بيان التجمع القومي في اليوم الدولي لمكافحة الفساد
مكافحة الفساد في البحرين مرتبط بالإصلاح الديمقراطي والتنمية المستدامة
يحيي العالم في التاسع من ديسمبر من كل عام اليوم الدولي لمكافحة الفساد والذي يحمل هذا العام 2018 شعار "الفساد: عائق لأهداف التنمية المستدامة"، وتركز الحملة العالمية هذا العام علي كيفية تأثير الفساد على التعليم والصحة والعدالة والديمقراطية والازدهار والتنمية. لذلك، فأن مكافحة الفساد بكافة أشكاله وفي كافة القطاعات والأجهزة باتت قضية وطنية تحظى بأولوية قصوى، وترتبط ارتباطا وثيقا بمطالب الإصلاح الديمقراطي الذي نؤمن به.
وقبل أيام تم تعيين الحكومة الجديدة للسنوات الأربع القادمة والتي خلا تشكيلها من أي ملامح للتقشف وترشيد الإنفاق في حين تعتزم الحكومة الجديدة التقدم للبرلمان الجديد ببرنامجها الاقتصادي للسنوات الأربع القادمة والذي يتوقع أن ينطلق من برنامج التوازن المالي الذي تعهدت الحكومة بتنفيذه مقابل الدعم الخليجي وينطوي على العديد من الإجراءات التقشفية تجاه المواطنين.
وعدا عن التوجه لتطبيق القيمة المضافة مع بداية العام المقبل والتي لا تساوي بين الغني والفقير في جبايتها، فأن برنامج التوازن المالي ينطوي بدوره على إجراءات تقشفية عديدة كما ذكرنا يأتي في مقدمتها استهداف تقليص الجهاز الحكومي من خلال برنامج التقاعد المبكر ووصل عدد من تقدم للبرنامج بحسب بعض الأرقام 10,000 موظف وهو هدفه تقليص النفقات الحكومية على بند الأجور والرواتب، لكن من شأن تطبيقه أن تكون له عواقب وخيمة على المدى البعيد، يأتي في مقدمتها تفاقم العجز في صناديق التقاعد التي تصرح الحكومة بأنها مهددة بالإفلاس قريبا، إلى جانب الزج بالآلاف من الموظفين المتقاعدين إلى سوق العمل الخاص حيث لا تتوفر أي ضمانات للتوظيف ووسط قيام شركات كبرى مثل بابكو بالتهديد بفصل مئات العمال. كما أن كون الغالبية الساحقة من مقدمي التقاعد المبكر من المدرسين، فأن هذا سيكون له انعكاسات خطيرة على مستوى وكفاءة التعليم في البحرين.
كما تضمن البرنامج أيضا تقليص النفقات التشغيلية للحكومة وتحقيق التوازن في مصروفات وإيرادات هيئة الكهرباء والماء بحلول العام 2022 وتعزيز كفاءة الدعم الحكومي للمواطن لكن كافة هذه الإجراءات لم يتم توضيح الإجراءات التنفيذية لها، حيث يلاحظ إن البنود المستهدفة من تقليص النفقات الحكومية لا تطال الوزارات التي تشكل العبء الأكبر على النفقات، وكيف ستحقق هيئة الكهرباء والماء التوازن بين إيراداتها ومصروفاتها دون رفع الدعم بالكامل عن المواطن. وكذلك الحال بالنسبة للدعم الحكومي المباشر الذي انتهت أعمال البرلمان السابق دون أن تتمكن اللجنة المشكلة لهذا الغرض من الانتهاء من أعمالها وسط إصرار حكومي على تقليص الدعم للمواطن.
وقبل عدة أيام قدم ديوان الرقابة المالية تقريره الخامس عشر والذي يتوقع بدوره، وكعادة كل عام، أن يتضمن العديد من المخالفات المالية والإدارية، حيث كشفت التقارير السابقة عن اتساع رقعة الفساد في وزارات ومؤسسات الدولة على مدى السنوات الخمسة عشر الماضية، وتسربه إلى أجهزة وكيانات تأسست بعد المشروع الإصلاحي بغرض إصلاح أداء الدولة وتطويره مثل ممتلكات وصندوق العمل وتمكين. كما كشفت عن الاستنزاف المتعمد للمال العام في مشاريع فاشلة وغير مدروسة وتضخيم النفقات وخاصة نفقات المشاريع والدين العام في الميزانية العامة، وبالتالي إنهاك الاقتصاد الوطني.
إن مكافحة الفساد في البحرين تقتضي الالتزام بمقتضيات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي وقعت عليها مملكة البحرين في عام ٢٠١٠ والتقيد بكل الالتزامات المترتبة عليها وفى مقدمتها إصدار قانون مكافحة الفساد تؤسس بموجبه هيئة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد تتبنى وضع إستراتيجية فاعلة للتصدي لكل أشكال التجاوزات والمخالفات والهدر في المال العام، ووضع تشريعات تجرم التلاعب بالمال العام بكافة أشكاله وأنواعه، علاوة على صدور التشريعات الخاصة بقانون الدين العام وحق الوصول للمعلومات وتفعيل قانون الذمة المالية، بالإضافة إلى تفعيل دور قوى المجتمع المدني والمختصين والصحافة والإعلام في مكافحة الفساد.
كما أن قضايا الفساد التي كشفت عنها تلك التقارير وإلى جانب تراجع مستوى الحريات دفع بمرتبة البحرين ضمن مؤشر مدركات الفساد للتدهور بصورة خطيرة ولتصل إلى 103 عالميا لعام 2017 بعد إن كانت في المرتبة 46 قبل عشر سنوات، الأمر الذي يكشف عن الحاجة الماسة والعاجلة لإصلاح البنية التشريعية والمؤسساتية الموجهة لمكافحة الفساد في البحرين وفي مقدمتها الإصلاح الديمقراطي واختيار الحكومة وتوسيع الصلاحيات التشريعية والرقابية للبرلمان المنتخب وخاصة في الرقابة على أداء الحكومة ومسائلتها وربط تبعية ديوان الرقابة المالية والإدارية بالبرلمان علاوة على تعزيز استقلاليته وتوسيع صلاحياته في الرقابة المسبقة على الإنفاق الحكومي وإعداد تقارير وطنية مستقلة عن كافة قضايا الفساد ووضع آليات لمتابعة تنفيذ توصياته والملاحقة القضائية للفاسدين وإحالتهم للقضاء.
التجمع القومي الديمقراطي
المنامة في 9 ديسمبر 2018