جاء الإعلان عن تقرير ديوان الرقابة المالية للعام 2012 / 2013 والذي أعلن عنه قبل أيام متزامنا مع مواصلة نظر القضاء البريطاني في قضية فساد ألبا – ألكوا والمتهم فيها أحد رجال الأعمال البريطانيين بدفع رشوة بقيمة 40 مليون جنية إسترليني لمسئول حكومي كبير في الدولة نظير استحصال الموافقة على تجديد عقد توريد مواد خام بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 10 سنوات. وقبلها تفجر قضية نهب 65 كيلو متر مربع من أراضي وأملاك الدولة تقدر قيمتها بنحو 15 مليار دينار بحريني. وبذلك، فإن ما أعلنه تقرير ديوان الرقابة المالية من قضايا فساد ما هي إلا قمة جبل الجليد للتستر على ما هو أعظم ولدر الرماد في العيون عن ما خفي من قضايا الفساد الكبرى التي تطال بنية النظام السياسية والاقتصادية، والتي لم يعد هناك إمكانية لمكافحتها إلا من خلال إحدث تغييرات جوهرية في تلك البنية من خلال الإصلاح السياسي الذي تطالب به القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة. لقد كشف تقرير ديوان الرقابة المالية لهذا العام عن عدة حقائق جوهرية تكشف جانبا مهما من بنية الفساد في البحرين، أهمها:
أولا: اتساع رقعة الفساد في وزارات ومؤسسات الدولة كما ونوعا مع تكرارها على مدى السنوات العشر الماضية، ما يؤكد غياب الإرادة السياسية الحقيقية في مكافحة الفساد في البحرين.
ثانيا: تسرب الفساد الفاقع والتلاعب بالأموال العامة إلى أجهزة وكيانات أوجدت بعد ما يسمى بالمشروع الإصلاحي بغرض إصلاح أداء الدولة وتطويره مثل ممتلكات وصندوق العمل وتمكين مما يؤكد الجذور الضاربة للفساد في بنية النظام.
ثالثا: بروز ظاهرة الفساد السياسي، بهدف استخدام المال العام في شراء الولاءات والذمم ومحاربة الخصوم السياسيين مثل ما ذكره التقرير من أمثلة حول الترقيات في وزارة الصحة ومحاسبة طيران البحرين على ديونها من شراء وقود الطائرات وغض الطرف عن ديون طيران الخليج علاوة على تضخم عقود ومناقصات وزارة الأشغال وغيرها.
رابعا: الاستنزاف المتعمد للمال العام في نفقات لا طائل ولا جدوى لها بغية تغطية السرقات وتضخيم النفقات والدين العام، وبالتالي إنهاك الاقتصاد الوطني وتخريبه من الداخل.
خامسا: عجز تقرير ديوان الرقابة المالية وتغاضيه عن قضايا الفصل التعسفي التي طالت الآلاف من الموظفين والعمال في مختلف الشركات الحكومية مثل بابكو وألبا وغيرها والذين لا تزال قضاياهم عالقة منذ عام 2011، كما عجز وتغاضى أيضا وعلى مدى السنوات العشر الماضية عن إحالة أي من المخالفين والفاسدين من الوزراء والموظفين الحكوميين في المناصب العليا كونهم هم المسئولين عن كل ما يجري في وزاراتهم من فساد وتقصير.
أن الفساد المستشري في كيانات الدولة ووزارتها وأجهزتها وفقا لما وثقه تقرير ديوان الرقابة المالية، على الرغم من محدوديته وقصوره، كونه لا يغطي التلاعب في أملاك وأراضي الدولة ولا العديد من الأجهزة العسكرية والأمنية التي تنفق الجزء الأكبر من المال العام، إنما يكشف القصور الفاضح في البنية التشريعية والمؤسساتية الموجهة لمكافحة الفساد في البحرين وفي مقدمتها غياب الإرادة السياسية لمكافحة الفساد وقصور ومحدودية صلاحيات ديوان الرقابة المالية وفي مقدمتها عدم تبعيته لمجلس النواب، وضعف صلاحياته في الرقابة السابقة للحيلولة دون ارتكاب جرائم الفساد والتوظيف في المناصب العليا والوسطى القائم على الولاءات السياسية والعائلية والطائفية مقابل إبعاد الكفاءات الوطنية، وضعف البنية التشريعية في ظل غياب أو عدم تفعيل عدد من التشريعات الهامة مثل قانون مكافحة الفساد وقانون الذمة المالية وقانون حق الوصول إلى المعلومات، علاوة أيضا على ضعف البينة المؤسساتية، مثل غياب إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد والمؤسسة المستقلة لمكافحة الفساد وضعف وتخاذل دور المجلس النيابي في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة مقابل تطاوله الفج على الحريات العامة تجسيدا لولائه التام للحكم في البلاد. أن القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة إذ تحمل الحكومة المسئولية الأولى عن تفشي ظاهرة الفساد في وزاراتها وأجهزتها ومؤسساتها، فإنها تعتبر أن ما ورد في تقرير ديوان الرقابة المالية من خروقات وسرقات جسيمة للمال العام، إلى جانب الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد وتصاعد القمع ومصادرة الحريات وتدهور الحياة المعيشية وتفشي البطالة والتمييز والتوتير الطائفي، إنما تضفي جميعها المصداقية على المطالب الوطنية في الإصلاح السياسي الشامل الذي هو وحده الكفيل بمعالجة جوانب القصور والضعف في البنى التشريعية والمؤسساتية الموجهة لمكافحة الفساد في البحرين وغيرها من الأزمات السياسية والاقتصادية، وذلك من خلال إنهاء عقود من التسلط والدكتاتورية، والانتقال نحو مرحلة جديدة من العمل الوطني القائم على مجلس منتخب كامل الصلاحيات وحكومة تمثل الإرادة النيابية والشعبية وتخضع للمسائلة والمحاسبة من قبل البرلمان، والدوائر الانتخابية العادلة، ووقف التمييز، وتحقيق نزاهة القضاء وتحقيق العدالة الانتقالية التي يأتي في مقدمتها التنفيذ الكامل والحقيق لتوصيات اللجنة المستقلة.
جمعية الوفاق الوطني الاسلامية
– وعد جمعية العمل الوطني الديمقراطي
جمعية الإخاء الوطني
التجمع الوطني الديمقراطي الوحدوي
التجمع القومي الديمقراطي
جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي
٢٩ نوفمبر ٢٠١٣