بانتهاء العملية الانتخابية وإعلان النتائج التي سوف ترسم الخارطة السياسية للعمل البرلماني للسنوات الأربع القادمة، تكون البحرين قد طوت صفحة من تاريخها السياسي و الوطني، وفتحت صفحة جديدة على مستقبل العمل البرلماني والعمل السياسي برمته، أن التجمع القومي رغم إيمانه الشديد بالعمل السياسي السلمي، وتمسكه بنهج الإصلاح الديمقراطي، إلا انه يرفض اختزال هذا الأمر في مسالة الانتخابات وحدها، وقد جاءت مشاركتنا للمرة الثانية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بعد تجربة عام 2006م، لتؤكد حرص التجمع القومي على الحضور السياسي و الاستفادة من المشاركة التي توفرها عادة أجواء الحراك السياسي، خلال المواسم الانتخابية السياسية، بالإضافة إلى تأكيد التزامنا بخيار الديمقراطية والعمل السياسي الجماهيري السلمي، وتحمل مسؤوليتنا في حماية الوحدة الوطنية وتطوير التجربة البرلمانية، في إطار الثوابت والمبادئ التي تحكم مواقف وقرارات التجمع القومي الديمقراطي.
من هنا فنحن ننظر إلى التجربة الانتخابية باعتبارها جسراً للتواصل مع الناس والتفاعل مع قضاياهم الوطنية والمعاشية، وباعتبارها وسيلة هامة للحوار والبناء من أجل المصلحة العليا للوطن، ومن أجل حياة سياسية تحفظ الحقوق وتصون المكتسبات.
انطلاقاً من كل هذه القناعات المبدئية، جاءت مشاركة التجمع القومي في شخص الأمين العام للتجمع الدكتور حسن العالي في المحافظة الشمالية – الدائرة السابعة – الذي استطاع بما لديه من خبرات نضالية وكفاءات سياسية، وبما يمتلكه من حس وطني عالٍ، وما يتمتع به من قدرات اقتصاديه ومهنية – استطاع – أن يجسد كل معاني الالتزام بالمعايير السياسية والأخلاقية – والإيمان بالمنافسة الحرة والشريفة، والتعبير عن مصالح وهموم المواطنين كافة وعن تطلعاتهم في العيش الكريم، وفي تحقيق قيم العدالة والمساواة بين أبناء البلد الواحد دون أي تمييز أو تهميش لدوافع سياسية أو طائفية أو عرقية.
وهكذا فقد أتاحت لنا هذه التجربة الانتخابية، بالرغم من شدة المنافسة، وبالرغم من تناقضات الواقع السياسي، أن نوصل رسالة التجمع القومي بكل أمانة ووضوح، حول فهمنا لمعنى العمل السياسي الوطني، وأن السياسة لم تكن يوماً بالنسبة لنا ثارات ومماحكات، وبأننا لا نحمل عداوات أو أحقاد شخصية، بل نحمل هموم هذا الوطن، ونحمل وراءنا تاريخ من النضال لخدمة أبناء شعبنا، وأننا أمناء بحق على هذا التاريخ، وبذلك قدمنا المثل والنموذج لمعنى الارتقاء بالمصلحة الوطنية على حساب المصالح الفئوية والطائفية، التي كانت للأسف هي المعيار والمحرك لبعض المترشحين من المنافسين في هذه الانتخابات؟؟؟ الأمر الذي كان يعكس قصوراً حاداً في الوعي السياسي والوطني، وتخلفاً فاضحاً في فهم الديمقراطية، وتعدياً على أصول وقواعد هذه العملية، وكان لابد أن تأتي النتائج وفق هذه السياقات، وأن تعكس طبيعة ومستوى الحسابات السياسية والحزبية الضيقة التي تجاهلت وضحت بكل المكاسب الوطنية التي تحققت عبر السنوات الماضية بفضل العمل الوطني المشترك – وقد جاءت هذه الحسابات القاصرة تحت عناوين من التحشيد والتجيش الطائفي، واللجوء إلى الإساءات الشخصية، وبث الإشاعات المغرضة وشن حملات من التشهير للتأثير على الناخبين ومع كل هذه الأساليب والأعمال غير المشروعة، استطعنا أن نحدث اختراقاً هائلاً في الدائرة الانتخابية، مسقطين بذلك وهم الدوائر المغلقة؟؟ فقد كانت نسبة الأصوات التي حصل عليها مرشح التجمع القومي، وامتناع ما يقارب 4 آلاف ناخب من الذهاب إلى صناديق الاقتراع، أدلة شاخصة على أن الدائرة الشمالية هي دائرة مفتوحة للمنافسة القوية لكافة المترشحين؟؟ ولولا سلبية بعض الناخبين كان يمكن أن تكون المعادلة السياسية أكثر توازناً وأكثر عدلاً، مع احترامنا لإرادة كل المواطنين الذين شاركوا والذين قاطعوا.
هكذا نحن في نهاية المطاف فخورون بالنتائج المشرفة التي حققها مرشحنا، ويزداد فخرنا ما كسبناه من حب وثقة أبناء الدائرة، وتعاطف قطاعات كبيرة من أبناء شعبنا من الذين وقفوا مع الدكتور حسن العالي وساندوا حملته الانتخابية، وهؤلاء جميعاً يستحقون منا الشكر والتقدير، وستكون وقفتهم معنا بالإضافة إلى ما استطعنا الخروج به من حصيلة سياسية واجتماعية وكل ما تراكم لدينا من خبرات ميدانية – ستكون – حافزاً لنا للعمل والتطلع نحو المستقبل، ولن يوجد ما يشل إرادتنا أو يثني عزيمتنا، وإننا ماضون في طريق الدفاع عن حقوق الوطن، كل الوطن، وحقوق الشعب كل الشعب. كما أننا نعاهد أبناء مدينة حمد والبحرين بأن نواصل تنفيذ ما قدمناه من برامج خلال الحملة الانتخابية، بما في ذلك الحرص على التواصل معهم وتبني همومهم ومشاكلهم والعمل على المساهمة في علاجها والدفاع عهنا.
وان التجربة بكل ما رافقها من ايجابيات وسلبيات ستفرض علينا حتماً إعادة تقييم الوضع السياسي بصورة موضوعية، واستخلاص الدروس والعبر الضرورية وصياغة الموقف السياسي الضروري تجاه حاضر ومستقبل العمل السياسي وإعادة رسم شكل وطبيعة العلاقات مع القوى السياسية في الساحة الوطنية.
صدر في 2 نوفمبر 2010م الأمانة العامة
للتجمع القومي الديمقراطي