هذه هي إذا الأهداف الحقيقية للاحتلال الأمريكي الصهيوني في العراق، ولم يعد هناك مجالاً للشك بأن ما تعرض له هذا البلد من عدوان وغزو همجي وكل ما أعقبه من مخططات وخطوات كانت تمهيداً لتحقيق وخلق أسس التقسيم على أرض الواقع، بدءً من تدمير العراق وإضعاف وحدة شعبه ونهب دولته ومؤسساته وسرقة ثرواته، وتدمير جيشه الوطني، واغتيال قائده ورمزه ورئيسه الشرعي، وقتل علمائه وقادته، وهي أهداف مبيتة ومرسومة منذ زمن في عقول قادة الإدارات الأمريكية والصهيونية، وانتهاء بقرار تقسيم العراق، نظراً لما يمثله العراق من عقبة في طريق مشاريعهم الإجرامية، ناهيك عن الدور المحوري والطليعي الذي كان يلعبه العراق في الصراع العربي الصهيونيي في ظل نظامه الوطني القومي قبل الاحتلال الآثم، وما يتمتع به من ثقل اقتصادي وامتلاكه لأكبر احتياطي نفطي في العالم.
لكل ذلك لم يعد قرار الكونجرس الأمريكي مفاجئاً، والذي جاء تحت ضغط اللوبي الصهيوني باعتباره – كما يروج هؤلاء المعتدون والعملاء – الوسيلة الوحيدة لإيقاف العنف والفوضى الكبيرة التي تعم هذا البلد، متنصلين بذلك من تحمل المسؤولية عن الوضع المأساوي والكارثي الذي خلقوه للعراق وللعراقيين.
كما لم يكن مفاجئا بالنسبة لنا تزامن هذا القرار مع تصريحات المدعو عادل عبد المهدي احد عملاء النظام الإيراني في حكومة الاحتلال، والتي دعى أيضا إلى تقسيم العراق إلى ولايات، وهكذا تتلاقى إرادة الشر والتآمر على الأمة من طهران إلى واشنطن بأدوات شيطانية من صنعهما كلاهما، ومما يوحي أن الحوارات الأمريكية – الإيرانية السرية قد تمخض عنها او يكاد على محاصصة العراق بينهما، وهو يصب في ذات التصريحات المشبوهة والمستنكرة للرئيس الإيراني بملء الفراغ في العراق.
إن التجمع القومي الديمقراطي إذ يُدين هذا القرار الشرير فأنه يطالب الحكومات والأنظمة العربية، ويدعو الجامعة العربية وكل القوى الوطنية والقومية وكذلك النُخب السياسية من أبناء شعبنا وفي عموم أقطار الوطن العربي بضرورة التصدي إلى هذا المشروع الأمريكي الصهيوني، والعمل على إفشاله بكل السبل، لأنه يستهدف ضرب الأمن القومي العربي في الصميم، وتمزيق أقطارنا على أسس طائفية وعرقية، وابقاءها ضعيفة خاضعة للأجنبي، وُمنفذة لكل رغباته ومخططاته. وعلى الحكومات العربية أن تدرك أن صمتها وسكوتها عن هذا القرار سوف يَضع بلدانهم على طاولة القسمة الأمريكية الصهيونية، وسوف يكون تقسيم العراق إذا ما حصل ( لا سمح الله ) مقدمة لكل الشرور والمصائب السياسية والاجتماعية التي ستجتاح دول المنطقة دون استثناء.
إن التجمع القومي الديمقراطي وهو يعبر عن موقفه الوطني والقومي تجاه هذه القطر العربي العزيز في التأكيد على وحدة أرضه وشعبه، ويعد العدة بالتعاون مع الفعاليات السياسية في البلاد لخطوات لاحقة لمخاطبة الهيئات الرسمية العربية والعالمية، والتحرك على أكثر من صعيد للتصدي وفضح هذا القرار الإجرامي بحق العراق والأمة العربية. فأنه في ذات الوقت يجدد الثقة في الشعب العراقي ومقاومته الباسلة في مواجهة هذا المشروع الاستعماري واسقاطه بصورة نهائية. ونحن على ثقة بأن الغزاة المجرمين والنظام الإيراني وأعوانهم في الحكومة العراقية العميلة والعصابات الطائفية الإجرامية سوف لن ينالوا من وحدة العراقيين مهما تآمروا على العراق وتمادوا في قتل شعبه.
وسيبقى العراق بلد الحضارات والتاريخ وأرض المقدسات موحداً، ومقبرةً لجيوشهم الغازية ومشاريعهم المعادية. وسيقى العراقيون متوحدون كما كانوا دائماً.
عاش العراق عربياً حراً موحداً،
عاشت المقاومة العراقية البطلة،
والخزي والعار للغزاة المحتلين وعصاباتهم في العراق.