بيان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي 06/04/2009 |
لمناسبة مرور 62 عاما على ميلاد البعث |
يا جماهير أمتنا العربية المجيدة أيها المناضلون البعثيون أينما كنتم
تهل علينا الذكرى 62 لميلاد حزبنا العظيم والأمة العربية ما زالت تواجه أخطر التحديات لوجودها في تاريخها الحديث والقديم، متمثلة في الآثار الخطيرة لغزو العراق من جهة، ودفع القضية الفلسطينية إلى نفق ضيق مغلق من جهة ثانية، إضافة إلى الأزمات الاقتصادية التي تخنق الجماهير العربية. وفي بيئة التحدي الوجودي هذه يقف حزبنا، مستندا على تجارب أكثر من 60 عاما من الجهاد والتضحيات والانجازات العظمى، ليخوض غمار المواجهة الجهادية والتاريخية على طريق بناء الحاضر والمستقبل للانتصار لقضايا الأمة المصيرية من خلال نجاحاته المتميزة في المحافظة على مبادئه وأصالته القومية والوطنية، وفي الدفاع عن عروبة العراق وفلسطين بشكل خاص وكل الأقطار العربية المهددة بالشرذمة الصهيونية والإيرانية، المدعومة من قبل أمريكا بشكل عام.
أيها الأحرار
أيها الأبطال على أرض الرافدين
وها نحن نحتفل بهذه الذكرى وبعام جديد من مسيرة البعث النضالية التي يحتل فيها الصدارة وموقع القلب من بقية سائر الجسد، ها نحن نستقبل عاما جديدا للاحتفاء بها وقد تمكنت المقاومة الباسلة من خلخلة الأسس التي قام عليها الاحتلال وتقويضها وزلزلت الأرض تحت أقدام المحتلين والعملاء، وأهمها محاولة شرذمة شعب العراق العظيم عبر فتن طائفية-عرقية، تشعلها إيران والكيان الصهيوني بدعم أمريكي تام، ومحاولة شق المقاومة المسلحة واحتوائها، إلا أن صمود شعبنا وبسالة مقاومتنا المسلحة أحبط مخطط الشرذمة بعد ست سنوات من العمل الجاد من أجله.
إن العراق يؤكد اليوم أنه عراقا واحدا موحدا بإرادة شعبه، قويا ببنادق مجاهديه، محاصرا قوى الاحتلال والحكومة العميلة التي نصبها ويحميها، ولعل أبرز مظاهر قدرة المقاومة والبعث على دحر كافة خطط محاولة القضاء عليهما، هو اعتراف القادة العسكريون الأمريكيون في العراق في الآونة الأخيرة بأن المقاومة تزداد ضراوة واتساعا، ومستمرة في تطوير منظومات أسلحة فتاكة، كما أعلنت بعض فصائل المقاومة، وأشارت إلى ذلك المصادر الأمريكية، معترفة بقدرة تلك الفصائل الفائقة على مواصلة الجهاد وتوسيع نطاقه وتحديث وإدامة أدواتها من أسلحة ومعدات.
أيها الرفاق
أيها المقاومون على أرض الرافدين
أيها الصامدون في خنادق المواجهة في عراق القائد صدام حسين
إن جماهير شعبنا العربي في كافة أقطاره تفخر بقدرة المقاومة العراقية على إحباط مخططات الاحتلال ونجاحاتها المتتالية في تصعيد العمل المسلح ضد الاحتلال وعملائه. ونتيجة لهذا الفشل اتجه الاحتلال الأمريكي مؤخرا إلى تطوير ما سمي ب"الحل الدولي لمشكلة العراق"، ليكون غطاء لإنقاذ أمريكا من هزيمتها فيه. و"الحل الدولي" هو عبارة عن خطة عمل تشارك في تنفيذها حكومات عربية مع الأسف، وإيران وتركيا والاتحاد الأوروبي، وربما اجتذبت روسيا إليها، كما تشير بعض المواقف الروسية، هدفها اتخاذ قرار دولي وعربي بدعم الحكومة العميلة في بغداد بكافة الوسائل، ومنها الاعتراف الدبلوماسي الكامل وفتح سفارات ودعم شعار "المصالحة" ودعوة المقاومة العراقية لإلقاء السلاح والانخراط في العملية السياسية!
فباسم "المصالحة" وتحت غطاء عربي إقليمي ودولي تريد الولايات المتحدة الأمريكية ضرب عصفورين بحجر واحد: فمن جهة تريد تحميل العرب ودول الإقليم والأمم المتحدة والكتل الدولية الأخرى مسئولية فرض الأمن في العراق، ومن جهة ثانية تريد عقد صفقة أمريكية- إيرانية -تركية يشارك فيها الاتحاد الأوروبي وروسيا، تقوم على الاعتراف بحق أمريكا بالحصول على "حصة الأسد" في العراق، فيما تحصل بقية الأطراف على حصص أقل يُتوافق عليها.
ومن المؤكد أن "الحل الدولي" هو تعبير عن عجز أمريكا في مواصلة غزو العراق، خصوصا بعد أن أوصلتها المقاومة العراقية إلى حافة الانهيار العام بعد الانهيارات المالية، لذلك تحاول تقليص خسائرها المادية والبشرية وتحميل أطراف أخرى خسائر محاولات فرض الأمن في العراق.
إن القيادة القومية ترى في الحل الدولي خطوة تآمرية خطيرة ترفضها بشدة، وتدعو الأنظمة العربية خصوصا دول الجوار، إلى عدم المشاركة في دعم ما يسمى ب"المصالحة"، ورفض إضفاء الشرعية على الاحتلال بتطبيع العلاقات مع حكومة بغداد العميلة. مؤكدة أن الحل الدولي في جوهره حل يقوم على حصول كافة الأطراف الإقليمية (إيران، تركيا، والكيان الصهيوني)، والدولية على حصص من "الكعكة" العراقية، بينما يُغيب أي دور عربي يحرص على مصلحة العراق والأمة! إنها صفقة أمريكية-إيرانية في المقام الأول تموه بغطاء دولي- إقليمي، تستهدف بقاء العراق رهينة بيد القوى الأجنبية والضالعة في التواطؤ والتآمر على العراق، بل بقاء دول الجوار هي الأخرى تحت رحمة القرار الأمريكي وأطراف المحاصصة التي شكلت غطاء للحل الأمريكي. وأمام هذا الحل فإن نضال البعث والمقاومة بكافة فصائلها لقادر على إسقاط "الحل الدولي" وقبره كما تم دفن كافة الخطط التآمرية الأخرى سابقا، ولذلك فإنه يدعو كافة القوى الوطنية العراقية وكافة فصائل المقاومة المسلحة إلى ترسيخ وحدتها وتوسيع دائرة حركتها وترصين صفوفها لإسقاط مؤامرة "الحل الدولي"!
أيها المجاهدون في فلسطين
أيها الصامدون والمرابطون في القدس وغزة
يا أبناء الأمة العربية
إن وصول مجرم الحرب بنيامين نتنياهو إلى الحكم مرة أخرى لم يفاجئ أحد، إذ يعد حلقة مكررة في مسلسل تقليدي للكيان الصهيوني، وهو قبول حكومة صهيونية ل"حل دولي" أو إقليمي لعدة سنوات، تنصرم بالتفاوض بين العرب والصهاينة، برعاية أمريكية مباشرة أو بالواسطة، تستدرج الأنظمة العربية خلال التفاوض لتقديم تنازلات كبيرة "من أجل السلام"، ثم يفوز حزب آخر في الانتخابات ويشكل حكومة جديدة تقوم برفض ما تم الاتفاق عليه مكررة لعبة سابقاتها لعدة سنوات! لقد كانت أول خطة أقدمت عليها حكومة الارهابي نتنياهو هي رفض "مشروع الدولتين" الذي قدمته إدارة بوش الابن وقبلته حكومة عباس و الكيان الصهيوني وبقي محور العمل والتفاوض والتنازل العربي يدورفي حلقة مفرغة، والآن ترفض حكومة نتنياهو هذا المشروع، الأمر الذي سيؤدي حتما إلى تكرار اللعبة التقليدية الأمريكية الصهيونية، وهي الدخول في جولة مفاوضات طويلة جدا من أجل الاتفاق على مشروع بديل!
وتجدر الإشارة هنا إلى مغزى التنازلات التي أقدمت عليها حكومة محمود عباس مع الأسف الشديد، والتي وصلت إلى حد زيارة بغداد المحتلة، جريا وراء إرضاء جهات معينة يعرفها عباس نفسه ويعرفها الحريصون على قضايا الأمة وفي مقدمتها قضية فلسطين، وتأتي هذه الزيارة المُدانة والمخلة بمسيرة الثورة الفلسطينية والموقف الوطني الفلسطيني وإنكارا لدور العلاقة الصميمية التي ربطت البعث وصدام حسين بالقضية الفلسطينية وجعلت من العراق وفلسطين وجهين لحقيقة واحدة طوال سنوات التحدي والحصار، كما تتعامل معها اليوم المقاومة العراقية. إذ تأتي هذه الزيارة تأكيدا واضحا لتنفيذه الأوامر الأمريكية الصهيونية بلا أي تردد، وإلا فما هي مصلحة فلسطين في زيارة محمود عباس إلى بغداد وهي محتلة! إن خطوة عباس هذه أكملت رسم صورته الواقعية وهي أنه أداة من أدوات التحالف الأمريكي- الصهيوني، وهذه حقيقة تجنب حزبنا الإفصاح عنها طويلا، غير أن خطوة عباس الخطيرة تجبرنا على إطلاقها، وتنبيه قوى الثورة الفلسطينية إلى خطورة هذه الخطوة التي تأتي بعد مجزرة غزة وهو الأمر الذي يسمح دون شك بتوجيه أصابع الاتهام وعلامات التعجب والريبة، تُوَجَّه لصاحب الزيارة المذمومة لبغداد الجريحة بعد مجازر غزة التي ترفع أصابع الاتهام نحو بطل الزيارة قبل أن تُرفع نحو الذين هم خلفه!!!
ان شعبنا في فلسطين مطالب اليوم وأكثر من أي وقت مضى، بالتوحد الفوري والتسامي على الخلافات الحزبية بين تنظيمات فتح وحماس وغيرهما من الفصائل الفلسطينية، والنضال المشترك ضد النهج الأمريكي- الصهيوني المعادي لفلسطين وشعبها وحقوقها، معتمدين على المقاومة والبندقية بصفتها الطرف الوحيد القادر على تحرير فلسطين كل فلسطين من النهر إلى البحر.
أيها البعثيون
يا أسود الرافدين
أيها الأحرار في الأمة
إن القيادة القومية في الوقت الذي تقف وقفة تاريخية أمام معركة التحرير التي تدور على أرض الرافدين وفلسطين لا يمكن أن تُغفل خطورة الأوضاع المحيطة في قطر السودان وتصاعد النشاطات المحمومة المتزايدة التي تستهدف السودان أرضا وشعبا قبل استهداف رئيسه، وما صدور قرار ما يسمى (بالمحكمة الجنائية الدولية) إلا نوعا من الابتزاز المفضوح يقع في إطار سياسة فرض تقسيم السودان وإخضاعه للاستعمار الغربي الجديد، تحت أغطية (قانونية) مزيفة تهدف إلى شرعنة إخضاع السودان والسيطرة على ثرواته ومحو هويته الوطنية والعربية. لذلك فإن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي التي سبق أن أكدت تجدد التأكيد على ما يلي:
1- الوقوف المسئول إلى جانب السودان ومطالبة كافة القوى الحية في الأمة دعمه ضد محاولات التآمر عليه من خلال التدخل في شئونه الداخلية، والتأكيد بوضوح كامل على أن وحدة السودان وهويته العربية، مع احترام الأقليات فيه وحقوقها، يشكل المحرك الأساسي لحزبنا.
2- دعوة الرئيس عمر البشير إلى بذل الجهود الاستثنائية لتوحيد كافة القوى الوطنية والقومية في السودان للوقوف موحدة ضد المؤامرات المتعددة الأطراف والدفع بمساعٍ حثيثة لتجميد الخلافات بين القوى الوطنية السودانية وتغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الآنية الضيقة، إن لم يكن بالإمكان حلها، إذ بات الموقف الوطني والقومي هو المطلوب في هذا الظرف المحيط بالسودان أرضا وشعبا.
إن القيادة القومية وهي تتابع ما يدور في السودان والبحر الأحمر وخليج عدن لا بد أن تتوقف أمام عبثية مسرحية القرصنة البحرية في خليج عدن والبحرين العربي والأحمر والمحيط الهندي، وعلاقتها بحركة الأساطيل الكبيرة التي تواجدت في هذه المنطقة تحت ذريعة مواجهة القرصنة وتأمين حركة الملاحة فيها، لتقف هنا وقفة جادة للتنبيه إلى خطورة هذه التحركات وكثافة هذه الأساطيل، المتناغمة بعضها مع حركة القراصنة، والتي تركزت حول السواحل الصومالية والمياه الإقليمية والاقتصادية للصومال، مستغلة تدهور الأوضاع في الصومال والفوضى الطاغية فيه مع غياب الأمن والاستقرار، مستفيدة أيضا من غياب التنسيق الجاد بين الدول المتشاطئة، لمواجهة القرصنة والسعي المسئول لمساعدة الصومال لتجاوز أزماته الداخلية المختلفة ومساعدته في الخروج من محنته المؤلمة.
إن القيادة القومية وهي تتابع هذه التحركات في هذه المنطقة المهمة بأبعادها الإستراتيجية وعلاقة ذلك بالأمن القومي، لا يفوتها أن تذكر بخطورة هذه التحركات التي تقع في إطار الأهداف الصهيونية – الأمريكية وأطماع بعض الدول الغربية التي تسعى إلى إحياء مشاريعها التاريخية وعودة الاستعمار القديم، وإعطاء دور للكيان الصهيوني في البحرين الأحمر والعربي وإنهاء العزلة التي كانت مفروضة عليه، تحت ذرائع وحجج جديدة بقيادة زعيمة الشر في العالم الولايات المتحدة الأمريكية.
وهنا لا بد أن نؤكد على أهمية أن تتحلى جماهير شعبنا في اليمن باليقظة والتسلح بالوعي لمواجهة هذه المخططات التآمرية الجديدة والتنبه إلى العلاقة الجدلية القائمة بين "القرصنة السياسية" في مخططات الإمبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني وحلفائهم تحت مختلف الذرائع، وتلك القرصنة البحرية، فالتآمر على الأمة وأمنها القومي كبير والتكامل في الخطط والإستراتيجيات بات واضحا. إن اليمن اليوم وهو جزء لا يتجزأ من هذه الأمة يتعرض لتآمر واضح يستهدف وحدته وأمنه واستقراره، تستهدف حاضره ومستقبله، مما يستوجب وقوف كافة القوى الحية في اليمن والأمة بجدية ضد قوى التآمر والردة والحفاظ على وحدة اليمن وأمنها واستقرارها.
أيها البعثيون أينما كنتم
إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي وهي تحتفل بدخول الحزب عامه 62 تؤكد أن البعث لم يحافظ على كيانه التنظيمي طوال أكثر من نصف قرن إلا بالتمسك بالأصالة البعثية، القائمة على الأصول الفكرية والعقائدية التي بُني عليها الحزب منذ تأسيسه، لذلك عايشنا حزبنا في العراق يحقق معجزات وأساطير في البطولة والتضحية بعد غزو العراق، لأنه متمسك بالأصالة البعثية التي يضحي من أجلها بكل شيء. والأصالة البعثية تتجسد في المحافظة على مبادئ الحزب القومية الاشتراكية من جهة، وعلى التمسك بإستراتيجية تحرير فلسطين وكل الأراضي العربية المحتلة من سبتة ومليلة المغربيتين إلى الأحواز العربية التي تحتلها إيران من جهة ثانية. فقط بالتمسك بمبادئ الحزب وإستراتيجيته النضالية تمكن الحزب من تجاوز المحن وتحويل الكوارث إلى محفزات للتقدم والانتشار الجماهيري، وبناء على ذلك فإن القدرة على مواصلة عملية تحرير العراق بنجاح ومواجهة التحديات التي تحدق بالأمة مشروطة بالمحافظة على الأصالة البعثية، لأنها روح الأمة وصورة هويتها القومية والحضارية.
عاش البعث طليعة باسلة للأمة العربية.
تحية إجلال للقائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق رحمة الله عليه.
التحية والرحمة لشهيد الحج الأكبر سيد شهداء العصر صدام حسين ورفيقه الشهيد طه ياسين رمضان.
التحية والاعتزاز لرفاقنا في سجون الاحتلال ومعتقلاته وفي مقدمتهم الرفيق الصامد المناضل طارق عزيز عضو القيادة القومية والرفاق علي حسن المجيد وعبد الغني عبد الغفور وغيرهم.
المجد والخلود لشهداء الأمة…شهداء المقاومة الفلسطينية والعراقية والثورة العربية.
تحية للرفيق الأمين العام عزة إبراهيم القائد العام للقيادة العليا للجهاد والتحرير.
ليكن العام الجديد من حياة الحزب عام انتصارات وتقدم.
النصر للمقاومة العراقية والفلسطينية وعاش العراق حرا موحدا وفلسطين حرة عربية من النهر إلى البحر.
الله اكبر… الله اكبر… الله اكبر…
وليخسأ الخاسئون.
القيادة القومية
لحزب البعث العربي الاشتراكي
مكتب الثقافة والإعلام
6/4/2009م |