يستنكر التجمع القومي بشدة موقف مجلس الشورى في جلسته الأحد الماضي برفض مشروع تعديلات على قانون العمل، ينص على إعطاء أفضلية للمواطن البحريني على الأجنبي في حال التوظيف، ومراعاة تسريح الأجنبي قبل البحريني في حال اضطرار المنشأة للإغلاق الجزئي أو الكلي، وهي ذات المواد التي كانت موجودة في قانون العمل لعام 1976 لكن خلا منها قانون العمل الجديد لعام 2012، مما يعني إطلاق حرية قوى السوق المتوحشة في تقرير مصير قوت وحياة مئات الآلاف من المواطنين.
ويؤكد التجمع القومي أن هذا الرفض يعارض ويتناقض مع دستور مملكة البحرين وخاصة المادة (13) فقرة (ب) الذي تنص على أن تكفل الدولة فرص العمل للمواطنين وعدالة شروطه، وهو ما يعني بصورة واضحة وجلية ضرورة إعطاء الأولوية للبحرينيين عند التوظيف بل وتوفير شروط مناسبة وعادلة لتوظيفهم، في حين إن رفض التعديلات المذكورة آنفا ليس فقط سيقضي على حق البحرينيين في التوظيف وفقا لما نص عليه الدستور بل وسيخضعهم لشروط عمل قاسية تجبرهم على التنازل عن كثير من حقوقهم أمام منافسة العمالة الأجنبية ولن تكون هناك شروط عادلة لتوظيفهم.
وعلاوة على أن رفض التعديلات المذكورة أعلاه تتعارض مع ميثاق العمل الوطني وفقراته الواردة تحت البند سابعا بعنوان "العمل واجب وحق" في الفصل الأول الخاص بالمقومات الأساسية للمجتمع، فأنه يتعارض كليا وجذريا مع رؤية البحرين 2030 التي نصت على الحاجة إلى إصلاحات متكاملة مشخصة أن نمط الأنشطة الاقتصادية الحالية في البحرين يولد الوظائف للعمالة الأجنبية بضعفي ونصف مما يولده للعمالة الوطنية مما يقتضي بدل جهود لجعل البحريني الخيار المفضل في التوظيف، والتي على أساسها انطلق مشروعي إصلاح العمل والتعليم مما يعني أن رفض التعديلات المذكورة آنفا ضرب في الصميم لهذه الجهود التي تواصلت منذ عدة سنوات بل وتقويضها من الأساس.
عدا عن ذلك، فأن رفض التعديلات المذكورة آنفا سوف يلقي بظلال من الشك والتشكيك في جدية كافة برامج البحرنة في البحرين، وحتى في ما ورد في برنامج الحكومة المقدم لمجلس النواب، حيث جاء في الأولوية الإستراتيجية الثالثة ما نصه "تمكين البحرينيين لرفع مساهمتهم في التنمية الاقتصادية"، وبالتالي فأن كافة جهود تطوير التعليم والتنمية البشرية وتوفير فرص العمل المناسبة للبحرينيين التي وردت جميعها في البرنامج سوف لن يكون لها أي معني، بل وستلحق الأضرار البالغة بكل ما له علاقة بالتماسك الأسري والرعاية والتنمية الاجتماعية التي وردت جميعها في البرنامج.
يضاف إلى ذلك كله، أن رفض التعديلات المذكورة يعني إطلاق يد السوق في استيراد الأيدي العاملة الأجنبية التي تستولي حاليا على 83% من وظائف القطاع الخاص وتكلف الدولة أعباء جدا باهظة تصل وفقا لأرقام رسمية نحو 750 مليون دينار سنويا فقط من ميزانية الدعم السنوية، هذا عدا عن أخطار اختلال التركيبة السكانية وضياع الهوية الوطنية والمخاطر الاجتماعية والسياسية في ظل التشريعات العمالية الدولية الجديدة.
كما أننا نستنكر أيضا ما بينه الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين سيد سلمان المحفوظ من اكتفاء لجنة الخدمات الشورية بالاستئناس برأي الحكومة دون رأي العمال وتجاهل دعوة الأطراف ذات العلاقة ومن بينها الاتحاد العام؛ ونتفق معه في أن رفض التعديلات يعني بمثابة شيك على بياض يسمح للمؤسسات الحكومية والخاصة فصل البحرينيين بلا رادع، ودون إمكانية لمحاسبة أحد؛ فلكل شيء أصبح سند قانوني تمرره السلطة التشريعية ضد مصالح من يفترض فيها تمثيلهم. كما إن ما يتم الآن هو الانقضاض على باقي حقوق العامل البحريني، وتفريغ أية مبادئ أو نصوص قانونية أعطت المواطن حقاً في عمل أو أولوية في فرصة اقتصادية، وفي توفير العمل اللائق والأمان الوظيفي وحق المواطن في العمل.
أن التجمع القومي يدعو الدولة للتدخل الفوري لوقف مهازل المواقف الأخيرة لمجلس الشورى من حق الموطنين في العمل، كما يدعو الحركة العمالية ومؤسسات المجتمع المدني وكافة الخيرين للتحرك للتعبير عن رفضها واستنكارها لهذه المواقف المخجلة وللحيلولة دون سلب الحقوق العمالية المتأصلة في وضح النهار على أيدي من يعتبرون أنفسهم جزء من السلطة التشريعية الذين يفترض بهم تمثيل مصالح الشعب.
اللجنة المهنية والعمالية في التجمع القومي الديمقراطي
22يناير 2015