تدارست جمعية التجمع القومي الديمقراطي باهتمام بالغ التطورات السياسية والاقتصادية الأخيرة في البلاد والمتمثلة في الرسالتين المتبادلتين بين جلالة الملك وسمو ولي العهد وما رافقها من حديث عن غياب الرؤى والأهداف المشتركة بين الحكومة ومجلس التنمية الاقتصادية وانعكاسات تلك السلبية على برامج التنمية، وبالتالي على الأوضاع المعيشية والوظيفية والخدمية للمواطنين، التي شهد الجميع على تدهورها وتفاقمها سواءً خلال الفترة الأخيرة والتي كانت إحدى مظاهرها الأحداث الأمنية الأخيرة.
وإذ ترحب الجمعية بما تنطوي عليه تلك التطورات من رغبة واضحة في تجاوز تلك الأوضاع المأزومة نظرا لما باتت تثيره من علامات استفهام كثيرة حول مصير المشروع الإصلاحي، وأيضا بما تنطوي عليه من توجهات للمزيد من الشفافية في التعامل مع القضايا السياسية والاقتصادية التي تهم المواطنين، فأن الجمعية تود التأكيد على ما يلي:
أولا: أن الأزمة السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد ترجع جذورها إلى غياب الديمقراطية والمشاركة السياسية والشعبية، وقمع الحريات ومصادرة الحقوق والرأي المعارض لعقود من السنين مما فتح الباب أمام التفرد بالقرار السياسي والاقتصادي وخضوعه للمصالح الشخصية والذاتية والفئوية بعيدا عن مصالح الناس، مما أدى إلى تفشي الفساد والمحسوبية والأنشطة العشوائية، وتبدد الأموال في برامج اقتصادية عقيمة، وبالتالي، فأن أي علاج حقيقي لتلك الأمة لا بد أن يبدأ بإعادة الحياة الديمقراطية كاملة غير منقوصة عبر إدخال التعديلات الدستورية والتشريعات السياسية التي طالبنا بها.
ثانيا: أن ما جرى من تطورات يؤكد مطالباتنا المتكررة بضرورة وجود رؤية واضحة وطويلة الأجل للتنمية المستدامة في البلاد، تنمية تقوم على توفير العمل والحياة الكريمة للمواطن، وتؤمن مستقبله، ومستقبل الأجيال القادمة، تترجم إلى استراتيجيات وبرامج اقتصادية متوسطة وقصيرة الأجل، وتقوم بتنفيذها سلطة تنفيذية مختارة على أسس الكفاءة والنزاهة تؤمن بالإصلاح وحقوق الناس وخاضعة بالكامل لرقابة السلطة التشريعية في المرحلة الأولى، على أن نشهد لاحقا تجسيدات حية للملكية الدستورية التي تنبثق بموجبها السلطة التنفيذية من رحم الهيئة التشريعية المنتخبة.
ثالثا: أن تلك التطورات تؤكد أيضا الحاجة الماسة لإطلاق دور وحريات المؤسسات المجتمع المدني بما فيها الجمعيات السياسية والنقابات العمالية والنقابات الحقوقية والمهنية كاملا لتمارس دورها في دعم برامج الإصلاح السياسي والاقتصادي وهذا لن يتأتى إلا من خلال مشاركتها في رسم وتنفيذ هذه البرامج، ومن هنا فأننا نعيد تأكيد مطالبتنا بمبادرة القيادة السياسية للاستجابة بفتح أبواب الحوار والمشاركة مع القوى السياسية الوطنية والمهنية في أسرع وقت ممكن للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية الراهنة.
رابعا: مع تثميننا لغايات وبرامج الإصلاح الاقتصادي والبشري والتعليمي التي يقودها صاحب السمو ولي العهد، وإدراكنا في حالة تنفيذها مستقبلا بأنها ستسهم دون شك في تحقيق التطور الاقتصادي الكبير للبلاد وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، فأننا نطالب بإيجاد حلول عاجلة جدا للأزمة الاقتصادية والمعشية التي تعيشها فئات كبيرة من المواطنين عبر إجراء زيادات مباشرة مرتبطة بمؤشرات التضخم ومؤثرة في مداخيلهم، وتوسيع أشكال الدعم للفئات المحتاجة والمتقاعدين وتوفير فرص العمل الكريمة للمواطنين ومحاربة الزيادات الفاحشة في أسعار المواد الغذائية والخدمات والسكن، حيث أن برنامج الدعم الأخير الذي أعلنت عنه الحكومة لن يكون سوى علاج مؤقت وقصير جدا وغير ملبيا لاحتياجات الناس ومطالبهم الضرورية.
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.