عقدت الأمانة العامة اجتماعاً طارئاً مساء يوم السبت الموافق الثالث من أغسطس 2013م لبحث أخر التطورات والمستجدات على الساحة المحلية وتداعياتها السياسية والأمنية والاجتماعية، وقد أقرت الأمانة العامة ان المشهد السياسي العام في البلاد يزداد تأزماً واحتقاناً، وإن أجواء سياسية موبؤئة ومشحونة بالتحريض وإشعال نار الاحقاد والعصبيات المذهبية تلقي بظلالها على هذا المشهد، وهي مسئولة عن تصاعد مظاهر العنف وتنامي صور الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي تتجسد في كثرة الاعتقالات والمداهمات للمنازل ومحاصرة القرى، خاصة في أعقاب الانفجار الذي حدث في الرفاع الغربي، وكان يرمي الى تحقيق أهداف شريرة وإجرامية لأبد من رفضها وإدانتها أياً كانت الجهة التي تقف خلفه.
ان الوضع الراهن المضطرب سياسياً وأمنياً، يجعل الوطن كله أمام تحديات وخيارات تأريخية، فأما أن يتخطى هذه المرحلة الخطيرة، عبر تصحيح المسار السياسي والديمقراطي والدستوري، والتراجع عن أولوية الخيار الأمني المكلف سياسياً وإنسانياً ومادياً، والعودة الى حياة سياسية عادلة ومستقرة، تضمن حقوق كل المكونات والأطياف السياسية والمجتمعية او الانزلاق الى حقبة خطيرة من الاستقطاب والصراع الداخلي، وصولا الى مرحلة الانفجار الذي يصعب التكهن بنتائجه المدمرة على المجتمع.
وفي ضوء القراءة الواعية للأمانة العامة في التجمع القومي لمجمل التطورات السياسية والأمنية في البلاد، وانطلاقا من مرجعيتها الوطنية والثوابت المبدئية التي تحكم رؤيتها للأزمة بكل جوانبها السياسية والدستورية وأبعادها الاجتماعية، فأننا نرى ان جذور الأزمة وأسبابها الرئيسة منذ انطلاقها قبل ما يزيد على عامين تعود الى غياب الديمقراطية واحتكار السلطات والثروات، وكذلك الى سطوة قوى الاستبداد والفساد التي تشكل عقبة رئيسة أمام أي إصلاح سياسي او تغيير ديمقراطي والمسئولة عن تخريب كل الجهود المخلصة الداعمة للحوار الوطني باعتباره الطريق الوحيد الموصل الى الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي في البلاد.
كما ان استمرار الأزمة وتصاعد حدتها في الوقت الراهن يعود الى غياب التوافق بين القوى السياسية والمجتمعية على الصيغة السياسية الديمقراطية العادلة التي تستجيب لمطالب الشعب في حياة حرة وكريمة، وتلبي شروط المواطنة الدستورية التي تساوي بين المواطنين كافة دون إقصاء او تمييز او تهميش.
كما يجب عدم اغفال النزعات و الدعوات المحرضة على الانتقام وتسعير الجنون الطائفي عبر الشحن الإعلامي الذي يقوم به الإعلام الرسمي والصحف الدائرة في فلكه، والمستمرة في نشر الكراهية الطائفية والاجتماعية بين ابناء الوطن.
وأخيرا فأن غياب التعاطي الواعي والموضوعي مع المعطيات الحقيقية المحيطة بالوضع الداخلي والإقليمي والدولي، وغياب الإرادة السياسية الجدية في حل الأزمة سياسياً، كل ذلك يعد من الأسباب المسئولة عن حالة الجمود السياسي وتصاعد التوتر الأمني. وفي أعقاب مناقشات مستفيضة ومعمقة لمجمل هذه الأوضاع أكدت الأمانة العامة على المواقف التالية:
· يؤكد التجمع القومي انه لا سبيل للتخلص من الحالة المأزومة سياسياً وأمنياً واجتماعياً سوى طريق الحوار الجاد الذي يفتح الباب أمام الوطن للانتقال الى الأمام عن طريق الديمقراطية التي تؤمن بالتعددية وتحترم اختلاف وجهات النظر بعيدا عن لغة العنف او الاحتكام الى خيار القبضة الأمنية ومسار القمع والتنكيل.
· يؤكد التجمع على مبدأ الدولة المدنية الديمقراطية التي تحفظ حقوق المواطنين كافة بغض النظر عن انتماءهم السياسي او المذهبي، ويؤكد على المواطنة المتساوية والالتزام بأسس ومنطلقات الديمقراطية التي يكون فيها الشعب مصدر السلطات، مع وجود مجلس منتخب كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية، وكذلك وجود دوائر انتخابية عادلة محكومة بنظام انتخابي عادل، بالإضافة الى وجود قضاء عادل ونزيه وغير مسيس.
· يؤكد التجمع القومي على تمسكه بوثيقة مبادئ اللاعنف التي أصدرها مع جمعيات القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة، كما يرفض ويدين بشكل صريح لا لبس فيه كل أشكال صور العنف ومصادره والجهات التي تقف خلفه، كما يؤكد رفضه كل الشعارات والدعوات المحرضة على الطائفية، التي من شأنها تعميق الشرخ الوطني وزيادة حدة الاستقطاب والاحتقان المذهبي.
· يطالب التجمع القومي بوقف كل الاجراءات والسياسات التي يتم من خلالها استباحة حرمة المنازل والناس الأمنيين في بيوتهم، ويعبر عن قلقه من تزايد حالات المداهمات والاعتقالات التعسفية التي تدفع بالبلاد الى مزيد من تفشي مظاهر العنف المضاد، كما يدعو الى محاسبة كل المسئولين عن ممارسات التعذيب والتخلي عن سياسات الإفلات من العقاب.
· يؤكد التجمع القومي على رفضه التام لكل الاجراءات او القرارات التي يراد بها تشديد القيود على الحريات واستهداف المواطنين بسبب انتماءاتهم السياسية والعقائدية تحت ذريعة مكافحة الارهاب، وبما يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان والمواثيق الدولية، وهو ما جسدته للأسف التوصيات الصادرة عن المجلس الوطني الذي مارس دور لا شعبيا في تقييد الحريات ومصادرتها.
ويرى ان بعض الدعوات والتصريحات التي صدرت عن بعض النواب في جلسة المجلس الوطني الاستثنائية لا تصب في خدمة هدف تهدئة الأوضاع، او خفض منسوب التوتر السياسي والاحتقان الطائفي الذي بات يهدد وحدتنا الوطنية، كما يرى في تلك الدعوات والمواقف المحرضة على القمع والانتقام خروجا عن دور المجالس الوطنية في تقوية اللحمة الوطنية، ودعم المطالب المشروعة والعادلة لفئات الشعب المطالبة بالحرية والعدالة وحرية الرأي والتجمع السلمي.
· يؤكد التجمع القومي على أن حل الأزمة يجب أن يكون حلاً وطنياً خالصاً نابعاً من إرادة شعب البحرين بكل أطيافه ومكوناته السياسية والمجتمعية، ويؤكد رفضه لأي تدخلات خارجية في الشئون الداخلية للبلاد.
وعلى صلة بهذه النقطة الجوهرية فأن التجمع القومي يرى أن مبادرة الدولة لطرح مشروع للحل السياسي او مبادرة وطنية، وبدلا من مواصلة تفضي الخيار الأمني العقيم والمكلف سياسات واجتماعيا واقتصاديا، من شأنها أن تفتح الطريق أمام الحلول السياسية القادرة على توفير الاستقرار والأمن وصون الوحدة الوطنية وحماية النسيج الوطني من مخاطر الانقسام والتمزق، كما يأتي على رأس قائمة تلك المبادرة الوطنية التطبيق الحقيقي والكامل لتوصيات لجنة تقصي الحقائق، وتوصيات اجتماع جنيف، وفي مقدمتها إطلاق سراح كافة معتقلي الرأي وإعادة المفصولين والتعويض العادل للشهداء والاقتصاص من المعذبين والجلادين وتحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية ووقف التحريض الإعلامي، وكما يرى التجمع القومي ان المنطلقات السياسية لوثيقة المنامة التي أصدرتها الجمعيات الوطنية المعارضة، ومرئيات التيار الوطني الديمقراطي ومبادرة ولي العهد بنقاطها السبع المعروفة، يمكن أن تشكل جميعها أساس موضوعي لأي مبادرة وطنية تخرج البلاد من أزمته الراهنة.
الأمانة العامة
التجمع القومي الديمقراطي
البحرين
3/8/2013