منذُ خمس سنوات ارتكبت الولايات المتحدة الأمريكية أبشع جرائم القرن الواحد والعشرين، وهي جريمة احتلال العراق بعد عدوان اقتصادي وسياسي وعسكري استمر أكثر من اثنا عشر عاماً، جريمة طالت كل معالم الحياة في العراق، وتجاوزت القانون الدولي والإنساني. جريمة اعتمد سياقها على أكاذيب تأكد بعد ذلك على صدق كل الأكاذيب، وعاش العراقيين بعدها على سلسلة من الأكاذيب شملت الأمن والحرية والديمقراطية. فتحول العراق بفعل تلك الأكاذيب إلى وطن مقسم، وطن طائفي، ووطن عرقي.
ولم تكن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانية هما الآثمتان فقط؛ بل أن الاحتلال قد وقع تحت سمع وبصر الأنظمة العربية، هذه الأنظمة التي شارك فيها البعض مباشرة بجريمة الاحتلال، وسكت البعض الآخر، متناسين كل ما يربط هذه الدول العربية بالعراق من علاقات الأخوة واللغة والتاريخ والمصير المشترك، ولم تقدم حتى هذا اليوم أي دعماً أو مساندة للعراق ولشعبه إلا تلك التي تؤكد شرعية الاحتلال واغتصاب الحق من أهله ليكون بيد أعدائه. لذلك، فأن جماهير شعبنا لا ترتجي من مؤتمر القمة العربي القادم في دمشق أي خير تجاه تحرير العراق م براثن الاحتلال، كما لا ترتجي من منه خيرا تجاه أية قضية عربية أخرى ولا سيما فلسطين ولبنان والسودان وغيرها.
وبعد التدمير المنهجي لمعالم الدولة في العراق، فلقد عانى شعبه من فقدان الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، وغياب الأمن، وانتشار الموت اليومي بين أهل العراق، شيوخاً ونساءً وأطفالاً، بيد المحتل وميليشيات الموت الطائفية، وفقد العراق المأوى بسبب ممارسات السلطة المتحكمة فيه بتهجير أبناءه القسري إلى الداخل والخارج. بل ان هذه الزمر الغارقة في التآمر على العراق راحت تفتح الأبواب أمام الهيمنة والأطماع الإيرانية في اقتطاع أجزاء من العراق وتحويله إلى مستعمرة يسرقون خيراتها ويغتالون أهلها، ويجعلوا منها سلعة للمساومة مع الاحتلال الأمريكي على تقاسم حاضر ومستقبل العراق. ووسط موجات الخيانة والتأمر، تتخبط تلك الزمر بين ما يسمى بمؤتمرات المصالحة وبين ما يسمى بالاستعانة بمجالس الصحوات وهي تدرك قبل غرها أن رهانها عليها خاسر لا محالة، وأنها باتت أدوات بيد الاحتلال لا غير.
وفي وسط هذا التوحش العدواني الممنهج ضد العراق وشعبه وثرواته، وضد ثقافته وفكره، وضد وجوده وهويته، يسطع بواسل المقاومة العراقية الباسلة، الذين يقاتلون قوات الاحتلال والذين باعوا وطن العراق بأبخس الأثمان، تحمل أمانة وطنها والدفاع عنه، واستطاعت بما تملك من القدرات التجهيزية العسكرية المتنامية أن تنازل أعتى القوى الشر العالمية، هذه القوى التي عجزت ومنذ خمس سنوات على بسط سيادتها على العراق كاملاً وعلى شعبه، وقد أثمرت المنازلات المتتالية لها أن هذه القوى الشريرة تقف عاجزة عن تحقيق أهدافها في العراق، وأرغمت الكثير من حلفاءها على مغادرة العراق، مُذعنة للحق العراقي في أرضه وثرواته، ومدركة فداحة ما أقدمت عليه من خطأ المشاركة في العدوان على العراق وقتل شعبه وسرقة ثرواته، تاركة قوات الاحتلال الأمريكية ومن بقى معه على حافة الهزيمة.
أيها الرفاق والأخوة في حركة التحرر العربية
إن المقاومة الوطنية العراقية، التي بتضحياتها والانتصارات التي حققتها دفعت المشروع الأميركي إلى التراجع، ثم الوصول إلى حافة الهزيمة، لهي ملك لكل الأحرار العرب، الأمر الذي يدفعنا إلى مطالبتكم من أجل تفعيل حركتكم الداعمة للمقاومة العراقية، واعتبار مسألة تحرير العراق الحلقة المركزية لأي مشروع تغييري ينطلق من الداخل، وتحرري من هيمنة التحالف الأميركي والصهيوني على مقدرات أمتنا وسيادتها.
يا أبطال المقاومة العراقية
إن العراق الأبي، بفضل نضالكم، سيشع على العالم أنواراً تضيء له الطريق في سبيل الخلاص من طغمة الشر والإرهاب الأميركية، وبه عبَّدتم الطريق أمام أمتكم العربية لتفخر على العالم كله أنها أسقطت أكبر مشروع إمبراطوري أميركي، لو قُيِّض له أن يعيش فسيحكم العالم بقوة الحديد والنار والعبودية والذل.
و إننا وإذ نقف على أبواب العام السادس للاحتلال، نتوجه إليكم بكل مواقف الاعتزاز والفخر، ونبارك عملكم الجبهوي الذي قمتم بالإعلان عنه، بصيغة (قيادة الجهاد والتحرير)، برئاسة الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي المناضل عزة الدوري.
كما نتوجه بالتحية والإكبار لروح الشهيد صدام حسين، مؤسس المقاومة وقائدها وشهيدها الأكبر، الذي قدم نفسه قربان فداء للعراق والأمة العربية.
التحية إلى كل شهداء المقاومة الذين واجهوا بشجاعة الحكم باغتيالهم.
والتحية إلى كل المعتقلين الذي أثبتوا الصلابة والشجاعة في كل مواقفهم أمام الجلادين.
والتحية إلى كل شهداء الأمة العربية الذين دفعوا حياتهم من أجل تحرير أرضهم من الصهيونية والاستعمار.