بيان صادر عن التجمع القومي الديمقراطي
حول تطور الأحداث في العراق
في هذه الظروف المفصلية التي تمر بها المنطقة العربية يجتاز القطر العراقي الشقيق فترة مصيرية، حيث أحدث تراكم سنوات من الاحتلال والتدمير وانهيار البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية والسرقات والفساد والفقر والمحاصصة الطائفية وهيمنة القوى الطامعة موجةً من السخط الشعبي تفجر في انتفاضات جماهيرية عارمة.
فمنذ أن وطأت أقدام الاحتلال هذا البلد وأسقط نظامه الوطني والقومي باني العراق الحديث، وبعد كل قراراته الجائرة بحل الجيش العراقي وكل مؤسسات الدولة وما خلفته هذه القرارات من تمزق النسيج العراقي وبروز النزاعات الطائفية والعنصرية، منذ ذلك الوقت والعراق يتهاوى يوماً بعد أخر في جحيم أزمات لا نهاية لها، وليست الصراعات الطائفية والعنصرية المتفاقمة بين أطراف ما يسمى بالعملية السياسية التي أوجدها المحتل سوى أحد الوجوه العديدة في هذه الأزمات التي تحولت إلى معول هدم لكل مقومات الدولة العراقية، وبروز سلطة الأحزاب والميلشيات التي اعتمدت نهج القمع والأستبداد وسيلة للهيمنة على قرار البلد وموارده ومقدراته، وعلى أخطبوط الفساد الذي ابتلع ثروات العراق وترك الشعب العراقي يعاني الفقر والتجويع والحرمان من أبسط الخدمات.
الأمر الذي يؤكد حجم وخطورة تركة المحتل وإفرازاته وخاصة طبيعة وشكل الحكومات الفاسدة والفاقدة للشرعية التي أوكل لها مهمة إدارة شئون العراق وتقرير مصيره، وهي بدون شك تركة ثقيلة ومأساوية، ولعل أوج هذه الماساة والخطورة تكمن في تسليم العراق لقمة سائغة للنظام الإيراني وأجهزة مخابراته التي تعمل على تنفيذ أجندته السياسية في هذا البلد، بالتعاون والتنسيق مع قادة بعض القوى والأحزاب من الذين تنعدم عندهم السمات الوطنية.
وقد جاءت تظاهرات الأحتجاجية الأخيرة التي عمت العديد من المحافظات العراقية مثل الأنبار والموصل وسامراء وكركوك وبغداد، تعبيراً عن عمق إستياء أبناء الشعب العراقي من سياسات التسلط والأستثار التي تمارسها حكومة المالكي، وتغول أجهزتها الأمنية والبوليسية في قمع الشعب وقواه السياسية والاجتماعية عبر حملات الاعتقال والتصفيات الجسدية والسياسية لكل المناوئين لسياسات هذه الحكومة والتي طالت الرجال والنساء اللواتي تعرضن للتعذيب والأغتصاب.
وإننا اذ نحي الشعب العراقي ومقاومته الباسلة بكل أطيافها ومكوناتها والتضامن مع حراكه الشعبي ضد الظلم والأستبدد والفساد، فأننا نشدد على ضرورة أن يكون هذا الحراك وطني خالص ومعبر عن الإرادة الوطنية الحقيقية والجامعة للشعب العراقي، وهي الإرادة العابرة للمناطق والطوائف، والرافضة لكل سياسات وقرارت المحاصيصة الطائفية والعرقية التي أوجدها المحتل، والتي تتعارض مع أبسط مبادىء الديمقراطية والعدالة والمساواة بين المواطنين.
كما نجدد دعمنا للمقاومة العراقية الوطنية، التي أستطاعت الحاق الهزيمة المنكرة بالمحتلين الأمريكيين وحلفائهم، وصار عليها إنجاز هدف التحرير التام للعراق واستكمال المهام الوطنية الأخرى، وعلى رأسها إعادة توحيد العراق وحماية عروبته وصيانة هويته القومية، ليعود العراق حراً مستقلاً موحداً وديمقراطياً، عربي الأنتماء، ومواجهة كل مخلفات الاحتلال، والهيمنة الإيرانية، والقوى الإرهابية والتكفيرية التي تعيث في العراق قتلاً تحت يافطة "الجهاد" المزعوم، وهي اليوم مسئولة مع عملاء المحتل عن كل التفجيرات الإجرامية التي تضرب المدن العراقية وتستهدف الناس الأبرياء في الأسواق والمساجد والحسنيات دون وازع من ضمير.
لقد كانت قوة العراق ووحدته الوطنية، وصلابة وصدقية مشروعه النهضوي القومي والحضاري سبباً رئيساً في العدوان عليه وإحتلاله، واليوم لا سبيل أمامه ليعود إلى هذه المكانة سوى طريق التحرير والوحدة والتمسك بعروبته وحرية شعبه وإختيار الديمقراطية والعدالة والمساواة طريقاً للنهوض من جديد.
التجمع القومي الديمقراطي
البحرين
13-1-2013م