بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة والأخوات،،،
نرحب بكم في هذا المؤتمر الصحافي الذي يأتي في ظل تزايد تعقيدات المشهد السياسي والأمني في البحرين، حيث اتخذت السلطات قرارا خطيرا بتصعيد جرعة القوة المفرطة باستخدام مختلف أنواع الأسلحة مثل الرصاص الحي والانشطاري (الشوزن) والمطاط والغازات السامة ضمن سياسة العقاب الجماعي وإحداث اكبر عدد من الإصابات الخطرة المؤدية للقتل، كما حدث مع الشهيد احمد إسماعيل الذي قتل برصاص حي أطلق من جهة قوات الأمن التي كانت متواجدة لحظة الجريمة. وإمعانا في تعذيب أسرته فوق مصيبتها رفضت السلطات تسجيل السبب الحقيقي للوفاة، الأمر الذي أبقى الشهيد مسجى في المستشفى لمدة أسبوعين، في عملية استفزاز للمشاعر الإنسانية والدينية والوطنية، دون أدنى التزام أخلاقي من قبل السلطات تجاه الأموات والإحياء معا، وما زاد من محنة أسرته والشعب البحريني هو محاولة التهرب من مسئولية القتل العمد للشهيد، وهي مسالة مرفوضة من قبل جمعيات المعارضة السياسية وجماهير شعبنا التي تطالب بالحقيقة ومحاكمة القاتل. إن الإمعان في استخدام القوة المفرطة وعدم مسائلة المسئولين عن القتل والتعذيب، كما جاء في توصية تقرير لجنة تقصي الحقائق، شجع الأجهزة على الاستمرار والإدمان في الاعتداء على المتظاهرين السلميين. حصل هذا للشاب محمد احمد في تشييع الشهيد احمد إسماعيل، حيث يرقد محمد في العناية القصوى بعد أن استقرت خمس من شظايا الشوزن في قلبه، وهو يواجه الآن الموت بسبب استهدافه بشكل مباشر من قوات الأمن.
وفي موازاة البطش الأمني وسفك المزيد من الدماء، تتواصل عملية تنفيذ العقاب ضد فئات اجتماعية واسعة من أبناء شعبنا:
1-ضد رجال الأعمال، حيث تستمر اقطاب في الحكم بتنفيذ تهديداتها التي أعلنت عنها قبل أكثر من عام، تجسيدا للشعار الذي رفع "من ليس معنا فهو ضدنا"، في إشارة واضحة لمعاقبة رجال الأعمال الذين لم يناصروا القتل والبطش والقمع الذي قامت به السلطات ووثقته لجنة تقصي الحقائق والتزم الحكم أمام العالم انه سينفذ توصياته. فقد تعرضت فئة من التجار إلى حرب إعلامية واقتصادية وتجارية ضربت عرض الحائط القانون الذي يدعون تطبيقه وأعطيت الأوامر بتجاوز كل القوانين والقفز فوقها وحركت مجاميع محمية من أجهزة الأمن لاتنتمي إلى أية فئة من المجتمع بل هي مجموعة تتلقى أوامرها من مراكز صناعة القرار الأمني، فاعتدت وخربت وكسرت وسرقت محلات مجموعة جواد التجارية في أكثر من 55 اعتداء وسرقة وتخريب في أكثر من عام بعلم القوات الأمنية التي تتواجد في تلك الأمكنة، وبمشاركتها في بعض الأحيان مثلما أوضح شريط الفيديو الأخير الذي فضح دور قوات الأمن في الاعتداء والسرقة.
كما برزت في الأيام القليلة الماضية ظاهرة الاعتداء على البنوك التجارية في مناطق التوتر، وهي ظاهرة ندينها ونرفضها ونحمل السلطات مسئولية الحفاظ على سلامة كل مؤسسات البلد والممتلكات العامة والخاصة.
2-الاستيلاء على مؤسسات المجتمع المدني، حيث تواصل وزارة التنمية الاجتماعية وحقوق الإنسان عمليات ضرب مؤسسات المجتمع المدني من خلال عملية تعسف واسعة ضد هذه المؤسسات والقفز على القانون. حدث هذا مع الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان وجمعية المحامين وجمعية التمريض العام الماضي.. وتكرر الوزارة اليوم نفس التعسف مع جمعية الأطباء عندما أقدمت على حل مجلس الإدارة الشرعي المنتخب وتعيين مجلس إدارة غير شرعي، بعض عناصره ليسوا أعضاء في جمعية الأطباء، وأمعنت هذه الوزارة في التجاوزات وسجلت الأجانب أعضاء عاملين في الجمعية بخلاف النظام الأساسي الذي يحدد فقط العضوية المشاركة فيها، وأدخلت أعضاء جدد لايحق لهم الانتخاب والترشح والتصويت إلا بعد مرور ستة أشهر على عضويتهم العاملة، حسب ما يوضحه النظام الأساسي لجمعية الأطباء، الذي تجاهلته وزارة التنمية الاجتماعية وحقوق الإنسان.
3-استمرار توقيف موظفي الدولة وإهانة المفصولين تعسفيا، من خلال سياسة الانتقام والتشفي التي تمارسها العديد من وزارات الدولة ومؤسساتها، حيث تتواصل عمليات توقيف الموظفين وخصوصا في وزارة التربية والتعليم التي لايشكل لها القانون إلا مطية تركبه وقت ما تشاء في عملية تخريب وتدمير واسعتين للعملية التربوية في البحرين، ناهيك عن انتهاك القانون بقطع نسب كبيرة من أجور ورواتب الموظفين بلا سند قانوني. فوق كل ذلك لايزال ملف المفصولين تعسفيا مفتوحا ولم يعالج.
4-التهرب من تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق، حيث تبين بما لايدع مجالا للشك أن الدولة الأمنية التي تحكم سيطرتها على مفاصل البلاد، ترفض تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق، خصوصا بعد أن قدمت اللجنة الوطنية لمتابعة توصيات لجنة تقصي الحقائق تقريرها للملك في النصف الثاني من مارس 2012. إن عمليات تهريب واسعة تتم لتوصيات التقرير، فبعد أن شكلت لجنة حكومية بدلا من اللجنة المستقلة لمتابعة وتنفيذ هذه التوصيات، قرر الحكم إغلاق كافة الطرق أمام التوصيات، التي يأتي في مقدمها الإفراج عن معتقلي الرأي بما فيهم الرموز والقيادات السياسية التي فبركت عليهم اتهامات باطلة وأكد التقرير بطلان المحاكم العسكرية التي قدموا لها باعتبارها غير دستورية ولا تتماشى مع القوانين المحلية والدولية.
لقد رفض الحكم تشكيل لجنة وطنية مستقلة لمتابعة وتنفيذ توصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق، ورفض تقديم المسئولين عن قتل وتعذيب المعتقلين للمحاكمة العادلة، ورفض إعادة المفصولين من أعمالهم كما أوصى التقرير، ورفض الإفراج عن معتقلي الرأي، ورفض الشروع في العدالة الانتقالية، ورفض وقف أعمال القمع والقتل بل زاد جرعاتها في الآونة الأخيرة، وأعلن رفضه للحوار على لسان المستشار الإعلامي للملك. إضافة لكل ذلك تم ضرب عرض الحائط كل القوانين المعمول بها في الدولة، لكي تسود الدولة الأمنية وتبسط سيطرتها على الجميع، الأمر الذي حدا بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان المنظمات الدولية ذات الصلة، وآخرها تقرير منظمة العفو الدولية الصادر اليوم الثلاثاء، التي طالبت الحكومة البحرينية الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع سجناء الرأي ومحاسبة كل من يشتبه في ارتكابه التعذيب أو القتل بمن فيهم المسئولون عن الأمر بذلك. وقالت انه "قد حان الوقت لتقرن الحكومة البحرينية تصريحاتها المعلنة بأفعال حقيقية". ونجدد تأكيدنا هنا على مطالبنا التي رفعناها في هذا الشأن والمتمثلة بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين وفي مقدمهم القيادات والرموز، باعتبارهم سجناء رأي. ونشدد على الضرورة القصوى للإفراج الفوري عن الناشط الحقوقي عبدالهادي الخواجة الذي يدخل يومه السابع والستين مضربا عن الطعام ونحمل السلطات المسئولية الكاملة عن حياته وسلامته.
إن الجمعيات السياسية المعارضة: الوفاق، وعد، القومي، الوحدوي والإخاء، تحمل الحكم مسئولية الانزلاق الأمني الخطير الذي وصلت إليه البلاد، وتحمله مسئولية تردي الوضع الاقتصادي وهروب الاستثمارات المحلية والأجنبية من البلاد، وتحمله أيضا أعمال الاعتداء والتخريب التي تنفذها جهات معينة بهدف تأزيم الوضع أكثر مما هو متأزم.
وتؤكد الجمعيات المعارضة على تمسكها بالخيار السلمي وبحضارية الحراك الشعبي وتدين العنف من أي طرف كان، وتراهن على وعي جماهيرنا بعدم الانزلاق وراء المخططات التي تريد جر البلاد إلى تصادم أهلي بين مكونات المجتمع البحريني.
إن الأزمة في البحرين هي أزمة سياسية دستورية، وعلاجها ينبغي أن يكون سياسيا وليس بمعالجات أمنية تزيد الأزمة تعقيدا مع سفك المزيد من دماء أبناء شعبنا الأبي، حيث يتمسك الحكم بخياراته الدكتاتورية ويرفض الاستجابة للمطالب الشعبية في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية في دولة مدنية تحترم حقوق الإنسان.
وشكرا
جمعية الوفاق الوطني الإسلامية
جمعية الإخاء الوطني
جمعية التجمع الوطني الديمقراطي الوحدوي
جمعية التجمع القومي الديمقراطي
جمعية العمل الوطني الديمقراطي
17 ابريل 2012