تشهد ساحات الوطن العربي مرحلة تحول تاريخي، حيث تنهض جماهير الأمة قاطبة من المحيط للخليج تدافع عن مصالحها وحقوقها في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والوحدة، وقد نجحت هذه الجماهير في عدد من الساحات العربية الرئيسية في إزاحة أنظمة الفساد والعمالة، لتتحول لاستكمال إنجاز مراحل ثوراتها المظفرة بقيادة قواها الوطنية والتقدمية وطلائع الشباب المناضل، في حين تتكالب قوى الأنظمة السابقة، بالتعاون مع أنظمة الاستعمار الغربية لسرقة هذه الثورات أو تهجينها وحرف مسارها أو أفراغها من مضامينها التحررية والتقدمية.
وإذ يحي التجمع القومي ثورة مصر العروبة وشبابها وقواها الوطنية والقومية التقدمية، فأنه يلاحظ بقلق المحاولات المستميتة التي تبذلها بعض الأطراف السياسية الداخلية بدعم وتمويل من بعض القوى الإقليمية وأنظمة الاستعمار الغربي لإعادة النظام السابق تحت واجهات جديدة وأضعاف وحدة الشعب المصري من خلال أثارة المواجهات الطائفية خشية من الامتدادات التحررية والقومية لهذه الثورة على مصالح الولايات المتحدة وأمن الكيان الصهيوني، وندعو كافة شباب الثورة وقواها الوطنية والقومية التقدمية للالتفاف حولها والدفاع عن أهدافها.
كما يحي التجمع القومي نجاح انتخابات المجلس التأسيسي في تونس، ويهنئ الاحزاب الفائزة في الانتخابات التي توجت مرحلة من النضال التاريخي ضد الفساد والتسلط، ويدعو الى استكمال مرحلة التحول الديمقراطي والتحرري على قاعدة تكاتف القوى الوطنية التقدمية والإسلامية لبناء الدولة المدنية، دولة المواطنة والعدل والمساواة والكرامة، والمترابطة بنسيجها القومي التحرري بما عرف عن شعب تونس العربي من تضحيات وتضالات قومية تاريخية مشرفة.
وفي العراق، تزامن مع أعلان الرئيس الأمريكي أوباما الانسحاب من العراق نهاية هذا العام، بعد سلسلة الضربات والخسائر الفادحة التي تلقاها على أيدي المقاومة العراقية الباسلة، قيام نظام المالكي العميل بحملة اعتقالات وقمع واسعة وشرسة ضد المقاومين للاحتلال، ولاسيما في صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي كما تتاولى الأنباء عن سرعة المفاوضات بين حكومتي بغداد والشمال لتقاسم الكعكة والنفوذ، كذلك دمج ميلشيات الصدر والالاف من الجنود الإيرانيين في الجيش العراقي وأعطاءها رتب عسكرية رفيعة لتتولى تصفية المقاومين، وهي جميعها إجراءات تمهد للانقضاض الإيراني على العراق بعد الإنسحاب الأمريكي، مما يدفعنا للمطالبة بسرعة التحرك العربي لدعم واحتضان المقاومة العراقية الباسلة والضغظ على النظام الإيراني لوقف تدخله في العراق من خلال عملاءه هناك. كم ندعو كافة القوى التحررية العربية والعالمية لتصعيد تضامنها مع الشعب العراقي وقوى المقاومة.
وإذ يؤكد التجمع وقوفه مع تطلعات الشعب اليمني والسوري والليبي في التحرر من قيود القمع والتسلط والفساد ويقف بصلابة الى جانب أهدافها في بناء مجتمعاتها الحرة والكريمة على قاعدة وحدة الأرض والشعب، فأنه يرفض ويستنكر بشدة التدخلات الاستعماية في شئون هذا الثورات وحرف مساراتها التحررية كما فعل في ليبيا حيث شن الناتو، وللأسف بالتنسيق مع بعض الأنظمة العربية الفاقدة للشرعية، حرب استعمارية شرسة لا حبا في الشعب الليبي ولكن طمعا في خيراته وثرواته، وهي الحرب التي سوف يتبعها تدخلات سافرة في الشأن الليبي والعمل على تمزيق وحدته الوطنية وأضعافه لجعله تابعا للغرب. بنفس الوقت يدعو التجمع النظام السوري للتجاوب مع تطلعات الشعب السوري وقواه الوطنية الشريفة في بناء مجتمع ديمقراطي حر يقوم على احترام كرامة المواطن ويحقق له الحياة الكريمة، وهو الأمر الذي سوف يسهم دون شك في تعزيز الدور القومي والعروبي لسورية.
وإذ يحي التجمع نجاح حركة المقاومة الفلسطينية حماس في إطلاق سراح المئات من الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال الصهيوني، فأننا نؤكد مجددا أن حماية مصالح الشعب الفلسطيني ومواصلته النضال من أجل تحرير كامل الأراضي المغتصبة لا يقوم إلا على قاعدة وحدة فصائل المقاومة الفلسطينية في برنامج مقاوم للتسويات المذلة وللمخططات الصهيونية في التهويد والاستيطان وتعزيز صمود الجماهير الفلسطينية الصابرة المكافحة ومواصلة طريق النضال المسلح.
وأخيرا، فأن التجمع القومي يدعو الحكومات الخليجية كافة للقيام بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكفيلة بتحقيق الديمقراطية وبناء دولة المواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية، فالسبيل الوحيد لحماية الأقطار الخليجية من أخطار التغريب والتفكك والنزاعات الطائفية والخلل السكاني ونزوح الثروات للخارج والأطماع الاستعمارية الإقليمية والدولية هو من خلال أقامة وحدة خليجية تستند الى حرية ووحدة شعوبها تتحمل مسئولية الدفاع عن أوطانها وتكون جزء في تطلعات الأمة العربية قاطبة للنهوض والتحرر والوحدة.
التجمع القومي الديمقراطي
المنامة
27 أكتوبر 2011