الأمة العربية، سيكون على موعد مع النصر والتحرير التام، الذي سوف يكتمل فقط بخلاص العراق من كل مخلفات وتركات المحتل، وسيكون أحد أهم أهداف مشروع المقاومة العراقية الوطنية إعادة رسم تاريخ العراق ومسيرته الوطنية والقومية، واستعادة دوره الحضاري والإنساني، وإننا على ثقة بأن تصاعد التظاهرات والمسيرات الشعبية في العديد من المدن العراقية في الأنبار والموصل وكركوك والبصرة وغيرها من المحافظات والتي مضى عليها أكثر من ثلاثة شهور، سوف تسهم في إنضاج ثورة هذا الشعب الذي يرفض الظلم والاستبداد، وبات من المهم أن تجسد هذه التظاهرات إرادة ووحدة الشعب العراقي بكل مكوناته الوطنية، بعيداً عن أية اصطفافات طائفية أو عرقية، وأن يكون هدفها تأكيد وحدة العراق واستقلاله، وبناء حكم وطني ديمقراطي تعددي حقيقي على أنقاض حكم المحاصصة الطائفية البغيض الذي خلفه المحتل.
التجمع القومي الديمقراطي
البحرين
20-3-2013