أكد الدكتور حسن العالي نائب الأمين العام للتجمع القومي أن العدو الصهيوني حين هاجم غزة وضع هدفه ضرب المقاومة وخنق الصوت الرافض للاستسلام، مشيرا الى ان صمود أهالي القطاع، ودفاع مقاتلي حماس وغيرهم من الفصائل أفشل مخطط العدو في وأد المقاومة. جاء ذلك في ندوة أقيمت بعنوان «ماذا بعد غزة؟« بمجلس الدوي بالمحرق مساء السبت الماضي ، تحدث فيها الدكتور حسن العالي، حضرها عدد من أهالي المنطقة، وأدارها غازي المرباطي.واستهل الدكتور حسن الحديث بالقول إن غزة قاومت وصمدت وضحت بعشرات الآلاف من أبنائها ومناضليها في سبيل التمسك بالحقوق
التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني، وحدد عدة ملامح بعد انتهاء العدوان على غزة. وأضاف انه على صعيد غزة نفسها والمقاومة الفلسطينية في غزة، نؤكد أن العدوان لم ينته ويجب ألا ننظر إليه على هذا الأساس. ثانيا: طالما أن هناك مقاومة، وهناك تمسك بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، فإن العدو الصهيوني لن يقبل بأقل من رأس المقاومة وفرض الاستسلام الكامل. ثالثا: العدو الصهيوني يريد إقامة دولة مشوهة منزوعة الإرادة وتابعة له سياسيا واقتصاديا، وعلى هذا الأساس نؤكد أن على المقاومة الفلسطينية أن تستعد لجولات جديدة من المواجهة والعدوان. سؤال كبير ولكن السؤال هو كيف تستعد المقاومة؟ وقال: من خلال تكتيكات العدوان الأخير، بات واضحا أن الكيان الصهيوني كان يدرك أنه لن يستطيع إخماد صوت المقاومة، واستبدل ذلك بإلحاق أكبر قدر ممكن من القتل والمجازر المتعمدة في صفوف النساء والأطفال والشيوخ، وأكبر دمار ممكن في البنية التحتية والمستشفيات والمدارس والمنازل والمساجد، بهدف إرهاب الشعب الفلسطيني وتنفيره من المقاومة وإبلاغ المقاومين بأن كلفة مقاومتهم باهظة جدا إذا ما استمروا في مواقفهم او كرروها مستقبلا، وهو تكتيك مستنسخ من حربه على لبنان ولكن على نطاق أبشع. وقال : لذلك، يمكن للمقاومة أن تطور أشكال المقاومة من خلال نقل الصراع إلى القضايا الأكثر مصيرية للشعب الفلسطيني بدل من اقتصارها على صورايخ المقاومة، فالصراع على القضايا الرئيسية كاستعادة الأراضي المغتصبة والتحرير وعودة القدس واللاجئين هي قضايا أكثر التصاقا بالحق العربي والنضال الفلسطيني والعربي. وتابع حسن العالي: على المقاومة الفلسطينية، ونعني هنا بشكل خاص حماس، أن تطور خطابها المقاوم ليأخذ أبعادا أكثر قومية، حيث إن المعركة في فلسطين والعراق ولبنان والسودان والأهواز وغيرها هي واحدة، وعليها إقامة تحالفاتها مع المقاومة العراقية واللبنانية على هذا الأساس بدلا من بعض النبرات الحالية الصادرة عن بعض مسئوليها التي تحاول الإساءة إلى المقاومة العربية في أقطار أخرى أو قضايا الاحتلال في بلاد عربية أخرى. وقال: صحيح إن حركة حماس تقيم علاقات وطيدة بالنظام الإيراني وهذا يؤخذ كذريعة ضدها، إلا أننا ندرك أن من أفسح المجال لتعزز مشروع
النظام الإيراني في المنطقة هم الأنظمة العربية نفسها التي خذلت العراق، وخذلت المقاومة الفلسطينية أيضا. وحدة الفصائل وشدد على ان من أولى المهمات لمرحلة ما بعد غزة، هو ضرورة وحدة الفصائل الفلسطينية والوحدة الفلسطينية القائمة على التمسك بالثوابت التاريخية، واوضح: ندرك أن السلطة الفلسطينية أو على الأقل بعض المسئولين فيها يعتبرون مسئولين بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن مجازر العدو الصهيوني في غزة. وتطرق المتحدث من جانب آخر الى ان ما تردده بعض الأصوات النشاز الصادرة عن مسئولين في السلطة الفلسطينية والتي تطالب بسرعة إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية الفلسطينية يكشف جانبا مهما من الأهداف الحقيقية للعدوان التي صرح بها علانية مسئولون في الكيان الصهيوني وهي ضرب البنية التحتية لحماس وكوادرها ومناصريها ليسهل عودتها إلى سلطة ابو مازن. وقال: ان الحقيقة هي انه لا يوجد بديل عن الوحدة الفلسطينية في وجه العدوان والاحتلال، وقد اظهر العدوان الأخير أهمية هذا الجانب، فجميع الفصائل بما فيها فصائل فتح خاضت معارك المقاومة في غزة، وهذه الفصائل بالرغم من موقف زعاماتها السياسية متمسكة بالثوابت الفلسطينية، لذا فإننا ندعو الى تطوير الحوار مع هذه الفصائل وإزالة نقاط الاحتقان والاختلاف. النظام الرسمي العربي وتابع: من جملة الأمور في مرحلة ما بعد غزة، هو النظام العربي الرسمي، هذا النظام الذي كان سقف مطالبه الأعلى هو ما صدر عن قمة الدوحة التشاورية حول تعليق العلاقات مع العدو الصهيوني وتعليق مبادرة السلام العربية، بينما سقفه الأدنى هو المبادرة المصرية التي تسعى في أهدافها الحقيقية إلى إعادة المقاومة الفلسطينية إلى حظيرة نهج التسوية والاستسلام ورفض شروط الكيان الصهيوني عليها كاشفا في هذا الشأن عن ان الخلافات بين جناحي النظام العربي الرسمي، بلغت ذروتها في قمة الكويت حتى خلا البيان الختامي من أية إشارة لا إلى تعليق العلاقات ولا إلى تعليق المبادرة وتساءل: فهل بعد ذلك ما هو أكثر ضعفا وانهزاما في النظام الرسمي العربي؟ كما كشف عن مجموعة من التنازلات شهدتها الساحة العربية إبان وبعد العدوان على غزة، مشيرا هنا الى قيام أكبر نظام عربي، بالوساطة مع إسرائيل ، يقصد هنا مصر العروبة والنضال والتضحيات القومية، بين عدو الأمة العربية والمقاومة، وهذا ما انتهينا إليه من سلسلة التنازلات الاستسلامية التي لم تبدأ بأوسلو عام 1993 بل منذ صدور القرار 242 عام 1967 الذي جاء على أنقاض هزيمة العرب. فالطرف المهزوم عندما يدخل المفاوضات لا بد أن يكون الطرف الأضعف الذي سوف يقدم التنازلات تلو التنازلات. المقاومة والأنظمة واسترسل في الكشف عن المزيد من الأفكار والتصورات التي برزت بعد الازمة، فقال: إن المقاومة العربية وليست الفلسطينية فحسب باتت تمثل مصدر تهديد لاستقرار الأنظمة
العربية وحكامها، وهذه الأنظمة تريد إسكات وإخماد صوت المقاومة العربية أينما وجدت، وعلى هذا الأساس تمت محاربة النظام الوطني في العراق وتحالفت مع الأمريكان لتسهيل احتلاله، وكذلك فعلت بالنسبة للمقاومة اللبنانية. ونوه الدكتور حسن الى أن هذه الأنظمة لا تسعى إلى قفل الأبواب ليس أمام المقاومة فحسب، بل أمام كل أشكال النهوض والنضال والتغيير، فهي تحارب شعوبها وتقمع الحركات الوطنية والقومية والإسلامية، وتحاول تزييف تجاربها الديمقراطية وتجيرها لصالح الطبقات الحاكمة والمستنفعة، وتقدم نموذجا مشوها للإصلاحات الاقتصادية التي أدت وتؤدي إلى المزيد من إفقار شعوبها وسلبهم إرادتهم، وهي تقيم تحالفات مكشوفة وواضحة مع أعداء الأمة من خلال القواعد العسكرية الأمريكية والسفارات والمكاتب التجارية الصهيونية المنتشرة في العديد من الدول العربية. وتابع: واليوم يسعى النظام المصري لإعادة المقاومة الفلسطينية إلى المربع الأول لما قبل العدوان، فهو يطالبها بالتهدئة ووقف الصواريخ، ويعلن صراحة عن تعاونه مع الجهود الأمريكية التي وقعت اتفاقا مع الكيان الصهيوني حول ذلك وكذلكالأوروبية لوقف تهريب السلاح للمقاومة وهو ما يطالب به الكيان الصهيوني، كل ذلك مقابل فتح مقنن للمعابر وفك الحصار الاقتصادي عن غزة، أي باختصار تحقيق هدف إسكات صوت المقاومة من خلال الاتفاق السياسي بعد أن فشل العدوان العسكري في تحقيق ذلك. وتساءل: هل يا ترى نرتجي خيرا من الأنظمة العربية، وهل هناك أمل في مطالبتها بإصلاح أحوالها أو تغيير مواقفها؟ دور تركيا وإيران وقبل الإجابة على هذا السؤال، قال: نستعرض الموقف الدولي لمرحلة ما بعد غزة، وقد يقال فيه الكثير، ابتداء من المواقف الصلبة والمتميزة التي اتخذتها بعض دول أمريكا اللاتينية في التضامن مع غزة، ومرورا بدور تركيا المتطلع لمساحة أكبر في القضايا العربية، وكذلك النظام الإيراني المتربص بحالة الوهن والانهزام في النظام الرسمي العربي ليتمدد بمصالحه وأشكال نفوذها وانتهاء المواقف المعروفة للولايات المتحدة والدول الأوروبية المتحالفة مع الكيان الصهيوني، وما يهمنا هنا هو هذا الأخير، حيث وقعت إدارة بوش قبل رحيلها اتفاقية أمنية دعمتها الدول الأوروبية لإحكام الحصار على المقاومة وتوفير جميع إمكانات التواجد العسكري المباشر والتقني والاستخباراتي لتحقيق ذلك. وجاءت الإدارة الجديدة برئاسة أوباما لتؤكد دعمها لهذه الاتفاقية وتؤكد التزامها بحماية أمن الكيان الصهيوني. وفي هذا الصدد ، أكد الدكتور العالي ان جميع هذه المواقف المعادية لمصالحنا انما تقتات على حالة الانهزام والتشرذم والتخاذل في النظام العربي الرسمي، ولا نتوقع أن تتغير مصالحها أو تصبح أكثر أنصافا لنا ما دام أركان النظام العربي الرسمي أنفسهم غير منصفين لمصالح أمتهم. وهذا يعيدنا مرة أخرى للسؤال الذي أجلنا الإجابة عليه: فهل يا ترى نرتجي خيرا من الأنظمة العربية وهل هناك أمل في مطالبتها بإصلاح أحوالها أو تغيير مواقفها، حتى وإن افترضنا وجود نوايا طيبة لدى بعض الأنظمة؟ موقف الجماهير العربية واضاف نقطة اخرى في مسلسل توقعات لمرحلة ما بعد غزة، وهو الأهم فيما بعد غزة وهو موقف جماهير الأمة وقواها الوطنية والقومية والإسلامية المناضلة، وهي الأمل المرتجى، ويقع على عاتقها العبء الأكبر في تطوير وتصليب مواقف الجماهير وترجمتها إلى أشكال أكثر قوة ومساندة للشعب الفلسطيني وقضايا الأمة كافة، متسائلا : ألم يكن بمقدور الأحزاب المصرية على سبيل المثال تنظيم مسيرة حاشدة الى معابر غزة؟ كما ذكر أن على هذه القوى أن تترجم الترابط الجدلي القائم بين قضايا الأمة ووحدة المقاومة في فلسطين والعراق ولبنان وغيرها في مواقفها كافة، فهي لا يمكن ان تقف مع مقاومة من دون مقاومة بينما العدو هو واحد ويتحرك على قاعدة الإستراتيجية نفسها الأهداف نفسها المصالح نفسها في جميع ساحات الوطن العربي، وخاصة اليوم في العراق وفلسطين ولبنان والسودان وحتى الخليج العربي مؤكدا في هذا الخصوص دور هذه القوى في الربط الجدلي الحي بين قضايا النضال الوطني والنضال القومي على اعتبار ان ذلك مسار واحد، فهي ما لم تسهم في تحرير شعبها من براثن الاضطهاد والتسلط والعوز والفقر، لن تستطيع تفعيل دوره القومي بالصورة المطلوبة والشاملة.