حسن المدحوب
تقول وزارة الإسكان إنها لا تميّز ولا تفرّق في التوزيع بين أصحاب الطلبات الإسكانية، وتؤكد أنها تسعى للمساواة بينهم، ولكن ليسمح لي مسئولو الوزارة، فهذا الكلام «مأكول خيره»، وباعترافكم أنتم وليس تقوّلاً ولا اجتهاداً منا.
لماذا نتهمكم هذا الاتهام؟ الجواب ببساطةٍ جاء على لسانكم، فعندما تعترفون أنكم ترضخون إلى مطلب هذا النائب أو ذلك البلدي بأن يتم تقديم أصحاب طلبات حديثة على حساب أصحاب الطلبات القديمة فهذا هو عين التمييز، وعندما توافقون على أن يتم توزيع بيوت الإسكان في مشروع ما بمعرفة هذا النائب أو ذاك، ويقوم بتوزيعها على أناس من أصحاب الطلبات الحديثة ويتم استثناء الطلبات التي تعود للتسعينيات، فأنتم تميّزون بين الناس.
نذكّركم، بأنكم أنتم من ابتدع فكرة المشاريع الإسكانية المناطقية ومن روّج لها لسنوات، والعجيب اليوم أنكم تتبرّأون من تبعاتها، فأنتم عندما تقومون ببناء وحدات سكنية في منطقة أو قرية ما، وتقومون لسنوات بحصر التوزيع فيها على أهاليها دون غيرهم، دون الالتفات لأصحاب الطلبات القديمة في المناطق المحرومة من مثل هذه المشاريع على رغم قربهم الجغرافي منها، فأنتم من يمارس التمييز في وضح النهار على حساب أحلام البسطاء الحالمين بمنزل يضمّ عوائلهم، والذين ينتظرون مدداً فاقت 20 عاماً!
عندما يتم توزيع مشاريع إسكانية بمئات الوحدات على مدى عقد ونصف من السنوات على أهالي منطقة ما، وبعضهم من أصحاب الطلبات الحديثة، ويمنع منها أصحاب طلبات قديمة بسبب أنهم ليسوا من أهالي هذه المنطقة مع أنه قد لا يفصل بينهم وبين هذا المشروع إلا شارع واحد، فإنه لا يوجد توصيفٌ آخر لذلك إلا أنه تمييزٌ يا وزارة الإسكان.
تستمرون في بناء مشاريع إسكانية في المناطق والقرى، ثم تقولون للناس لا تعتصموا أمامها، ثم تعترفون أنكم ترضخون إلى مثل هذه الاعتصامات، وتقومون بتقديم طلبات حديثة على حساب أصحاب الطلبات القديمة، إذاً أنتم من رسّخ ثقافة التوزيع المناطقي في عقول هؤلاء الناس، وأنتم من شجّعهم على الاعتصام بالموافقة على بناء هذه المشاريع في مناطقهم، بعد أن بات التوزيع يتم بسياسة الصوت العالي وليس بسياسة الأقدمية التي تتحدّثون عنها اليوم.
اليوم خرجتم لنا ببدعةٍ غير دستورية جديدة، وهي الانتقال من سياسة التوزيع المناطقي إلى سياسة التوزيع حسب المحافظات، وكأن البحرين بلدٌ بحجم قارة، وليست بلداً صغيراً، وتصرون على أن تحصروا توزيع المشاريع الإسكانية على أصحاب الطلبات الإسكانية في المحافظة نفسها دون غيرهم من أبناء المحافظات الأخرى، حتى ولو دفع ذلك المئات من أصحاب الطلبات الإسكانية القديمة إلى أن يستمروا في الانتظار سنوات أخرى على حساب آخرين سيحصلون على وحدات سكنية أسرع من غيرهم لأنهم من أهالي هذه المحافظة أو تلك، ثم تقولون أنكم لا تميّزون بين المواطنين!
هل تستطيع وزارة الإسكان الموقرة أن تكشف لنا عدد الطلبات الإسكانية الحديثة التي تمت تلبيتها وإلى أي عام وصلت، مقابل عدد الطلبات القديمة التي ما تزال تنتظر، وتوضّح لنا فارق السنوات بينها، حتى نقتنع فعلاً أنها لا تمارس التمييز بين المواطنين؟
رفقاً بالناس يا وزارة الإسكان، عاملوا المواطنين سواسيةً في التوزيع، دون النظر إلى مناطقهم ومحافظاتهم. انظروا فقط إلى مبدأ الأقدمية من أجل العدالة والإنصاف.