توقف التجمع القومي مطولا أمام حديث جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المعنون "إلى الشباب ..نداء القلب والعقل" باعتباره يمثل رؤية وتوجهات قيادة البلاد السياسية تجاه فئة الشباب الذين يمثلون بحسب الإحصاءات المتوفرة 28% من مجموع سكان البحرين، علاوة على كونهم يمثلون عماد المجتمع، وطموحه وعنفوانه، وإندفاعه لبناء مجتمع قائم على أسس الديمقراطية والعدالة والمساواة والحياة الحرة والكريمة.
وفي هذا الإطار، فأن التجمع القومي يدعم بقوة رؤية جلالة الملك تجاه شباب مملكتنا العزيزة الواردة في الحديث، ولا سيما في القضايا التالية:
أولا: ضرورة تربية جيل الشباب على ثوابت الهوية الحضارية لتراثه الاسلامي السمح، وعروبته المنفتحة على الجميع، وكيانه الوطني البحريني. وهذا لا يتأتى من وجهة نظرنا إلا من خلال تعزيز النسيج الوطني الواحد من خلال نبذ كافة أشكال التمييز الطائفي والمذهبي في المجتمع والوظائف، وغرس قيم الولاء والايمان المطلق بالعروبة والإسلام وليس الطائفة في مناهج التربية والتعليم والإعلام، علاوة على تجسيد كل ذلك تجسيدا حيا فيما تتخذه المملكة من مواقف سياسية وعملية ولا سيما إزاء القضايا القومية الكبرى.
ثانيا: التمكين السياسي للشباب في المجتمع، حيث يصفه جلالته ب "زاد عقلاني وتنويري لا غنى عنه لمن يواجه حاضر العالم ومستقبله، فمن أوجب الاولويات تحديث العقول في هذه المرحلة، وعدم الاقتصار على التحديث المادي". أن تمكين المجتمع من لعب دروه الوطني في بناء مجتمع الديمقراطية والحرية والمساواة يقتضي إطلاق وتقوية المؤسسات الدستورية باعطاءها كامل صلاحية التشريع وحرية العمل السياسي والنقابي وتشكيل الأحزاب، والسماح للطلبة بتأسيس نقاباتهم الطلابية المستقلة، والاهتمام بالجمعيات الشبابية وتوفير وسائل الدعم والرعاية.
ثالثا: التمكين الاقتصادي للشباب، حيث يدعم التجمع هنا مطالبة جلالته "بالإعداد المهني المتقدم والمجزي، والذي لا يستلزم بالضرورة الدراسة الجامعية إلا للمستعدين
لها، وذلك لتلبية الطلب في سوق العمل الذي اصبحت مخرجات التربية في العالم المتقدم تضعه في مقدمة اهدافها". ونرى هنا أن الإعداد المهني للشاب بناء على الطلب في سوق العمل في ظل غياب رؤية واضحة للتنمية المستدامة سوف لن يؤدي على المدى البعيد من التمكين الاقتصادي الحقيقي للشباب. كما أن هذا المفهوم – التمكين الاقتصادي – يقوم في عالمنا المعاصر على تمليك الشباب المعرفة والقدرات الفنية والمهنية التي تؤهله للحياة حرة كريمة، وهو المفهوم الحديث للتنمية، وهذا يستدعي بدوره العمل الجاد وعلى أعلى المستويات السياسية والاقتصادية على القضاء على مشكلة البطالة التي تتفاقم بين الشباب، وتوفير الوظائف ذات المردود المعرفي والاجتماعي والاقتصادي المجزي، ورفع مستويات المعيشة ومحاربة الفقر والفساد والأمراض الاجتماعية وعلاج مشاكل السكن وغيرها، إلى جانب تطوير مدراس ومعاهد وجامعات التعليم والمعارف التطبيقية ومؤسسات الدولة المتخصصة في دعم ورعاية الشباب وفقا لخطة واضحة تقوم بدورها على رؤية مسبقة وطويلة الأجل للتنمية المستدامة في المملكة، وهي الغائبة لحد الآن.
رابعا: ويشاطر التجمع مباركة جلالته للمبادرات الإبداعية للشباب التي يشهدها مجتمعنا في ميادين العلم والمعرفة والإعلام والفن والسياسة، والمواقف الوطنية التاريخية المشرفة، ولاسيما عند إجماعه الوطني الأصيل على استقلال البحرين وعروبتها، وهي من الثوابت الراسخة في فكر ومواقف التجمع، كما أن التجمع يشدد على أهمية وحدتنا الوطنية ونبذ كافة أشكال الطائفية والمذهبية لما لها من أخطار عميقة على هوية جيل الشباب ودروهم المستقبلي في المملكة، ويدعوا مجددا الحكومة إلى توفير الأسس والقواعد والتشريعات والمماسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ترسخ قيم الوحدة الوطنية وتنبذ التمييز والطائفية، مثلما يدعو كافة القوى السياسية والاجتماعية والدينية لتحمل مسئولياتها التاريخية في هذا تحقيق هذا الهدف، فما نشهده اليوم من مواقف ودعاوى سياسية قائمة على تعميق الولاء الطائفي والمذهبي في صفوف الشباب لهو خطير أيضا، وعلى الجميع إدانته ومحاربته والتصدي له.
1 أبريل 2006م.