بعد ما يزيد على عاماً ونصف على قضية "معتقلي كرزكان" وأعتقال 19 متهماً على خلفية التهم الموجهة لهم بالأعتداء على سيارة الشرطة و"قتل" أحد أفرادها، … بعد كل هذه المدة ومارافقها من سجال وجدال، وما أثارته من ملابسات سياسية وقانونية، خاصة في أعقاب صدور تقرير وزارة الصحة حول أسباب وفاة الشرطي التي أرجعها إلى ارتطام "الضحية" بالأرض، فقد جرى اليوم أسدال الستار على هذه القضية، بعد أن توجهت الأنظار إلى قاعة المحكمة الكبرى الجنائية، وإلى قرار قاضي المحكمة الذي أصدر قراره – العادل والمنصف – ببرأة جميع المتهمين من كل التهم التي جرى أعتقالهم بموجبها.. وهو مايعني انتفاء أي دليل على تورط هولاء المتهمين في عملية القتل أو الشروع فيها، وهذا مايؤكد سلامة موقفهم في هذه القضية منذ بداياتها وعدم شرعية اعتقالهم طوال هذه الفترة، خاصة وأنه كانت هناك العديد من الدلائل والحقائق – قدمتها هيئة الدفاع – تدعم برأة هولاء المتهمين من قبيل شهادة الشهود أو طبيعة وأسباب الوفاة.
واليوم إذ يتم الانتصار لمبدأ العدالة وسيادة القانون، بصدور قرار البرأة، بعيداً عن أية شكوك أو أية شبهات سياسية، كانت في وقت من الأوقات قد حكمت سير هذه القضية والقت بضلالها عليها وساهمت في أستدعاء الكثير من التداعيات السياسية والأمنية، وقادت البعض إلى محاولات استغلال هذه القضية للدفع بها إلى مهاوي "التجاذبات" و"التنازعات" الطائفية، وجر الشارع إلى حالة من التأزيم وعودة أعمال العنف غير المبررة ؟؟؟
إننا ننظر إلى صدور قرار البرأة بقدر ما يجسده من حق و"عدالة" فأنه يمثل في ذات الوقت انتصاراً للوطن كله، ونرى فيه نهجاً حضارياً أنسانياً وعادلاً يجب أن يسود في التعامل مع كل القضايا المطروحة أمام المحاكم، خاصة القضية المعروفة بأسم قضية "المعامير" التي ينتظر الحكم فيها في مقبل الأيام.
كما نتطلع إلى أن يفتح قرار حكم البرأة هذا الباب واسعاً أمام الجميع للتفكير في المصلحة العليا للوطن والمحافظة على أمنه واستقراره بعيداً عن لغة التصعيد أو اللجؤ إلى أعمال العنف التي لاتراعي حرمة المس بارواح الناس أو الأضرار بالممتلكات العامة والخاصة.
بإعتبارها قيماً أنسانية وأخلاقية يجب عدم التفريط أو التهاون بها تحت أي ظرف من الظروف لأنها عنوان تحضر هذا الوطن ورقي وسمو وعي شعبه.
أننا ننتهز هذه المناسبة السعيدة والتوجه بالتهنئة إلى جميع المتهمين بصدور حكم برأتهم، كما نهنئ عوائل هؤلاء الذين صبروا وتحركوا بشكل سلمي وحضاري وهم يطالبون بالأفراج عن أولادهم، الأمر الذي عكس حسهم الوطني العالي.
كما نهنئ هيئة الدفاع من الأساتذة المحامين الذين تصدوا للدفاع عن المعتقلين واستبسلوا في تقديم أدلة البرأة، كما نحيي كل القوى السياسية والمنظمات الحقوقية والأهلية التي ساندت قضية هؤلاء المعتقلين أنطلاقاً من الإيمان بضرورة سيادة مبدأ العدالة وقيم الحق، وهي المبادئ والقيم التي ندعوا إلى تجذرها وترسيخها في وطننا في ظل مشروعنا الإصلاحي الديمقراطي.
الثلاثاء – 13 أكتوبر 2009م. التجمع القومي الديمقراطي
مملكة البحرين