كما كتب العديد من الصحفيين والكتاب، وكما رسم الفنان عبدالله المحرقي "بوش يتدحرج على حافة الكرة الأرضية ليسقط في مزبلة التاريخ".. رئيس جاهل.. غبي.. كاذب .. عنجهي.. مغرور، تاجر في أرواح البشر من الافغان والعراقيين والأمريكيين، ومشى في الأرض منتشيا، معتقدا انه المنتصر.
اعتقد بوش أنه الرئيس الأوحد في هذا العالم الى ان هوت به أصوات الناخبين في نوفمبر الماضي الى مزبلة التاريخ، ليريحنا ويريح العالم من شره ومكره وكذبه وغروره وشره وفساد عقله.. في 20 يناير الجاري رحل رئيس أبيض عن البيت الأبيض بوجه كالح وسجل أسود، وعلى النقيض، دخل البيت الأبيض في 21 يناير الجاري رئيس اسمر الوجه (ليس اسود بالكامل)، بسجل أبيض.
ونتساءل: هل سيخرج الرئيس الأسمر بسجل أسود؟.. والإجابة عن هذا السؤال: صحيح انه يصعب التكهن بما سوف يحصل خلال الأربع السنوات القادمة، لكن الجميع يراهن أنه مهما عمل الرئيس الجديد (باراك حسين اوباما) كرئيس أسود فلن يصل سواد سجله إلى سواد سجل الرئيس الأبيض بوش، الذي غادر البيت الأبيض بـ "قندرة" عراقية زيدية من بغداد، وبسجل أسود لبلاده في 20 يناير الجاري والى غير رجعة.
لقد كشف الرأي العام الأمريكي انجازات رئيسه خلال الثماني السنوات فقال معظمهم انه الرئيس الثالث والأربعون للولايات المتحدة فقط، فيما قالت مجموعة انه اكثر رئيس تبرع للقارة الإفريقية لدعم برامج الحد من انتشار الايدز، وهذا هو الانجاز الوحيد.. ولا شيء غيره.. تصوروا رئيس اكبر دولة يقول عنه شعبه بعد ثماني سنوات عجاف "رئيس بلا انجاز".. ألا يستحي هذا الرئيس "الكاوبوي" القادم من حارات وبارات تكساس من نفسه؟.. انصحه ليس بإعداد القهوة لزوجته، وانما بإعداد سم ويشربه افضل له.
بوش مدمن على الكذب حتى آخر لحظة من حكمه، أعلن قبل فترة وجيزة أنه سيسافر الى كراوفورد ويعيش في مزرعته، ويشرب القهوة مع زوجته، الا انه عاد وتراجع حيث سافر الى تكساس قائلا: "سأمارس البزنس"، ولا يستبعد أن يغير رأيه بعد فترة قصيرة.
رئيس أبيض لدولة أرست مبادئ الديمقراطية والعدل وحقوق الإنسان، ودستورها أقره مجلس تشريعي قبل أكثر من قرنين، سمح بتعذيب وارهاب المعتقلين في كل من جوانتنامو وأبوغريب، حتى اعتقد البعض ان الشذوذ الجنسي جزء من الثقافة الأمريكية وذلك من خلال مشاهد تعرية اخوتنا المعتقلين العراقيين، والاستمتاع بما حرم الله.
والدليل أن بوش كان يعلم بنقل ضابط استخباراتي من معسكر جوانتنامو الى بغداد لوضع خطة التعذيب التي نفذت بالحرف في أبوغريب، نقل هذا الضابط المجرم بموافقة الرئيس الجاهل ووزير دفاعه رامسفيلد.. أليست هذه جرائم نكراء: التعذيب والتعرية.. والاستمتاع بهذه المشاهد المخزية؟ وما هو مصير الضابطة سوى التوقيف عن العمل سنة أو سنتين؟ ولا يستغرب ان يقدم لها ميداليات العفونة.
مع رحيل بوش وتنصيب أوباما الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة، تابع العالم حفل التنصيب، وشده خطاب أوباما، موضحا فيه أهم تحديات الطريق القادم لمستقبل الولايات المتحدة.. فهل كان الخطاب مستوفيا لتطلعات المواطن الأمريكي؟
نقول: ان الرئيس الجديد طرح شعار "الغيير"، وانه الرئيس الذي جاء لتثبت به الولايات المتحدة أنها تجاوزت مرحلة العنصرية منذ أكثر من أربعين عاما، وان الجيل الحالي ليس له علاقة مباشرة بحقبة ما قبل هذا التاريخ من الضرب والكراهية والاحتقار وعدم المساواة، جيل الشباب الحالي لم يسهم في شيوع العنصرية وممارستها، لدرجة أن المواطن الأسود كان يمنع من دخول المطاعم التي يأوي إليها البيض، بينما اختفت هذه المشاعر من المدن الأمريكية منذ زمان وأصبحت المساواة بين الجميع وللجميع.
جيل الشباب الحالي لم يمارس عنصرية بغيضة شائعة قبل أكثر من 40 سنة، لدرجة أنه إذا وُجد في باص رجل ابيض، ولا يوجد مقعد شاغر ، فعلى المواطن الإفريقي( الأسود) الجالس على كرسي أن يقوم ليجلس في مكانه سيده المواطن الأبيض (صاحب الدم الأزرق) وغيرها من ترهات التمييز وأوساخ العنصرية، ومقولات وتربية تروج لفكرة "ان هؤلاء السود القادمين من إفريقيا، عليهم ان يبقوا عبيدا" في بلد ينادي بالحرية والمساواة بين الناس، وسجل التاريخ حادثة أليمة مفادها: ان والد (الرئيس الحالي) حينما كان طالبا في أمريكا طرد من أحد المطاعم بناء على لون جلده.
وسبحان الله، تدور عجلة التاريخ ويكون ابن ذاك (الإفريقي المطرود من المطعم الذي يطلق عليه "النيجرو") الرئيس رقم 44 للولايات المتحدة!
ومن الطبيعي ألا يتوقع من أوباما ان يقلب موازين القوى على عقباها ، ولكنه من دون شك لن يقع في متاهات سابقه (بوش)، الذي ادخل بلاده في حرب على أفغانستان دولة الإرهاب ومدبرة هجوم 11 سبتمبر 2001 وأخرى على العراق بدعوى أسلحة الدمار الشامل وتبين لاحقا أنها أكذوبة استخباراتية، فإذا كانت الولايات المتحدة تحكمها أجهزة الاستخبارات المركزية، فالعدوان والانحياز والكيل بمكيالين كل ذلك يظل مرجحا كفته.
ولكن التوقعات تقول ليس من السهل جر أوباما بهذه البساطة الى مثالب استخباراتية، كونه قد جرؤ وأعلن من خلال حملته، تعهده بالعمل على تحسين صورة أمريكا في الخارج بدءا بتوقيف العمل بمحاكمات معتقلي جوانتنامو مدة 3 أشهر، وقد أمر بذلك، ويتوقع ان يبدأ بالانسحاب العسكري من العراق كخطوة اخرى تمتد إلى مدى 18 شهرا قادما، أضف الى ذلك، تحقيق رؤيته فيما يتعلق بالصراع في الشرق الأوسط والتفاهم قدر الإمكان مع إيران.
إضافة إلى ثقل الأزمة المالية ، وتداعياتها والحيلولة دون انتشارها الى قطاعات اخرى، وعليه عبء إعادة الأمور الاقتصادية الى سيرها الطبيعي في غضون السنتين القادمتين خاصة المتعلقة بالمصارف أو التأمين أو شركات السيارات الكبرى، وتوفير العمل والقروض والصحة للمواطنين والمقيمين، لذا فان التركة على اوباما ثقيلة، ومن الطبيعي ان تأخذ وقتا منه لعلاجها والحد من آثارها.. فهل سيوفق أوباما؟ نأمل ذلك.