جاءت ثورة غضب الشعب المصري العظيم لتؤكد أن الأمة العربية تدخل منعطفاً هاماً وحاسماً في تاريخها الحديث، و أن طريق الخلاص و النهوض بات يرتسم على يد شباب مصر و قبله شباب تونس البطل والإعلان عن بدء انتهاء عهد الظلم و الاستبداد والفساد في الدول العربية.
إن التجمع القومي الديمقراطي يعلن مساندته ووقوفه التام مع الأشقاء في مصر العزيزة, وتأييده للثورة المباركة ضد الطغمة الاستبدادية و الفاسدة للحزب الحاكم في مصر, التي تسلطت على الشعب المصري طوال ثلاثة عقود, حرمت خلالها المواطن المصري من حرياته و خبزه وكرامته وتمادت في نهب ثرواته الوطنية عبر كل أساليب القهر و القمع و الإرهاب السياسي و الأمني.
إن أحداث مصر و تونس و الأزمات التي تتفجر بشكل متزامن في العديد من الأقطار العربية, تؤكد بما لا يقبل الشك أن الأنظمة والحكومات العربية قد وصلت إلى نهايتها المحتومة والمأزومة بعد سلسة الإخفاقات والفشل على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية و الاجتماعية, و بالدرجة التي أفقدت المواطن العربي الثقة في هذه الأنظمة وأدت إلى إحداث قطيعة كاملة بين هذه الحكومات و شعوبها, ووصول المواطن العربي إلى حالة من اليأس و الإحباط جرى التعبير عنها عبر "ثورات الغضب" التي تجتاح الشارع العربي في الوقت الراهن .
و لم تكن الأوضاع المزرية التي يعاني منها الشعب المصري, و إصرار النظام الحاكم على امتهان كرامته و تدمير مؤسسات المجتمع وخنق الأحزاب وقوى المعارضة , لم يكن كل ذلك سوى الجزء الظاهر من جبل الأزمة في مصر التي تتمثل جذورها الحقيقية في أزمة العدالة والمساواة وغياب المواطنة الحقيقية , وتحول المواطن المصري إلى فريسة للجوع والفقر والظلم السياسي و الاجتماعي ومن ثم تراجع مستويات القيم والثقافة والسلوك العام في المجتمع المصري , بعد إن أشاع نظام مبارك الفاسد كل قيم الفساد واللصوصية, و أشاع الطابع الاستهلاكي للاقتصاد المصري , مما قاد مصر إلى حالة من العجز و الانكشاف سياسيا و اقتصاديا , وفقدان هذا البلد العريق قوته وحصانته وغياب دوره القومي و الإقليمي, بعد أن جرى ربط مصر بصورة كلية بسياسات الولايات المتحدة الأمريكية و حلفاءها الغربيين, و التماهي بصورة مطلقة مع توجهاتها السياسية و الاقتصادية؟؟؟ خاصة في قضية الصراع العربي الصهيوني وغيرها من القضايا القومية المصيرية التي تحولت إلى أوراق للمساومات بيد الدول الكبرى وبعض القوى الإقليمية لتوظيفها لخدمة مصالحها وسياساتها , بعد ان تم اختراق الجسد العربي المريض بسبب ضعف "القلب" وتفاقم علاته.
إننا في الوقت الذي نحيي فيه الشعب المصري البطل و نثمن تضحياته الغالية المتمثلة في العديد من الشهداء و الجرحى الذين سقطوا على طريق الحرية و الكرامة, فإننا ندعو الشعب المصري إلى الحذر من محاولات الالتفاف على ثورته المجيدة وعلى أهدافها المشروعة, أو محاولات تشويه صورة هذه الثورة الناصعة من خلال دس بعض عصابات الإجرام والنهب بين صفوفها.
كما ندعو جماهير امتنا العربية وكافة قواها السياسية الوطنية و القومية إلى إعلان تضامنها مع ثورة الأشقاء في مصر بكل الوسائل السلمية المتاحة, و إيصال رسالة قوية و موحدة تحمل كل صرخات و هتافات المحرومين و المطالبين بالعدل والحرية, وتقول للأنظمة العربية جميعها بان عهد الاستبداد و القهر قد ولى دون رجعة, و إن جدار الخوف والرعب قد سقط إلى الأبد, و إن كل وسائل القمع والاستبداد وقبضة الأمن ليس بوسعها إعادة بناء هذا الجدار المنهار !!!
و نطالب الأنظمة و الحكومات العربية بان تتعمق طويلاً في قراءة التحولات و الأحداث الجارية في مصر وقبلها في تونس, وعليها أن لا تسئ الفهم والتقدير لتداعيات هذه الثورات الشعبية, و أن تحاول الإصغاء بصورة جدية إلى مطالبات وصرخات شعوبها و أن تعمل على الاستجابة الفورية لها, لأنها مطالب تعكس حقوقهم المشروعة في الحرية والعيش الكريم و الرغبة في إجراء إصلاحات ديمقراطية حقيقية, تسمح بإطلاق كل أشكال الحريات و على كل المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية وعلى مستويات حرية التعبير و التنظيم والصحافة.
أن الاستجابة لهذه المطالب هو وحده القادر على حماية استقرار الأوطان ومنع انزلاقها إلى هاوية الفوضى, وهو وحده القادر على وضع الأقطار العربية على الطريق الصحيح, طريق الأمل والعدل و طريق الحوار و الخروج من الأزمات.
تحية عز وشموخ للشعب المصري البطل
وعاشت مصر عزيزة حرى وكريمة
صدر في 30 يناير 2011 م التجمع القومي الديمقراطي
مملكة البحرين