تهل علينا هذا اليوم ذكرى الخامس من مارس 65، أحد أهم الصفحات النضالية الناصعة في السجل الكفاحي للشعب البحريني الذي عشق النضال وتتطلع إلى الحرية والعدالة وقدم الكثير من التضحيات وتحمل مختلف صنوف القتل والتعذيب والاعتقال والأبعاد من الوطن من أجل حياة حرة كريمة قوامها العدل والمساواة.
أننا كقوى وطنية ديمقراطية ومعنا كل جماهير شعبنا اذ نحتفي بهذه المناسبة الخالدة، فأننا نستحضر معها وهج انتفاضة شعبنا في يوم 5 مارس من عام 65 يوم أن خرجت الجماهير الكادحة من مختلف فئات الشعب في المدن والقرى لتعبر عن غضبها وتذمرها من الأوضاع المزرية التي كان الشعب يرزح تحت وطئتها، وهي الانتفاضة التي كانت ارهاصاتها قد تجمعت وتراكمت بفعل التطورات والتحولات السياسية والاجتماعية التي خلفتها تجربة هيئة الاتحاد الوطني عام 1956 قبل أن تتعرض للقمع والتصفية.
كانت انتفاضة مارس بحق أحد المحطات النضالية في تاريخ شعب البحرين، التي واكبت الوعي الوطني والقومي التحرري في العديد من الأقطار العربية التي تفجرت فيها الثورات ضد الاستعمار والقمع والفساد كما هو الحال في مصر والعراق والجزائر وبذلك مثلت انتفاضة مارس صرخة ضد جور وتعسف المستعمر وأعوانه وعكست رغبة هذا الشعب في الانعتاق من نير وظلم المستعمر الغاشم!! وكان تفاعل القوى التقدمية والقومية مع هذه الانتفاضة قد نقلها من مرحلة العفوية إلى مرحلة التخطيط والقيادة للتظاهرات والاحتجاجات التي عمت مناطق متفرقة من البحرين.
فقد كانت السياسات الجائرة والظالمة بحق القوى العاملة البحرينية هي الشرارة التي إلهبت مشاعر شعب البحرين عندما قامت شركة بابكو بفصل وتشريد العديد من العمال، مما ساهم في تغذية مظاهر الاحتقان والاستياء في الشارع البحريني الذي خرج في تظاهرات ومسيرات شملت العمال والطلاب في المدارس وقطاعات كثيرة من الشعب البحريني الذي كان مسلحاً بالأيمان وعدالة المطالب ومشروعية الحقوق التي قابلها المستعمر بكل وحشية وقام باستخدام الرصاص ضد المتظاهرين العزل سقط على أثرها العديد من الشهداء الأخيار الذين روت دماءهم الزكية ارض المحرق وستره والمنامة في واحدة من أجل وأبهى الصور التي تعكس وحدة هذا الشعب بكل أطيافه ومكوناته والرافض لكل أشكال الطائفية والمذهبية التي يصر البعض اليوم على إغراق البلد في أوحالها، كما لجأ المستعمر إلى استخدام الغازات الخانقة المسيلة للدموع وقام بملاحقة المناضلين والزج بهم في السجون والمعتقلات دون أي تهم ودوم محاكمات. وهكذا تتعدد محطات حراك شعبنا في مسيرته الوطنية وتتمدد التجارب النضالية في خط متواصل يربط ما بين الأمس واليوم حيث يعيش بلدنا وشعبنا أزمة سياسية ودستورية، تفاقمت مع إصدار السلطة على مواقفها الرافضة لاتخاذ أي خطوات إيجابية تجاه المطالب المشروعة لشعبنا في قضايا الإصلاح السياسي الحقيقي ولم يكن تفجر الأحداث في 14 فبراير 2011 سوى رد على الخلل الفاضح في البنيان السياسي والدستوري في البلاد وكان لجوء السلطة إلى التعامل مع مطالب ومظالم الشعب عبر خيار القمع والقبضة الحديدية قد أدخل البلاد في أزمة سياسية واجتماعية خانقة تأكل معها رصيد وحدتنا الوطنية والنضالية لحساب مصالح فئوية وطائفية، وتراجع معها مستوى الحريات وتزايدت انتهاكات حقوق الأنسان ومظاهر الفساد الي بات يستنزف ثروات البلد ويسهم في تردى الأحوال المعيشية والاجتماعية للمواطنين.
ونحن في التجمع القومي الديمقراطي إذ نعبر عن انحيازنا التام إلى جانب مطالب شعبنا العادلة التي كانت وراء تحركه منذ عقود، فأننا نجدد دعوتنا إلى ضرورة أحداث تغيير جوهري يقود إلى نظام سياسي ودستوري عادل يستوعب الجميع دون أي اقصاء أو تهميش لأي مكون من مكونات المجتمع البحريني ووضع أسس الدولة المدنية الديمقراطية التعددية، كما نؤكد تمسكنا بالحوار كخيار ومنهج في أطار رؤيتنا الوطنية للحل السياسي بعيداً عن أية أصطافافت مذهبية أو طائفية ونطالب السلطة بوقف التصريحات التي تزج بالحوار في طريق مسدود، وتؤدي إلى إرباكه وإجهاض فرص نجاحه والتجاوب مع رؤى ومبادرات القوى الوطنية المعارضة، في أعادة صياغة الهياكل السياسية والتشريعية وتحديث الدولة على أسس ديمقراطية تصون الحقوق والكرامة الإنسانية وتعلي من قيم التسامح والعدالة بما يساعد على حل الأزمة الراهنة ويقربنا من الاستقرار وتحصين وضعنا الداخلي من كل المخاطر والتحديات الداخلية والخارجية، ولن يكون ذلك ممكناً سوى بوجود سلطات تشريعية تمتلك كامل الصلاحية وحكومة تمثل الإرادة الشعبية، وتوزيع عادل للدوائر الانتخابية ووقف كل السياسات والقرارات التي تودي إلى تنامي حالات الأحتقان السياسي والاجتماعي وزيادة موجات العنف والعنف المضاد المرفوض نهائياً وفق كل الظروف وعلى كل المستويات.
وأخيرا نؤكد على ضرورة تمسكنا بالوحدة الوطنية وحمايتها وعدم الزج بها في أتون الصراعات السياسية والتجاذبات المذهبية وندعو إلى عودة الانسجام والوئام بين أبناء الوطن الواحد لتجنيب بلدنا الكثير من الأخطار التي تحيق به وبالمنطقة.
جمعية التجمع القومي الديمقراطي (القومي)
5 مارس 2013 / مملكة البحرين