تمر علينا هذه الأيام الذكرى الثالثة للعدوان والاحتلال الأنكلوـ أمريكي والصهيوني والشعوبي للعراق، وهو الاحتلال الذي جاء على خلفية مجموعة من الذرائع الباطلة والأكاذيب الساقطة التي ساقها المحتل الأمريكي الصهيوني وروجها إعلامه الكاذب والمضلل ضد هذا البلد العربي وضد قيادته الوطنية والشرعية تمهيداً للعدوان والغزو في العشرين من مارس 2003م، والذي أعقبه بعد ذلك إطلاق يد كل المجرمين من أعداء العراق والعروبة لنشر الموت والدمار في كل زاوية من زوايا العراق، وممارسة أحط أنواع الانتقام وأبشع صور القتل والتعذيب وإحراق كل ما له من صلة بالدولة العراقية وبالحضارة والتقدم الذي استطاع العراق تحقيقه وبلوغه في المجالات العلمية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية طوال ما يزيد على ثلاثة عقود في ظل حُكمه الوطني والقومي وقيادته الوطنية المجاهدة، قدم العراق خلالها أنهاراً من الدماء الزكية وجبالاً من الصبر والتضحيات دفاعاً عن حريته واستقلاله وصوناً لكرامة وشرف العراقيين.
واليوم ومع دخول الاحتلال عامه الرابع يمضي المحتل الغاشم وعملاؤه المرعوبين من السلطة العميلة في مواصلة الجرائم وارتكاب المجازر ضد العراق وفي حق شعبه الصابر المظلوم، والاستمرار في حياكة المخططات الشيطانية التي تدفع به إلى مهاوي التمزق والتقسيم على أسس عرقية وطائفية وخلق كيانات وكتل هزيلة متناحرة تخدم أهدف الاحتلال وأعوانه من الشخصيات السياسية الساقطة وطنياً والخائنة تاريخياً، والمهووسة بالأحقاد الطائفية والدعوات الانفصالية، والتي استطاعت أن تجعل من العراق ساحة للويلات والفواجع المتواصلة، ليتأكد إلى كل من يملك ذرة من العقل أو بقايا من ضمير أن هذه القوى والشراذم التي جلبها المحتل على ظهر دباباته ليست سوى أدوات لتنفيذ جرائمه التي تتوالى وتتعدد أشكالها وصورها في العراق اليوم، وهي الجرائم التي لم تقتصر على القتل والسجون والتعذيب الوحشي ونشر " فرق الموت الصولاغية "، ولم تتوقف عند حدود تدمير المدن وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها وتهجير الآلاف من العوائل. بل امتدت يد الإجرام إلى تخريب اقتصاد البلد وإفقاره بالفساد ونهب ثرواته وخيراته، كما طال الخراب والدمار كل البنى التحتية للدولة والقضاء على كل المؤسسات العلمية والثقافية والطبية، وتصفية الكفاءات العراقية بالقتل والاعتقال أو الإجبار على مغادرة البلد، وإفراغه من كل مقومات الحياة والنهوض. كما طالت يد المحتل وأعوانه من القوى الطائفية الشعوبية مناهج التعليم والتربية في محاولة لتدمير الهوية الوطنية والقومية للعراق، وقيام " عصاباتها " و " ميليشياتها " بالتهريب المنظم لرموز العراق الحضارية وسرقة آثاره وتراثه، إضافة إلى سن القوانين والتشريعات الباطلة التي تستهدف " اجتثاث " كل مبادئ وقيم العروبة ورموزها وطلائعها المناضلة.
وأخيراً لجأ المحتل الأمريكي الصهيوني والشعوبي الطائفي إلى اللعبة أو " الخسة " الاستعمارية المعروفة عنه وهي دفع البلد إلى أتون المحرقة الطائفية وإشغال الشعب بالاحتراب الداخلي والتقاتل المذهبي، عبر تعمد الهجوم على المواقع والمزارات الدينية المقدسة وضرب وحرق المساجد ودور العبادة من أجل إذكاء نار الفتنة كما حصل في مدينة
سامراء بعد تنفيذ العمل الإجرامي بتفجير مرقد الإمامين العسكريين (ع) بغرض خلط الأوراق وتشويه صورة المقاومة العراقية خاصة بعد تصاعد ضرباتها الموجعة للمحتل ولعملائه والتي
أدت إلى تعمق مأزق الاحتلال عسكرياً وسياسياً وبلوغ مشروعه في العراق والمنطقة ذروة الفشل والإخفاق في إطار المواجهة المفتوحة بين المقاومة والاحتلال، وعلى قاعدة الهدف الاستراتيجي للمقاومة في دحر المحتل وتحرير العراق والحفاظ عليه موحداً ووطناً لكل العراقيين.
إننا في التجمع القومي الديمقراطي وفي هذه الذكرى الفاجعة لاحتلال العراق نجدد دعمنا ووقوفنا إلى جانب العراق المقاوم ونؤكد وفاءنا لشعبه الشقيق صاحب الفضل والمواقف القومية النبيلة في دعم كل القضايا الوطنية والقومية في فلسطين ولبنان والخليج العربي والجولان. ومن منطلق المسئولية القومية والواجب الأخلاقي الإنساني ندعو كافة القوى القومية والإسلامية الوقوف إلى جانب العراق ومقاومته الباسلة، هذه المقاومة التي تخط اليوم للأمة العربية تاريخاً مشرقاً، وتفتح أمامها أبواب التحرر والتوحد.
عاش العراق حراً عربياً موحداً
عاشت المقاومة العراقية البطلة
الهزيمة للمحتل وأعوانه من القوى الطائفية والانعزالية
المجد والخلود لشهداء العراق وفلسطين والأمة العربية.
المنامة ـ 19 مارس 2006م.