فاجأت الحكومة المواطنين يوم أمس بإضافة عبء جديد على كاهلهم يضاف إلى سلسلة الأعباء التي دشنتها تحت عناوين شتى على مدار السنوات الثلاث الماضية وذلك بأقدامها على رفع سعر البنزين الممتاز بنسبة 25% وسعر البنزين الجيد بنسبة 12%. وبذلك فقد رفعت سعر البنزين بنسبة 100% خلال العامين الماضيين. ولم تقدم الحكومة أي تبرير لهذه الخطوة التصعيدية سوى الإشارة إلى الآلية التي اتبعتها بعض دول مجلس التعاون في تعديل أسعار المشتقات المحلية بشكل شهري بحيث تواكب الأسعار العالمية، بينما الأسعار في مملكة البحرين ظلت ثابتة خلال العامين الماضيين على الرغم من الارتفاع العالمي.
إن التجمع القومي والمنبر التقدمي إذ يرفضان قرار رفع البنزين الجديد رفضا قاطعا ويطالبان الحكومة بالتراجع عنه فورا، فأنهما يرون إن الأسباب التي ساقتها الحكومة لرفع السعر تمثل بحد ذاتها توجه خطير وغير مسبوق، لأنه وبدلا من أن يتوقع المواطنين تحسن أحوالهم المعيشية مع تحسن أسعار النفط، فأن تلك الأسباب تعني أن عليهم أن يتوقعوا المزيد من الارتفاعات في أسعار المشتقات البترولية مع كل تحسن في سعر البترول.
كما إن الطريقة التفردية التي اتخذت بها الحكومة قرار زيادة البنزين حتى دون صدور قانون أو قرار من مجلس الوزراء أو موافقة من مجلس النواب، تكشف التخبط وغياب التخطيط عن إجراءات الحكومة لمعالجة العجز في الميزانية، بخلاف أنها تمثل استهجان بالغ الخطورة بالسلطة التشريعية ويعري ضعفها وعجزها عن لعب أي دور في الدفاع عن مصالح المواطنين، خاصة إن ميزانية 2018 التي أقرها البرلمان العام الماضي خلت من مثل هذه الزيادة، ومما يسلط الضوء مجددا على جدوى المطالبات السياسية بتقوية وتعزيز الصلاحيات التشريعية والرقابية لهذه السلطة.
إن الرفع الجديد في سعر البنزين يضاف إلى سلسلة من الإجراءات التي تحمل المواطن وحده أعباء السياسات المالية والاقتصادية الخاطئة التي ضاعفت الدين العام خلال خمس سنوات ليصل إلى 10.5 مليار والعجز في الميزانية ليمثل أكثر من نصفها ومبالغ أقساط الفوائد لتلتهم كامل الإيرادات النفطية والتي جميعها ليس للمواطن دخل فيها ولم يشارك في اتخاذها، بينما تصاعدت الإجراءات التي تستهدف دخله الضعيف أصلا ابتداء من رفع الدعم عن اللحوم ورفع سعر البنزين وفرض رسوم جديدة أو زيادتها على الكثير من الخدمات الحكومية مثل الصحة والسجلات التجارية والكهرباء وغيره حتى بلغ عدد الرسوم التي تم فرضها خلال السنوات الثلاث الماضية 274 رسما. وبالضد مما ظلت الحكومة ترفعه من شعارات براقة بصيانة مصالح المواطنين وتحسين معيشتهم وإن إجراءات التقشف لن تطالهم، فقد أدت جملة هذه الإجراءات إلى إفقار فئات واسعة من المواطنين ووضعتهم تحت خط الفقر لا يملكون القدرة على التعبير عن احتجاجهم ورفضهم لهذه الإجراءات والقرارات مما يضعهم تحت طائل التهديد والفصل في حين ان في الدول الديمقراطية التي تفرض الضرائب والرسوم على مواطنينها، يكونوا شركاء في القرارات السياسية والاقتصادية و الاجتماعية ويستطيعوا أن يعبرون عن آراءهم من خلال ممثلينهم في المجالس النيابية المنتخبة، ويستطيعون محاسبتهم في حالة التقاعس أو التلكؤ في الدفاع عن حقوق ومطالب الشعب .
وفي ضوء كافة هذه الحقائق، فأن المنبر التقدمي والتجمع القومي يشددان مجددا على ضرورة الحفاظ على الحقوق المكتسبة للموطنين بل وحماية وتحسين مستواهم المعيشي الآخذ بالانحدار بسبب الإجراءات التقشفية. كما يطالبان الحكومة فورا بمكاشفة المواطنين بحقيقة الأوضاع المالية وما سوف تؤول إليه خلال السنوات القادمة، وأن تبادر لتشكيل مجلس أعلى لإدارة الأوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد تشارك فيه نخبة من الخبراء والمجتمع المدني، إلى جانب المسارعة في معالجة الملفات الأمنية والحقوقية والسياسية الراهنة عبر الحوار الوطني الجاد، وهو من شأنه أن يسهم في تقليص العديد من النفقات الأمنية وتحسين السمعة الخارجية للبلاد، إلى جانب تعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد الوطني وضخ الاستثمارات لتحريك عجلة نموه.
التجمع القومي
المنبر التقدمي
المنامة – 9 يناير 2018