بالأمس تناقلت وسائل الإعلام المختلفة أنباء الجريمة البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الأمريكي في مدينة حديثة العراقية وراح ضحيتها عدد من الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ العزل، واليوم يجري الحديث عن فاجعة جديدة أو مذبحة أخرى قامت بتنفيذها نفس قوات الاحتلال الإجرامية في بلدة الاسحاقي، حيث اظهر شريط الفيديو الذي بثته القنوات الفضائية بشاعة هذه الجريمة التي تأتي حلقة في مسلسل جرائم الأمريكان المتواصلة في هذا البلد المنكوب، ويظهر أيضا كيف يتم قصف البيوت الآمنة ويتم قتل سكانها بصورة وحشية لا ينجو منها حتى الأطفال الذين لا يتجاوز أعمارهم سنوات وأشهر.
واليوم أيضاً يتحدث هؤلاء الغزاة الهمج وعملاهم في ما يسمى بالحكومة العراقية، عن الاستعدادات الجارية للقيام بعملية عسكرية واسعة وشيكة على مدينتي الانبار وديالي بعد أن أعلن قادة الاحتلال عن نقل 1500 جندي إضافي من المتمركزين في الكويت إلى العراق، وهو ما يعيد الذاكرة بنا إلى العام الماضي عندما اعترفت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بأن قواتها قد استخدمت الفسفور الأبيض وقنابل النايالم الحارقة في هجومها على مدينة الفلوجة، والتي نظر إليها العالم باعتبارها أبشع جريمة عرفها العصر الحديث، بعد أن كذبت الإدارة الأمريكية وأنكرت استخدام هذه الأسلحة المحرمة دولياً قبل أن تعود للاعتراف بذلك بعد افتضاح أمرها على الصعيد الدولي.
إن هذه الفضائع التي تحصل في العراق منذ حصول الغزو الإجرامي الأمريكي البريطاني، هي في الحقيقة جرائم إبادة متواصلة ومتكررة على مدى الأيام، فما يحصل في حديثة والأسحاقي، يحصل في بغداد والبصرة وسامراء والنجف والضلوعية والموصل وتلعفر والأعظمية وغيرها من مدن العراق، ويجب أن لا يغيب عن وعينا وإدراكنا إن الاحتلال وأعوانه الخونة المجرمين أنما يقومون بهذه الأعمال الوحشية في إطار إستراتيجية وأهداف واضحة وليس مجرد أحداث عارضة أو ممارسات فردية كما يحاول قادة الاحتلال وعملائه الصغار أيهام الناس والرأي العام، لذلك نرى التحقيقات الشكلية والمحاكمات الصورية التي تتم لجنود الاحتلال والتي غالباً ما تنتهي بالبراءة أو بالأحكام البسيطة لدر الرماد في العيون.
وفي هذا السياق لازالت جرائم سجن ابوغريب حاضرة في عقولنا ووجداننا، وكذلك ((قبو الجادرية)) وغيرها من مواقع القتل والتعذيب السرية التابعة لوزارة الداخلية التي كان يرئسها المدعو (صولاغ) والتي يتم فيها تعذيب السجناء على يد المليشيات الطائفية بعد مداهمة البيوت وترويع سكانها واعتقال أفرادها، كما أنه لا أحد يجهل جرائم التطهير العرقي والطائفي التي تجري في العديد من المدن العراقية منذ بداية الغزو الأمريكي البريطاني والتغلغل الإيراني حتى يومنا هذا حيث تقوم قوات خاصة تعمل لحساب (الحكومة العميلة) وفرق موت التابعة للأحزاب والقوى الطائفية التي تقوم باختطاف الناس الأبرياء وبصورة يومية ثم يختفون لعدة أشهر قبل أن تظهر جثثهم ملقاة في الشوارع بالقرب من مكبات القمامة أو عائمة في مياه نهري دجلة والفرات وهي مربوطة الأيدي ومعصوبة العينين وعليها آثار التعذيب، وليس سراً أن القوات التي تنفذ هذه الجرائم هي وحدات من الشرطة والجيش التي دربتها وأوجدتها قوات الاحتلال الأمريكي.
وها هو العراق الذي يعيش اليوم بفضل سياسات الاحتلال وتغلغل أجهزة المخابرات الصهيونية والإيرانية حالة غير مسبوقة من الانقسام الطائفي والعرقي، وتدور على أرضه في الخفاء حرب أهلية يدفع ثمنها العراق كله وشعبة بمختلف طوائفه وهي حرب إجرامية تنذر بانتقال شراراتها إلى دولنا العربية لتهديد استقرارها وتمزيق وحدتها و نسيجها الوطني خاصة دول الخليج العربي التي تمثل في الظرف الراهن الحلقة الأضعف في الأمن القومي العربي نظراً لغياب الرؤية الإستراتيجية القومية في التعامل مع كارثة الاحتلال وتداعياته المختلفة، وتجاهل ما يجري على أرضه من جرائم ومحاولات تمزيق وطمس هويته القومية بعد أن قبل البعض بالاحتلال وساهم في تدمير العراق وإيصاله إلى هذه الحالة المؤسفة التي هو عليها في الوقت الحاضر.
إننا في التجمع القومي الديمقراطي ومن منطلق المسؤولية القومية الإنسانية ندعو كافه الحكومات العربية ونناشد كل القوى الوطنية والقوى القومية والإسلامية وكل أحرار العالم ومنضمات حقوق الإنسان ضرورة إدانة هذه الجرائم البشعة التي ترتكب بحق شعب العراق المظلوم على يد قوات الاحتلال الأمريكي وأعوانه ونطالبها بفضح وتعرية كل من يتواطأ أو يساند هذه الأعمال الإجرامية، كما ندعوها إلى رفض وشجب التغلغل الصهيوني والتدخل الإيراني الفاضح في الشؤون العراقية الذي يتم بعلم ومباركة الحكام المتسلطين على رقاب العراقيين لتحقيق مكاسب أمنية وسياسية وإستراتيجية على حساب امن العراق وعلى حساب مصالح شعبه الوطنية والقومية وأنه لا سبيل إلى خلاص العراق إلا بخروج المحتل وكل العملاء الذين دنس بهم ارض العراق الطاهر، وأنه لابد من دعم المقاومة الوطنية العراقية مادياً ومعنوياً والاعتراف بها ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب العراقي.
عاش العراق حراً عربياً موحداً.
عاشت المقاومة الوطنية العراقية الباسلة .
المجد لشهداء العراق والأمة العربية.
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.