بمناسبة الذكرى الثالثة لاستشهاد الرئيس صدام حسين
نظم حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي – فرع البقاع
ندوة بعنوان: تحرير العراق تحرير أميركا والعالم
في مدينة بعلبك يوم الأحد في 10/1/2010
بمناسبة الذكرى الثالثة لاستشهاد الرئيس صدام حسين نظم حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي – فرع البقاع ندوة بعنوان: تحرير العراق تحرير أميركا والعالم في مدينة بعلبك يوم الأحد في 10/1/2010 حضرها ممثلو الأحزاب الوطنية وشخصيات وفاعليات بقاعية وحشد كبير من المواطنين.
أدار الندوة عضو قيادة فرع البقاع الرفيق الدكتور مصطفى الرفاعي، وألقى في بداية الندوة كلمة قدم فيها المحاضر، جاء فيها:
الحضور الكريم
فتحت هزيمة حزيران 67 ومن ثم وفاة الرئيس جمال عبد الناصر جرحاً كبيراً في جسد الأمة العربية وفي قلب القوى الناصرية كذلك تفكك الاتحاد السوفياتي إلى قيام عصر القطب الواحد، غير أن احتلال العراق أدى إلى فراغ واختلال كبير في القوى الداعمة لحركة الثورة العربية في مواجهة التحديات ووضع الوطن العربي أمام مرحلة جديدة أقل ما يقال فيها أنها مرحلة أمركة المنطقة وصهينتها.
إن هذا الاحتلال الذي وجه ضربة قاسية للمشروع النهضوي لم يؤد إلى هزيمة البناء المعنوي والروحي والفكري للتجربة ومتطلباتها والدليل على ذلك أن مقاومة الاحتلال انطلقت منذ اليوم الأول مما يعني أن المقاومة كانت صفحة محسوبة.
الحضور الكريم
لم يكن استشهاد الرئيس صدام حسين إلا امتداداً طبيعياً لكل شهداء البعث فإنه:
لما سكلنا الدرب كنا نعلم أن المشانق للعقيدة سلم
ويبقى البعث الأصيل برغم كل محاولات التحطم والتفكيك والاجتثاث، ويبقى رجالات البعث ويبقى فكر البعث شامخاً من خلال المقاومة العراقية التي هندسها وأسسها القائد الشهيد ويقودها أبطال الجيش العراقي الباسل والرفيق عزة الدوري. إن طبيعة التحديات وشراستها تستلزم توحيد المقاومة في أنحاء الوطن العربي، خاصة في فلسطين ولبنان والعراق.. وإن وحدة المقاومة تزيدها ثقة وعزة وقوة وتؤسس فعلياً للطريق نحو الوحدة العربية التي لا سبيل غيرها للنهوض بهذا الوطن. وأن على كل القوى القومية أن تعيد حساباتها لتؤسس وحدتها وتبلور مشروعها حتى توقف هذا التدهور المستمر للقضايا العربية.
لم يعد هناك وقت للخلاف. نحن مع الاختلاف والتنوع ولسنا مع الخلافات التي تقتات من جسد الأمة وترهقه. وما هذا الخلاف الفلسطيني إلا جرحاً مفتوحاً يضعف نضالنا. نحن اليوم بحاجة إلى توجه جديد يعيد للقومية العربية وهجها ويشعل ساحات النضال.
نعم إن تحرير العراق يعني القضاء على المشاريع التي تفتت الأمة وتوهن عزيمتها وتضعف قدراتها ويدفع بالمشروع النهضوي العربي نحو الأمام.
أيها الحضور الكريم
اسمحوا لي بهذه المناسبة الجليلة مناسبة استشهاد القائد صدام حسين أن أقدم لكم مفكراً ومناضلاً عربياً عرفته السجون بسبب مواقفه الشجاعة والذي برغم تغربه المبكر حيث هاجر إلى كندا ليعمل ويتعلم بقيت الروح القومية متوقدة في ذاته فأعطاها كل إيمان وكل حب.
تخصص بالعلاقات الدولية في جامعة كولومبيا بنيويورك، ومن ثم بناء على قرار البعث في العراق باستعادة العقول العربية المهاجرة تم استدعاؤه إلى بغداد ليدرِّس في جامعاتها.
له العديد من المؤلفات الفكرية السياسية لعل أهمها الثلاثية التاريخية (شعبي سيحمي شعبي سيقاتله شعبي بحكم العولمة والثورة)، الذي نال جائزة الأدب السياسي، وترجم إلى 17 لغة في آن أميركا في طور الرايخ الرابع (نازية جديدة). إلى أحدث كتبه: تحرير العراق تحرير لأمريكا والعالم. انه المفكر العربي الكبير د. جورج حجار.
وبالمناسبة سيوقع الدكتور جورج حجار كتابه بعد نهاية هذه الندوة.
فليتفضل مشكوراً.
أمتنا العربية موجودة حيث يحمل أبناؤها السلاح!
"إنه مسلح… إنه مقاتل"
نحن في دورة تاريخية أشرفت على نهايتها، وفي بداية دورة جديدة تنتقل فيها من مرحلة تحرير الأوطان من الاستعمار والمركزية الأوروبية أو الانكلوسكونية إلى مرحلة تحرير الشعوب من براثن الامبريالية والأمركة. بكلمة أقول إن الثورة المضادة التي اجتاحت العالم منذ عام 1979، عام وصول تاتشر ودينغ تشاوينع والخميني ويوحنا بولس الثاني، وغيرهم من صغار وكبار، إلى السلطة والانقلاب على دولة الرفاه الاجتماعي قد وصلت إلى نهايتها في اضطهاد الشعوب واستغلالها واحتلال العراق عام 2003 – إنها ثورة مضادة تلفظ أنفاسها. ومن المرجح أن يسجل التاريخ أن الرأسمالية الداروينية قد سقطت في 15 أيلول 2008 بإعلان إفلاس أهم بنك يهودي في العالم إلا وهو (ليمان براذرز Lehman Brothers). وخلال أقل من عامين وصل رقم الافلاسات إلى 140 بنكا. وقد تنبأ ستغليتز – بلمز في كتاب "حرب الثلاث تريليونات" (2006) ثمن احتلال العراق وتداعياته مؤكداً الهزيمة الإستراتيجية التي تكبدتها أميركا عسكرياً وميدانياً في العراق وأبعاد هذه الهزيمة عالمياً، الأمر الذي استولد ثورة الشعوب قاطبة وخاصة في العالم الثالث – الثورة التي تسير بخطى ثابتة والتي تبشر بأن جبهة الجهاد والتحرير والخلاص الوطني قد أصبحت عملياً على أبواب بغداد – بؤرة الثورة العالمية لتغيير مجرى التاريخ وتوحيد الأمة العربية على أنقاض أنظمة العربان المترنحة – وتشكل نبراساً إلى كافة الشعوب المضطهدة والمحرومة من العيش الرغيد.
أحد أقطاب الصحافة السعودية عنون كتاباً ينشره حديثاً: "صدام مر من هنا". ونحن نقول إن صداماً حي فينا وإنه هنا وفي كل مكان وفي كل منا، وإن أبناءه وأحفاده عائدون إلى بغداد!
وتزامن مع هذا النشر مقولة مجرم الحرب توني بلير شريك، بوش في محاولة "محو" العراق وإزالته وجوده، إذ أعلن بلير "أن اجتياح العراق كان مبرراً من دون أسلحة الدمار الشامل" – الذريعة التي استخدمت لتبرير الحرب – ويختصر جريمته الجديدة بالقول: "أن الفكرة كانت أن صدام كان يمثل تهديداً للمنطقة" ويدحض هذه الأكذوبة أحد كبار موظفي بلير، كن ماكدونلد قائلاً: "أن توني بلير أقحم بريطانيا في الحرب على العراق من باب التملق للولايات المتحدة". ويضيف "إن بلير استعمل حيلة مثيرة للخوف لجر البلاد إلى الحرب وخداع بريطانيا، مؤكداً "أن تقاسم النفوذ مع الولايات المتحدة في هذه القضية أفقده رشده… وإن ذلك المرائي أصيب بجنون العظمة وبهرته واشنطن". والكذبة الكبرى كانت أن صداماً يستطيع أن يحرك سلاحه ويقصف الغرب خلال 45 دقيقة! واعتبر البروفسور فيليب ساندس المحامي الدولي المرموق "ان تصريحات بلير تجعله "عرضة لمقاضاة قانونية"، وبناء على ذلك هددت مجموعة "أوقفوا الحرب" (stop the war) بملاحقة قضائية لبلير في حال كرر هذا التبرير المضلل ثانية.
بإيجاز، أن بلير في حرب العراق كان كلب بوش الصغير (Bush's poodle) كما أسمته الصحافة البريطانية. وكان يتبع صرخة معلمه بوش الذي قال: "ذهبنا إلى هناك كي لا يأتوا هم إلى هنا. وقد حولنا الحرب العالمية على الإرهاب إلى بلاد ومدن الآخرين – نحو 70 دولة – كي لا يأتي الإرهابيون لشن الحرب على مدننا". لكن الحقيقة الأكيدة والمحفزة هي أكثر عمقاً وتقعيداً من سذاجة بوش وجهله. وهي:
1- إن صداماً أمم النفط في 1 حزيران 1970 ولم يتمكن الغرب من خلعه واسترجاع النفط.
2- إن الجيش العراقي اشترك في حرب أكتوبر التحريكية وأوقف الزحف الإسرائيلي على دمشق بعد أن هدد موسى دايان: "بأننا سنحطم عظام السوريين ونجعل دمشق خراباً".
لكن الأخطر من هذا وذاك، أن البعث خلال عقد من الزمن قد حول العراق إلى بلد صناعي متقدم، وأصبح العراقيون على مستوى الدول الأوروبية من حيث مستوى المعيشة والعمل والضمان الاجتماعي الخ…. وجعل البعث من العراق الإقليم القاعدة وقبلة العرب أجمعين. وهكذا تحول أغضب الغرب الذي أراد إجهاض التجربة – أي صعود الطبقة الوسطى إلى السلطة في العراق عوضاً عن العشائر والقبائل والطوائف.
باختصار، إن العراق، العمق الاستراتيجي للعروبة والثورة قد تحول إلى قاعدة ارتكاز حصينة خلافاً لأطروحة "الشرنقة التي ابتدعها الغرب وجعل منها سياسة مستقرة في التعاطي مع العرب منذ هزيمة ابراهيم باشا وفرض اتفاقية الاستسلام في 15 تموز 1840- أي لا للتصنيع وخصوصاً التصنيع الحربي للأسلحة الثقيلة وممنوع على الأمة العربية أن تتوحد اليوم أو تتكتل ضد إسرائيل.
من هذه المقولة اشتقت سياسة إدارة كارتر بريجنسكي (1977-1981) محاولة إحباط مشاريع التحول والإطاحة بالنظام تمهيداً لعودة شركات النفط إلى بغداد. وقد فشلت كل الاستراتيجيات التي وضعها فريق كارتر وكشفت عنها مجلة الأوبزرفر في حينه وكذلك فعل في مقالاته الخبير النفطي برغن. وقد أعدت نشر تلك الأبحاث في ملف العراق والخليج العربي في مجلة منتدى العروبة اللبناني مجلة السلطة الخامسة، ومما زاد الطين بلة في مشروع التحديث والتحول إبان تلك المرحلة الحرجة هو أن صدام تجاسر على استيراد حوالي 150 أكاديمياً عربياً بارزاً، وفي جميع الاختصاصات من الجامعات الغربية، إلى الجامعات العراقية وكان لي شرف المشاركة في ذلك المشروع التنموي الخلاق. وفي هذا السياق، ندخل في رؤية صدام لدور العراق ومكانته ولشخصه بالذات: إنه كان يتطلع لأن يكون عبد الناصر الثمانينات ويبني وطن الوحدة العربية على أسس عملية وعلمانية بينما كانت مصر السادات تخرج من دائرة العروبة وتوقع معاهدة الاستسلام مع إسرائيل في 26 آذار 1979.
وعام 1979 كان عام الفصل بامتياز في تاريخ البشرية – كما أوضحت عن بداية الثورة المضادة – وكان عام بدء فيتنام السوفيات في أفغانستان وعام بروز التآمر الكوني عربياً وإسلامياً إذ جُند للحرب على السوفيات أكثر من 30 ألفاً من "الأفغان العرب" بالتحالف الأميركي مع مصر والسعودية للقيادة في الحملة الجهنمية على السوفيات ورفعت ميزانية الـ CIA من 6 مليار دولار سنوياً إلى 36 ملياراً لتمويل حرب أفغانستان وتجنيد وحشد الشعوب ضد الشيوعية والإلحاد.
وهنا لا بد من الاعتراف بأن السوفيات قد هزموا معنوياً في أفغانستان باندحار جندهم بينما كانت حرب الخليج الأولى في أوجها وانتصر العراق في 20 آب 1988 خلافاً للتوقعات العربية – النصر الذي سيفضي في نهاية المطاف، إلى حرب الخليج الثانية المعروفة "بعاصفة الصحراء" وبمشاركة عربية يمينية مخجلة. وأحد أسباب تلك الحرب تقهقر السوفيات وتالياً انهيار النظام السوفياتي في 25/12/1991. أي أن العالم دخل مرحلة الأحادية القطبية والهيمنة الأميركية ومحاولة فرضها على العراق والمنطقة. وأنا أعزو الانهيار السوفياتي إلى مقولة "امبراطورية الشر التي طرحها ريغن أولاً وثانياً إلى سباق التسلح، وثالثاً إلى اعتماد الأطراف السوفياتية على المتروبول ورابعاً إلى سياسة غورباتشوف "الشفافية وإعادة الهيكلية" (Glasnost-perestroikes) وخامساً إلى "بطالة" الـ 38 مليون سوفياتي من 378 مواطناً الذين تثقفوا على نفقة الشعب الروسي.
وفي هذا المضمار، تدخل في حلبة الأحادية القطبية ومحاولة أميركا فرض سيطرتها على العالم، التحكم الذي دام نحو 15 عاماً، أي أقل عمراً من أي امبراطورية في التاريخ حسب ريشارد هاس مخطط سياسات بوش في ولايته الأولى. وتأتي هنا حرب الخليج الثانية التي يمكن تلخيص أحد أسبابها الرئيسية بجملة بسيطة من كتابات بوش الأب: "لقد سمحنا لصدام باستعمال 10% من بترول العالم، ولكن لا نستطيع أن نسمح له بإضافة 10% ثانية في الكويت وإلا استولى على 40% من بترول العالم باحتلال السعودية ودول الخليج وغيرها وتحكم بمصائرنا.
إننا الآن في صلب الموضوع – اكتشاف محرك الآلة الصناعية الغربية – النفط. إنه النفط والاستراتيجيا الجغرافية والأسواق وحياة الشعوب وتصوراتها وطموحاتها. وهذا ما تطمح أميركا لاحتكاره وامتلاكه للتحكم بالعرب والعالم والتسلط على كافة المستهلكين واستغلالهم من أجل رفاهية الشعب الأميركي على حساب الشعوب الأخرى.
لذلك كان من الطبيعي قرار إزاحة صدام واستشهاده في 30/12/2006، واحتلال العراق وتبديد خيراته وإلغاء الجيش العراقي وتشريد عناصره ومحاولة تفكيك المجتمع العراقي على قاعدة الفسيفساء – قاعدة الإثنية والعنصرية والطائفية والأقلوية.
وهنا لست بحاجة إلى سرد الأحداث في السبع سنوات الماضية لأن جميع الوطنيين يعرفونها ولأني تناولتها في كتبي الثلاثة: العولمة والثورة، أميركا في طور الرايخ الرابع، وتحرير العراق تحرير أميركا والعالم. لكني ألفت إلى أن الاحتلال يستولد الثورات والثورة، والمقاومة العراقية قد ظهرت في الأيام الأولى للاحتلال، ومارس الشعب العراقي الكفاح الشعبي المسلح وانتقلت حركته من المجموعة الصغيرة إلى المجالس إلى الجبهات وصولاً إلى جبهة الجهاد والتحرير والخلاص الوطني بقيادة شيخ المجاهدين الرفيق عزة ابراهيم.
اسمحوا لي أيضاً أن أتطرق قليلاً إلى دور أنظمة العربان وإيران في احتلال العراق وفي تقاسم النفوذ بين أميركا وإيران وفي مساعدة أميركا على حفظ الأمن والاستقرار في العراق، واسمحوا لي أن أؤكد أن أصحاب العملية السياسية الأميركية قد امتازوا ليس بالقمع والقهر فحسب، إنما امتازوا بالسلب والنهب وقد نالوا المرتبة الأولى في العالم حسب (الشفافية الدولة) في مراقب الفساد والرشى وخصوصاً الداخلية والبلديات، وهكذا مأجورون لا يليقون بالعراق وأهله ولا حتى بإدارة عصابة من عصابات المافيا.
وأعود إلى أنظمة العربان وإيران التي تزعم أنها ستشكل جبهة عالمية لمحاربة أميركا. وأبدأ مع إيران التي يقول المدافعون عن سياستها، أن تصرفاتها تنبع من "مصالح أمنها القومي من خلال المزج بين اتجاهين "القضايا الايديولوجية المذهبية وضرورة وحدة الأراضي العراقية، ويضيف أحدهم: بعبارة أخرى أن إيران تقبل بوجود عراق موحد مستقل وشيعي وصديق لإيران في الداخل وعلى مستوى المنظمات الإقليمية أمر يخدم المصالح الإيرانية. أي أن وجود عراق يحتضن التوجهات القومية والمذهبية – التي تعبر في ذاتها عنصر تجزئة وليست عناصر وحدة – يخدم المصالح الإيرانية.
ويطلعنا محمد صدقيان أن الأكاديمي الإيراني كيهان برزجر يرى أن الاتجاه السياسي لحزب الدعوة الذي يرأسه المالكي يخدم المصالح الاستراتيجية الإيرانية من خلال دعم عراق موحد مستقل شيعي وصديق لإيران" (الحياة 5/3/2009). وهنا، أعود إلى قراءة علي لاريجاني (مسؤول الأمن القومي سابقاً وحالياً هو رئيس مجلس الشورى أي البرلمان). وقد نقل عنه ما يلي:
"أوضح رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني أن بلاده مستعدة لمساعدة واشنطن على تحقيق الاستقرار في العراق إذا وضعت واشنطن جدولاً زمنياً لانسحاب قواتها من هناك. ونعني الاتهامات الأميركية "بأن بلاده تدعم الميليشيات العراقية بالسلاح وأصر على أن المشكلات العائمة في العراق سببها أن الإدارة الأميركية تنتهج إستراتيجية وصلت إلى طريق مسدود". "ولفت أن إيران هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي أيدت الحكومة العراقية والعملية الديمقراطية هناك، بينما لم تساهم الدول العربية "الخليجية" للولايات المتحدة بأي مساعدة، لا بل عملت ضد واشنطن في العراق".
واضاف أن لدى إيران معلومات بأن مسؤولين أميركيين عقدوا محادثات مع عزة الدوري، نائب الرئيس العراقي السابق، ووصف ذلك بأنه "كارثة للشعب العراقي" الحياة (2/10/2007).
وفي سياق المساعدة لأميركا يقول محمد صالح صدقيان "لقد غاب عن بال المنتقدين للسياسة الإيرانية إبان غزو العراق، إن إيران كانت تتصرف بواقعية من خلال دعمها لهذه الأحزاب (الشيعية) للوصول إلى أهدافها الإستراتيجية القائمة على إبعاد التهديدات الأمنية الأميركية عن أراضيها وتحديداً في عهد الرئيس بوش. ويعترف صدقيان أن إيران تنظر في إستراتيجيتها لتحقيق مصالح أمنها القومي (الحياة 2/10/2007).
ولئلا يلومني صديق بأني متحيز للعراق، فأنا أعترف بذلك وأتعاطى مع الموضوع موضوعياً، وأقول هل بإمكان أحد من أصدقاء إيران أن يفسر لي كيف جاء أحمدي نجاد نفسه في 3 آذار 2008 إلى المنطقة الخضراء؟ ومن حماه؟ ومن استقبله؟ وماذا حدث وراء الجدران الخرسانية؟ وأضيف مستنداً إلى تقرير أكاديمي يقول: "أفادت "مجلة تايم الأميركية" أن إيران تحضر لمزيد من التدخل في العراق، إذا فشلت المحادثات المتوقعة بينها والولايات المتحدة. ورجحت أن تتمكن الميليشيات المتطرفة المدعومة من إيران السيطرة على غالبية المحافظات العراقية، كما حذرت من مخاطر اندلاع حرب بين العرب والأكراد بسبب الخلاف على محافظة كركوك الغنية بالنفط".
لكن النائب من "جبهة التوافق" أحمد العلواني اعتبر "أن واشنطن أقرت التدخل الإيراني في الشأن العراقي منذ احتلالها للبلاد". وقال "أن أميركا تفاوض طهران قبل أكثر من سنة حول الوضع الأمني في العراق مما يدل على قبول ضمني بالنفوذ الإيراني" وأضاف "أن هناك تغاضياً أميركياً واضحاً عن هذا التدخل فمكاتب فيلق القدس الإيراني موجودة في مختلف المحافظات العراقية مشيراً إلى أنه "لا يستبعد عقد صفقة بين طهران وواشنطن على حساب السيادة العراقية لأن كليهما عدو للعراق". وأوضح أن أحزاب السلطة التي "تربت في أحضانه تنفذ أجندة واضحة لمصلحتها". وأعرب عن شكه في قدرة المؤسسة العراقية العسكرية على مواجهة النفوذ الإيراني لأنها بنيت على أساس طائفي وعرقي، فضلاً عن دمج الميليشيات فيها" موضحاً أن أغلبية تلك الميليشيات تأسست في إيران وتمثل أحد أذرعها الاستخبارية والعسكرية". ودعا إلى إعادة النظر في بناء المؤسسة العسكرية من خلال إعادة الضباط السابقين والاعتماد على الأسس الوطنية في بنائها" (الحياة 14/2/2009).
وفي الخاتمة لا يجوز أن ننسى جائزة نوبل الحرب للسيد أوباما وكيفية نظرته إلى العراق وإدارته للاقتصاد الأميركي ومصالحته الكاذبة مع الإسلام في خطبة جامعة القاهرة 4 حزيران 2009.
إن أوباما حسب المقربين منه سينسحب من العراق جزئياً وقد اتخذ قرار بقاء 35-50 ألف جندي أميركي في العراق إلى أمد غير محدد والتبرير لهذا القرار الحرص على بقاء أنصارهم في السلطة والاستئثار بالقرار العراقي موارد العراق وشعبه ولا شك أن إجراء الاستفتاء – إذا لم يزور – سيؤيد الشعب العراقي الانسحاب الكامل لكل جندي أميركي!
أما موضوع الاقتصاد ومستقبل أميركا الاقتصادي، فإنه لا يدعو إلى التفاؤل وهاكم رأي أحد كبار الاقتصاديين في العالم:
"إن خطة الإنقاذ هي محاولة إنقاذ رجل ميت وبالتالي فإن خطة الرئيس أوباما وفريقه الاقتصادي سببها الترابط العميق بين هذه الإدارة وأصحاب وول ستريت (Wall street) وقد وصف المستثمر العالمي جورج سوروس – الاقتصاد الأميركي بأنه في غرفة الإنعاش. أما أنا فقد نشرت في المجلة الصادرة عن كلية الدراسات العليا في جامعة هارفرد (Harcard Bulletin) في شهر حزيران 2009 تعليقاً بعنوان: شارع وول ستريت مقابل شارع الشعب: وقلت في النظام الأنغلوسكسوني الرأسمالي الأميركي هناك حقيقتان متلازمتان لاقتصاد السوق. أولاهما المادية المتحررة من كل الأخلاق والمبادئ والحقيقة الثانية هي بأن تكون الحكومة والشعب في خدمة أصحاب وول ستريت، فعلى الحكومة تسهيل أمور بارونات المال في حالات الصعود الاقتصادي، وإنقاذهم في حال الأزمات اليوم، فإن الحكومة الأميركية هي حكومة البنوك، تعمل من أجل البنوك، وتدار من قبل البنوك التي يتم إنقاذها عن طريق دافعي الضرائب الأميركيين.
والمستثمر العالمي جورج سوروس قال: ان قواعد اللعبة الديمقراطية والرأسمالية مختلفان: فالمصالح المتوجب خدمتها في الرأسمالية هي المصالح الخاصة.. أما المصالح المتوجب خدمتها في الديمقراطية فهي الصالح العام وهذا ما يتم وصفه بالتضارب بين مصالح وول ستريت والصالح العام في النموذج الأميركي". (عبد الحي زلوم، الكفاح العربي 6/7/2009 ص 35).
قلت إن أوباما رئيس حرب ومحاولة تطويع أفغانستان إخضاعها للمشيئة الغربية ستفضي إلى هزيمة أكثر فيتنامية وعراقية من هزائم أميركا. وقد حذره بروس ريدل أجد كبار مستشاريه ألا يدخل في أفغانستان مقبرة الإمبراطوريات وقال "ان الولايات المتحدة توشك خسارة الحرب في أفغانستان حتى إذا لم تخسرها حتى الآن".
وانتهى بالقول: لقد تبخرت مقولات التسعينات ومقولات العقد الأول من القرن الحادي والعشرين: العولمة تحولت إلى انعزال ونهاية التاريخ إلى بداية التاريخ وصدام الحضارات إلى لقاء الحضارات. والحرب العالمية على الإرهاب إلى حرب على طالبان وما زال من لادن حياً وأيمن الظاهري يخطاب الشعوب دورياً "أما بوش وصحبه" فمآلهم مزبلة التاريخ وعالم النسيان.