عقدت الأمانة العامة في التجمع القومي الديمقراطي اجتماعها الاعتيادي مساء يوم الثلاثاء الموافق 1 سبتمبر 2015 لمناقشة أخر التطورات السياسية والمستجدات الاجتماعية والحقوقية على الساحة المحلية، كما جرى بحث أهم الأحداث على الساحتين العربية والإقليمية وتداعياتها المحتملة على الوضع المحلي.
كما بحث الاجتماع بعض الموضوعات ذات العلاقة بالجوانب التنظيمية مثل تشكيل اللجان والهيئة الاستشارية وغيرها من المسائل الإعلامية والثقافية ودورها في ابراز مواقف التجمع القومي من كافة التطورات على المستوين الوطني والقومي:
أولاً: في القضايا السياسية والحقوقية
في هذا الجانب اعادت الأمانة العامة تأكيد مواقف التجمع تجاه مجمل التطورات على الساحة الوطنية وما تفرزه من تداعيات سلبية على السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي جراء استمرار الأزمة السياسية والدستورية وغياب أفاق الحلول السياسية، وفي الجانب الأخر تتصاعد الإجراءات الأمنية واتخاذها أشكالاً متعددة ومقلقه منها الاعتقالات والمداهمات لبعض القرى والبيوت، وإصدار الأحكام القاسية ذات الطابع السياسي بحق المعتقلين إضافة إلى استمرار استهداف قادة ورموز القوى السياسية والوطنية المعارضة على خلفية مواقفهم وآراءهم وبما يتعارض مع الدستور والميثاق، ويمثل خرقاً لكل المواثيق الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان في مجالات حرية الرأي والتعبير.
ويرى التجمع القومي أن تصاعد هذه الإجراءات الأمنية يزيد من تفاقم الوضع سياسياً واجتماعياً وامنياً واستمرار الخصومات السياسية والاجتماعية وإعادة انتاج الصراعات الطائفية والمذهبية. لذلك فأننا ندعو إلى وقف هذا التصعيد الأمني والتعاطي مع الخيار السياسي كضرورة وطنية واجتماعية وإنسانية ونطالب بالإفراج الفوري عن قادة الجمعيات السياسية والمتعلقين وعن كافة معتقلو الرأي والضمير، ودفع الساحة الوطنية في اتجاه التهدئة السياسية والإعلامية وتهيئة أجواء
المصالحة والتوافق الوطني على طريق الحل الشامل والعادل للأزمة التي تعاني منها البلاد منذ ما يزيد على أربعة أعوام.
كما يجدد التجمع القومي إدانته لكافة أعمال العنف والإرهاب وأخرها عملية التفجير في كرانة التي راح ضحيتها أحد رجال الأمن وعدد آخر من المصابين ويؤكد على تمسكه بالسلمية كأسلوب حضاري في تحقيق المطالب السياسية.
ثانياً: الأوضاع الاقتصادية والمالية
ناقشت الأمانة العامة الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد والذي يجتاز مرحلة صعبة وخطيرة مع ما تحمله من تهديد للاستقرار السياسي والاجتماعي خاصة مع الانخفاض الشديد في أسعار النفط، وهي المصدر الرئيسي للإيرادات الحكومية، وتفاقم الدين العام وإقدام السلطات الحكومية على اتخاذ عدد من القرارات والإجراءات بصورة أحادية يلفها الكثير من الغموض والإرباك، وتلقي بظلال قاتم على حاضر ومستقبل المواطن البحريني وعلى حياته المعايشة والاجتماعية، وخاصة ما يتعلق منها بسياسات رفع الدعم عن بعض السلع الحيوية والخدمات الأساسية دون أي تشاور أو مشاركة مع القوى السياسية والمجتمعية في البلاد لضمان تحقيق العدالة والشفافية في ذهاب الدعم إلى مستحقيه من المواطنين خاصة أصحاب الدخل المحدود وكذلك إلى فئات المتقاعدين الذي يعانون كثيراً من انخفاض مستوى أجورهم ومن بعض التميز الواقع ضدهم وحرمانهم من بعض المكتسبات المالية والاقتصادية دون وجه حق ودون مراعاة لظروفهم أو تقدير لعطائهم لبلدهم طوال فترة عملهم.
ويرى التجمع القومي أن توجهات الحكومة على هذا الصعيد تزيد من أعباء المواطن وتدفع به نحو مهاوي الحاجه والفقر، ولن تجدي سياسة الاقتراض وزيادة الدين العام في انقاذ هذا الوضع الحرج بل ستزيده تفاقماً وسوءاً‘ خاصة مع انعدام الخطط والبرامج المدروسة والعلمية التي تحدد كيفية سداد هذا الدين وفوائده في المستقبل وأن من شان ذلك أن يدفع البلد إلى هاوية الإفلاس وتحمل المواطن العادي تبعات هذه الكارثة الاقتصادية والاجتماعية.
من هنا فأن التجمع القومي يرى ضرورة معالجة كل الانحرافات الاقتصادية والمالية في أطار خطة وطنية شاملة تراعي القواعد الاقتصادية السليمة من جهة وتلبي شروط العدالة الاجتماعية من جهة أخرى، مع ما تقتضيه هذه الخطة من مراقبة أو محاسبة، ومكافحة ظاهرة الفساد المالي والإداري التي تنخر في بعض
مفاصل ومؤسسات الدولة وسوق الفاسدين للمحاكم وكذلك وقف سرقة المال العام والعبث بممتلكات الدولة ووقف حالات التمييز والإقصاء بكل أبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ثالثاً: الوضع الخليجي والإقليمي
في هذا المحور ناقش الاجتماع التطورات السياسية والأمنية في منطقة الخليج العربي وما تشهده الساحة الإقليمية من أحداث وحراك على اكثر من صعيد، خاصة مع استمرار هبوب العواصف السياسية والأمنية على المنطقة وما تحمله من مؤشرات ووقائع سياسية واجتماعية تؤكد حجم التحديات الأمنية والإستراتيجية التي تواجهها دول الخليج العربي بجكم تبذل المعادلات وموازين القوى الداخلية والخارجية وانعكاس الأوضاع المتفجرة في سوريا والعراق واليمن والاضطراب الأمني والسياسي في مصر على دول مجلس التعاون، إضافة إلى تحديات ومخاطر الإرهاب التكفيري وجرائمه التي تستهدف أمن واستقرار هذه الدول وتفشي ظاهرة العنف والتطرف وما يصحبها من صراعات أهلية وفتن طائفية. وفي هذا الإطار فأن التجمع القومي الديمقراطي يعرب عن بالغ قلقه حول ما اعلنته السلطات الكويتية من اكتشاف ترسانة أسلحة وبعض المواد المتفجرة وعن ضبط خليه تابعة لأحد التنظيمات الخارجية مسئولة عن حيازة وإدخال هذه الأسلحة إلى الكويت.
وانطلاقاً من موقفنا المبدئي في إدانة الإرهاب والعنف، فأننا ندين أي مساس بأمن استقرار الكويت وغيرها من دول الخليج العربي ونؤكد على اهمية احترام ارادة وسيادة هذه الدول وحقها في حماية أمنها في أطار تحقيق الديمقراطية وسيادة سلطة الشعب والعدل والقانون واحترام حقوق الإنسان وحماية الوحدة الوطنية من أية منزلقات طائفية أو صراعات أهلية.
وندعو كافة القوي السياسية والمكونات الاجتماعية إلى الوحدة والتكاتف، والتمسك بمنهج الأخوة والتسامح واحترام الأخر والمضي في تحقيق الدولة الديمقراطية والتعددية التي تصون الحريات وتعلي من قيم المواطنة المتساوية القادرة على مواجهة وإفشال كل التدخلات والمؤامرات الخارجية مهما كان مصدرها أو حقيقة أهدافها. وفي هذا الإطار نؤكد على ضرورة تحسين الأوضاع الداخلية لهذه الدول عبر الاستجابة لحقوق وإرادة شعوبها والتوجه بصدق لمعالجة كافة الملفات والقضايا ذات الصلة بقيم العدالة والحرية والديمقراطية والمساواة والشروع في وضع أسس وأنظمة دستورية وديمقراطية إضافة إلى مكافحة الفساد والفقر والبطالة ووقف كل سياسات التميز والإقصاء ضد إي فرد أو مكون من مكونات هذه الأقطار.
رابعاً: أوضاع الساحة القومية
يرى التجمع القومي أن الوطن العربي يمر حالياً في أسوأ مراحله التاريخية من حيث الدمار والاستنزاف البشري والمادي خاصة مع تحول بعض الدول المحورية إلى دول ضعيفة وممزقة على كل المستويات تتصدرها الحروب الداخلية والصراعات الطائفية والانقسامات الاجتماعية التي ترسم المشهد السياسي في هذه الأقطار.
وفي هذا السياق رأينا نيران الإرهاب والتطرف وما أدت إليه من توترات وفتن فتحت الأبواب أمام التدخلات الخارجية التي باتت تغذي هذه الحروب وتتحكم في مصير هذه الدول في نفس الوقت.
ولعل خير شواهد هذا الوضع المزري ما تشهده سوريا والعراق واليمن وليبيا وما نشهده من حروب وعمليات ارهابية شرسة في مصر وتونس والجزائر ساهمت في تعميق الشروخ وزيادة الخراب والدمار والجنوح نحو خيار التقسيم والتفتت على اسس مذهبية وعرقية حيث تتوالى صور وملامح خرائط التقسيم، وكان القطر السوداني قد سبق هذه الدول بانفصال الجنوب عنه كما تتوالى تصريحات المسئولين الأمريكان وأخرها بشأن تقسيم العراق والتي تكشف حقيقة ما تتعرض له الأقطار العربية من مؤامرات التي تصب في خدمة الاستراتيجية الصهيونية، التي ترمي إلى تصفيه القضية الفلسطينية وتقسيم الأقطار العربية عبر أقامه دويلات طائفية وعرقية.
وانطلاقاً من رؤيتنا القومية وقلقنا على مصير هذه الأقطار فقد أكدنا دعمنا المطلق للحراك الشعبي العابر للطوائف في العراق الذي فتح باب الإصلاح والتغير، ووضع العراق أمام مفترق مصيري لإسقاط نظام المحاصصات الطائفية الذي أقامه الاحتلال، والتخلص من كل افرازاته المتمثلة في دستور بريمر والعملية السياسية الفاشلة للأحزاب العميلة، والإرهاب والطائفية والفساد ونهب خيراته والتحكم في مصيره واستقلاله من قبل القوى الدولية الطامعة. وما رفع شعارا الوحدة الوطنية والعروبة في هذه التظاهرات الشعبية إلا تعبيراً عن أرادة العراقيين في أن يستعيد العراق قوته وعروبته وحضوره القومي والتاريخي.
واننا نجدد دعوتنا إلى رفع الأيادي الخارجية عن هذا القطر العربي والتوجه إلى بناء عراق ديمقراطي تعددي قادر على ترسيخ قيم المواطنة وليس المذهب أو العرق وبما يمكنه من الحفاظ على وحدة أرضه وسيادته الوطنية وهزيمة كل
أصحاب التقسيم والحروب الطائفية من قوى داعش الإرهابية إلى كل الميليشيات الطائفية والعميلة الأخرى.
كما يؤكد التجمع القومي على أن جميع الصراعات الطائفية والحروب التي تعاني منها الأقطار العربية خاصة سوريا اليمن وليبيا لا طائل منها بعد أن دمرت كل مظاهر وأسس الحياة في هذه الأقطار الأمر الذي يفرض ضرورة التوجه نحو الحلول السياسية والوطنية والتفاوض بين قوى ومكونات هذه الدول وفق المصالح العليا لها ولشعوبها بعيداً عن التدخلات الخارجية من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه في هذه الأقطار العربية بعد كل الويلات والدمار الذي حل بها.