تابعنا باهتمام بالغ – عبر وسائل الإعلام المختلفة، تصريحات وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان أمام المجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات العربية، والتي جاء فيها "أن إيران تحتل الجزر العربية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى المتنازع عليها في الخليج العربي مثلما تحتل "إسرائيل" الأراضي العربية، وأكد أيضاً: "أن احتلال أي أرض عربية هو احتلال، ولا فرق بين احتلال "إسرائيل" للجولان أو لجنوب لبنان أو للضفة الغربية أو غزة، فالاحتلال هو الاحتلال، ولا يوجد أرض عربية أغلى من أرض عربية فالاحتلال غير قانوني في العرف العربي، كما هو غير قانوني إسلامياً ودولياً. وأن إيران تقف الموقف المتعنت والرافض لكل مبادرات الإمارات لحل القضية بالتفاوض المباشر أو التحكيم الدولي."
إننا في التجمع القومي الديمقراطي إذ نشيد بهذه التصريحات وترى فيها تطوراً هاماً في المواقف السياسية والوطنية والقومية للقيادات الخليجية، فأننا نشدد بالفعل على منظور تماثل الاحتلال من حيث جوهره سواء كان في فلسطين أو العراق أو الجزرة العربية الثلاث أو الأحواز وغيرها.
وهذا المنظور الذي نطالب بتطويره وتبنيه من قبل القيادات السياسية الخليجية والقوى الوطنية والقومية والإسلامية في المنطقة على الأصعدة العملية والإستراتيجية يفرض الارتقاء في التعامل مع قضيتين جوهريتين. الأولى هو ضرورة وحدة العرب وتكتلهم وتوحيد مواقفهم وتصليبها بوجه كافة الاحتلالات في الوطن العربي، والتعامل مع المحتل للأراضي العربية على قدم المساواة. ومن هذا المنطلق أيضا، مثلما ندعو للتضامن العربي الرسمي والشعبي الواسع مع دولة الإمارات العربية المتحدة في مساعيها لاسترجاع الجزر الثلاث، فأننا بالقدر نفسه نطالب الأنظمة العربية بدعم المقاومة الباسلة في فلسطين والعراق المحتلين من اجل طرد الاحتلال وتحرير كافة الأراضي، وهي جميعها غالية لدينا.
أما القضية الثانية، فأن تصريحات المسئول الإماراتي، تجسد في الواقع حقيقة قائمة وموجعة تلخص كل أسباب الضعف والاختلال الحاصل استراتيجياً وأمنياً في منطقة الخليج العربي،: وهي حقيقة أن غزو "واحتلال العراق" وخروج هذا البلد العربي من المعادلة التي تحفظ التوازن فيها هو الذي يدفع "بإيران" للذهاب بعيداً في التصلب في مواقفها وسلوكها وفي خطابها السياسي الذي يتسم بالتعنت، وسعيها الدائم لتقوية نفوذها في المنطقة وهي تعمل اليوم بكل الوسائل المتاحة لها على تكريس الأوضاع التي أوصلت المنطقة إلى هذه الوضعية. وأن ما تفعله اليوم في العراق هو خير شاهد على ذلك.
لذلك نحن نأمل أن تكون تصريحات وزير خارجية الإمارات قد جاءت في إطار وعي وإدراك دول الخليج العربية لحجم الخلل الذي أصاب منظومة الأمن القومي العربي الخليجي بخسارة العراق، باعتباره يمثل حجر الزاوية في معادلة توازن القوة في هذه المنطقة؟؟ وما يمكن أن يقود إليه هذا الإدراك أو يتطلبه من تغيير في المواقف والرؤى وفي طريقة التعامل والتعاطي مع كافة الملفات الوطنية والقومية، سواء ما يتعلق منها باحتلال الجزر الإماراتية أو احتلال العراق أو فلسطين أو جنوب لبنان أو أية أرض عربية أخرى، أي بمعنى الدخول إلى هذه القضايا من باب المصلحة الوطنية والقومية، وليس مواجهة إيران أو غيرها من "البوابة الأمريكية" أو بما يخدم توجهاتها ومخططاتها في المنطقة، فالولايات المتحدة هي اليوم عاجزة وغير قادرة على حماية أي من أصدقاءها أو حلفاءها المفترضين، بعد الهزيمة العسكرية السياسية الشنيعة التي منيت بها في العراق وهذه حقيقة تفرض على دول الخليج العربي مراجعة أوضاعها وتصحيح أخطاءها الإستراتيجية، خاصة موقفها من احتلال العراق، وأنه لا سبيل إلى ذلك سوى وقف التعامل مع كل إفرازات الغزو والاحتلال في العراق وعدم الاعتراف بشرعية السلطة العميلة الذي فرضها المحتل، واحتضان المقاومة العراقية وتقديم الدعم المادي والسياسي والإعلامي لها، هذا إذا ما كانت الدول الخليجية جادة وعازمة على مواجهة كل الأزمات السياسية والإستراتيجية التي تعاني منها وتستنزف جهودها وتبدد طاقتها.
22 أبريل 2010م التجمع القومي الديمقراطي
مملكة البحرين