بمناسبة الذكرى السنوية لمجزرة دير ياسين
دعوة إلى تخصيص يوم عربي للتذكير بالمجازر الإسرائيلية
وجوب تقديم حكام "إسرائيل" للمحاكمة اسوة بمجرمي الحرب النازيين
د. غازي حسين
ارتكبت قوات مسلحة من عصابتي الارغون وشتيرن الإرهابيتين في التاسع من نسيان عام 1948 مجزرة دير ياسين الجماعية. وقامت بذبح جميع المواطنين المتواجدين في القرية العربية خلال المجزرة والبالغ عددهم 279 عربيا من اطفال ونساء وشيوخ. والقوا بجثثهم في بئر القرية بعد ان مثّلوا بها ابشع تمثيل. وابقوا على سبعة نساء وعدد من الرجال وضعوهم في شاحنة واخذوا يطوفون بهم في شوارع تل ابيب ابتهاجا بالمجزرة.
وكانت قرية دير ياسين هي القرية العربية الوحيدة في فلسطين التي وقعت معاهدة صلح مع المستعمرة اليهودية القريبة من القرية بالرغم من معارضة الهيئة العربية العليا ومفتي فلسطين الحاج امين الحسيني لتوقيع المعاهدة.
وكانت القوات البريطانية لا تزال تحكم فلسطين ابان ارتكاب المجزرة الجماعية وعجزت عن حماية حياة العرب من العصابات اليهودية المسلحة وقصّرت بالقيام بواجباتها كدولة منتدبة على فلسطين مسؤولة عن حفظ الامن والاستقرار وحياة المواطنين فيها.
وكان الهدف الرئيسي للعصابات اليهودية الارهابية من ارتكاب المجزرة الجماعية ممارسة التطهير العرقي، ونشر الخوف والرعب في الاوساط الفلسطينية والتأثير في معنوياتها لترحيلها من وطنها واقامة المستعمرات اليهودية على الاراضي العربية بالقوة العسكرية والمجازر الجماعية والحرب النفسية لتهويد فلسطين العربية.
استخدمت "اسرائيل" منذ تأسيسها المجازر الجماعية والحروب العدوانية وترحيل العرب وتهجير اليهود الى فلسطين لإحلالهم محل العرب ومصادرة الارض العربية وتحقيق الاستعمار الاستيطاني لتجسيد ما بلوره كتبة التوراة والتلمود بحق غير اليهود وترحيل العرب من فلسطين، سكانها الاصليين واصحابها الشرعيين.
وتجاوزت جرائم "اسرائيل" في دير ياسين جرائم المانيا النازية بحق المعادين للفاشية. واصبحت ممارسة الابادة الجماعية للعرب ومصادرة اراضيهم وترحيلهم واقامة المستعمرات اليهودية وممارسة الارهاب والعنصرية سياسة رسمية للكيان الصهيوني لتحقيق ما تتضمنه التوراة والتلمود والمخططات الصهيونية تجاه العرب.
وظهر بجلاء ان الصهيونية اسوأ من النازية وحكام "اسرائيل" اسوأ من حكام المانيا النازية، و"اسرائيل" اسوأ من المانيا النازية. وتحول المستعمرون اليهود الى وحوش بشرية اسوأ من النازيين. وتغلغلت العنصرية في اوساط الشعب الاسرائيلي. واصبح الشعب العنصري الوحيد في العالم، وذلك لتهويد فلسطين العربية وللهيمنة على الثروات العربية من خلال مشروع الشرق الاوسط الجديد.
فمن اين يستمد الشعب الاسرائيلي عنصريته و وحشيته والابادة الجماعية تجاه العرب؟
تتسم الصهيونية كفكرة وحركة ومنظمات وكيان بالإرهاب والعنصرية والتمييز العنصري والابادة الجماعية لغير اليهود وبالاستعمار الاستيطاني للهيمنة على الوطن العربي والعالم بأسره.
وتحرّض التوراة على الارهاب والوحشية في معاملة غير اليهود وتدعو اتباعها الى القاء الخوف والرعب في نفوس الشعوب الكنعانية كي تترك ارضها وممتلكاتها تحت وطأة الارهاب والابادة الجماعية وسفك الدماء.
وتنطلق عنصرية المجتمع الاسرائيلي من التعاليم اليهودية والمبادئ الصهيونية المشبعة بالعنف والانتقام والتمييز والاستعلاء والتي تنص على "ان اليهودي وحده هو الانسان، وان الدنيا وما فيها ملك لليهود لهم عليها حق التسلط".
وتربي التوراة والتلمود اليهود على انه لا خلاص لهم الا بإبادة جميع الشعوب غير اليهودية التي تزاحمهم على مصادر العيش والماء والنفوذ السياسي والعسكري.
ويدعو التلمود الى قتل غير اليهود. ويطالب بفرض ارادة اليهود بالقوة على الشعوب الاخرى.
وتغذي تعاليم كتبة التوراة والتلمود الارهاب والعنصرية والنهب والسلب والقتل والحرق والابادة الجماعية في عقول واذهان المفكرين والسياسيين اليهود وقادة المنظمات اليهودية والصهيونية و"اسرائيل" فالإبادة الجماعية المستمرة للعرب في البلدان العربية المجاورة لفلسطين،ومصادرة الاراضي والمياه والثروات العربية في الجولان وجنوب لبنان وبناء المستعرات اليهودية ما هي الا نتيجة من نتائج التربية التوراتية والتلمودية والصهيونية والاسرائيلية.
كانت مجزرة دير ياسين نقطة تحوّل في ترحيل العرب من ديارهم واحلال مهاجرين يهود محلهم وذلك قبل تأسيس "اسرائيل". وورث الجيش الإسرائيلي اساليب وتجارب المنظمات اليهودية الارهابية وألمانيا النازية ويطبقها باستمرار على العرب. واصبح قادة المنظمات اليهودية الارهابية رؤساء وزارات ووزراء وقادة الجيش والمجتمع الاسرائيلي.
وتابعت "اسرائيل" ارتكاب الارهاب الرسمي المنظم والابادة الجماعية تجاه العرب وبدعم وتأييد كاملين من يهود العالم وامريكا.
وامتد الارهاب الإسرائيلي وتجاوز الابادة الجماعية والاستعمار الاستيطاني وتجسد في حروب عدوانية توسعية واستيطانية وجرائم حرب يومية في الاراضي العربية المحتلة وبشكل خاص في الضفة والقطاع وجنوب لبنان. وتجاوز الارهاب الاسرائيلي ايضا الجانب العسكري والبشري وامتد الى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية.
ويعتبر الارهاب الاسرائيلي اسوء من الارهاب النازي، لان النازية كانت تتذرع بعدم وجود مواثيق دولية تمنع وتحظر الارهاب والاعمال الارهابية والابادة الجماعية والعنصرية والتمييز العنصري.
فإسرائيل اسوأ من المانيا النازية، والمجتمع الاسرائيلي اسوأ من النازيين الالمان، وحزب العمل والليكود وكاديما اسوأ من الحزب النازي في المانيا النازية.
ويستخدم قادة العدو الابادة الجماعية للعرب والقوة العسكرية والتهديد باستخدامها لتحقيق مكاسب في الارض والحقوق والثروات العربية ومكاسب سياسية لإجبار السلطة الفلسطينية والدول العربية التي تسير في ركاب امريكا على تعديل قراراتها ومواقفها السياسية بما يتفق والمخططات والمصالح الاسرائيلية واهداف المشروع الصهيوني و "اسرائيل العظمى" في الوطن العربي.
تمارس "اسرائيل" في الالفية الثالثة الابادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية وضد السلام والعنصرية والتمييز العنصري كسياسة رسمية تجاه الشعب العربي الفلسطيني لترحيله وابادته وتذوبيه وتشتيته في أصقاع الدنيا كافة، بالرغم من وجود عشرات المواثيق والعهود والاتفاقات والقرارات التي تمنع ارتكاب مثل هذه الجرائم وتعاقب مرتكبيها.
تذرّع النازيون بعدم وجود مثل هذه المواثيق الدولية فبماذا يتذرع مجرمو الحرب الصهاينة؟
ان تأييد امريكا للإبادة الجماعية التي تمارسها "اسرائيل" تجاه الشعب الفلسطيني والحيلولة دون تأمين الحماية الدولية له من الوحش الاسرائيلي وسيطرة اليهود على صنع القرار الامريكي في البلدان الغربية وسياسة الكيل بمكيالين تشجع "اسرائيل" على الاستمرار في سياسة الارهاب والابادة الجماعية للفلسطينيين وتهويد الارض والمقدسات والحقوق العربية وترحيل العرب وتدمير منجزاتهم ونهب ثرواتهم.
ان ابسط الواجبات تجاه شهداء مجازر دير ياسين وكفرقاسم وابو زعبل وبحرالبقر وداعل وصبرا وشاتيلا والحرم القدسي الشريف وقانا، تفرض على القادة والمواطنين العرب عدم نسيان مجزرة من مجازر "اسرائيل" الجماعية القديمة والجديدة والقادمة.
ان ابسط الواجبات الوطنية والقومية والدينية تفرض على القادة والحكومات والمواطنين والمنظمات العربية، كشف وفضح وادانة واستنكار سياسة الابادة الجماعية التي تمارسها "اسرائيل" والمستعمرون اليهود في الاراضي الفلسطينية والعربية لكي تمنع استمرار هذا الاسلوب الوحشي والبشع وتتصدى له وتقضي عليه.
لذلك بمناسبة الذكرى السنوية لمجزرة دير ياسين نطالب بتخصيص التاسع من نيسان من كل عام كيوم عربي للتذكير بمجازر "اسرائيل" الجماعية وعنصرية المجتمع الإسرائيلي وفاشيته ومناهضة عنصرية الصهيونية والعنصرية في القوانين الاسرائيلية، كي لا نكون امة بلا ذاكرة كما يصفنا الصهاينة، ودفاعا عن انفسنا وعن هويتنا وعن الحضارة العربية الاسلامية المتجذّرة في اعماق الارض والانسان.