طالب مكتب شؤون الجمعيات السياسية بوزارة العدل والشؤون الاسلامية والأوقاف أمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان، بتوضيح موقف الجمعية من التصريحات الصادرة عن الناطق الرسمي للجمعية خليل المرزوق تتبنى فيها مواقف تضمنت المساس والتعدي على الدستور والسلطة التشريعية، مشيرا الى ان هذه التصريحات تم نشرها على موقع الجمعية الالكتروني في الثلاثين من مارس الماضي.
وأكد المكتب أن هذه المواقف تحتوي على مخالفات جسيمة ويترتب عليها تبعات قانونية، وأن تصريحات الناطق الرسمي للوفاق تضمنت تجاوزا للقانون الذي يؤكد الالتزام بأحكام ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين واحترام سيادة القانون.
وأورد المكتب ما تضمنته تلك التصريحات من "أن غالبية الشعب غير مقرة لدستور 2002 ولا يمكن فرضه كمرجعية عليهم"، و"أن ما نتج عن دستور 2002 من مؤسسات، تكون مرفوضة برفض الدستور، ولا يمكن أن توضع كآلية لإقرار النظام السياسي"، وأنه "لو كانت السلطة التشريعية ممثلا حقيقيا للشعب لما كان هناك حاجة لطاولة حوار ولكنها غير شرعية كممثل حقيقي للشعب ولا مشروعية لقراراتها".
وكان المساعد السياسي للأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية خليل المرزوق، أكد أن السلطة تعيش مغالطة كبيرة في أصل وجود دولة على أسس حقيقية بالبحرين، موضحاً أن البحرين لم تشهد قيام دولة منذ 200 سنة ومروراً بالإستقلال وحتى بعد الميثاق، فلم تشهد البحرين قيام دولة حقيقية وإنما مجرد "شكل دولة" ويمكن استعراض ذلك بصورة علمية، وأن ادعاء السلطة بين الحين والآخر بأن المعارضين يسعون لتقويض الدولة، هو مغالطة كبيرة وتجني كبيرين، وأن الإدعاء بأن ثورة 14 فبراير 2013 ليست لها مطالب مشروعة ولايوجد للمعارضة مشروع وانها انما جائت لتقويض الدولة والمؤسسات القائمة هي مغالطة كبيرة.
وشدد المرزوق على أن تأسيس دولة الكرامة والإنسانية والعدل والأمن يحتاج إلى مشروع سياسي كبير، وسيأتي من خلال التضحيات الجسام التي قدمها شعب البحرين طوال تاريخه النضالي، ومشروع المعارضة هو قيام دولة الشعب والكرامة والحقوق لكل البحرينيين كما بينته وثيقة المنامة وسنفصل فيه لاحقا، وهو مشروع انساني حضاري يكافئ هذه التضحيات بالديمقراطية الحقيقية للشعب، واذا لم يكن لنا هذا المشروع لن نتقدم الصفوف ونجازف بالتضحيات الجسام لهذا الشعب لانها مسؤولية شرعية ووطنية وتتطلب رؤية واضحة.
وأوضح المرزوق: إذا عدنا للتاريخ قبل 200 عام وقبل الاستقلال وطوال المراحل التاريخية التي مرت بها البحرين وناضل خلالها شعب البحرين من اجل حقوقه وحريته، نجد تاريخ أوراق سوداء وموثقة وكتبت بالدم لتروي قصص الظلم والسخرة والإقطاع، وليس هناك كتاب واحد يتحدث عن هذا التاريخ تحدث عن قيام دولة، وإنما يتحدث عن جرائم وفضاعات وانتهاكات مروعة، إلا أنه يتحدث أيضا عن تاريخ نضالي منذ 100 سنة على أقل تقدير يطالب بدولة حقيقية.
وأشار المرزوق إلى أن البحرين وجدت فرصة لقيام دولة في السبعينات بعد الاستقلال، بعد وجود دستور عقدي وحاكم، ولكن الممارسة بعد 1973 اختطفت الدولة واصبحت قيادة شخص منذ حل المجلس الوطني في العام 1975، ولم يخضع النظام السياسي إلى مؤسسات حقيقية، بل ارادة وادارة شخص واحد وليس دولة ولا مؤسسات دولة.
واستطرد المرزوق أما بعد دستور 2002 عندما نحاكم -بشكل علمي- المؤسسات الشكلية والتي لا تمثل دولة حقيقية، نتسائل أيعقل أن تكون دولة وهي تقاد بشخص واحد ولا يوجد بها فصل بين المؤسسات، ويكون فيها التشريع والرقابة والقضاء والأمن وكل المفاصل والمؤسسات في إرادة شخص؟
وتسائل المرزوق: هل الدولة الحقيقية موجودة أم لا؟ ففي كل الدول يجب أن يكون هناك عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم، وفي البحرين لا يوجد دستور متوافق عليه، فدستور 1973 ألغته السلطة، ودستور 2002 غير متوافق عليه جاء بإرادة منفردة، والمشكلة الحقيقية التي يعيشها وطننا أنه لا يوجد لدينا دستور متفق عليه يكون المظلة والحاكم للوطن؟
وأوضح: غالبية البحرينيين لا تتفق مع هذا الدستور في البحرين، ولا يمكن أن يفرض على الشعب دستور ويقال أنه جزء من الدولة وعلى أساسه تفصل الدولة لم ينل شرعية الموافقة الشعبية الذي هو صاحب السيادة ومصدر السلطات ، ثم يدعى أن المعارضة تريد أن تسقط الدولة المغيبة خلف هذا الدستور.
وقال: ومهم في الدولة أن تكون لها ادارة عن طريق الحكومة التي يجب أن تمثل الناس، فهم من يجب أن يديروا شؤونهم، وإلا أصبحت الدولة تدار بعقلية شخص أو مجموعة أشخاص كما كان في السابق ولازال، فالحكومة الحالية في عقيدتها وتكوينها ومسارها هي أبعد ماتكون عن إختيار الشعب وقراره وخياراته، فكيف تدار دولة بعيدا عن ارادة الشعب؟
ولفت إلى أن المنظومة الأمنية في البحرين مبنية في عقيدتها وممارساتها وانتماءها وسلوكها على حماية عائلة وسلطة وليس على حماية الشعب، فالدولة بالإصطلاح السياسي تعني "الأقليم والشعب والسلطات"، وجزء منها هي السلطات الأمنية، واذا كانت حماية الشعب غائبة من عقيدة وفكر وتكوين وممارسة هذه السلطات الأمنية، هل هذا يعبر عن مكون دولة بمفهوم حقيقي؟
وأوضح المرزوق في تعليقه على دعوى أن تدخل الجيش في مواجهة الاحتجاجات كان حماية لشرعية الحكم، متسائلا ما المقصود بشرعية الحكم هل أن شرعية الحكم هو ما نص عليه الدستور في مادته الأولى بأن "نظام البحرين ديمقراطي السيادة فيه للشعب مصدر السلطات"، فهل قام الجيش بحماية هذا النص الواضح والذي يعبر عن الشرعية الحقيقية في كون الشعب صاحب السيادة والقرار، أم آنه حمى الحكم اصطلاحا بمعنى العائلة، وحتى وان رجعنا للنص "حكم البحرين ملكي دستوري وراثي" فهل حمى الجيش الملكية الدستورية بمعنى حق الشعب في الادارة والسلطة، أم فقط حمى مفردة الوراثة، فاذا كانت عقيدة الجيش وممارسته تحمي فقط العائلة الحاكمة ضد المعارضين لها، فهل هذا وظيفة جيش الوطن أو جيش الحكم(بمعنى الأسرة)؟
وأردف: عندما نطالب بانضمام كل المكونات للجيش وهذا حق وهذا جزء من كيان الدولة الحقيقية، ويرفض ذلك وفي كل المنظومة الأمنية التي كلها سخرت لحماية أفراد وشريحة محدودة على حساب الشعب والدولة، وكل مكونات الأجهزة الأمنية استخدمت كأدوات للقمع في البحرين، فأين الدولة من كل ذلك؟.
وتابع: في الدول المتقدمة فإن أجهزة المخابرات وظيفتها التحقق وتعقب الجرائم والارهاب ولا خلاف على الحاجة لها، ودورها في مراحل متقدمة، ولكن لدينا تحول جهاز الأمن الوطني لمفرخة دعاوي لخلايا التفجير والانقلاب، ويعتمد في ملاحقاته من خلال استغلال صغار السن من أصحاب القضايا الجنائية والمشاكل الاسرية والأخلاقية لتشكيل خيالات وللزج بالأبرياء لخلافات شخصية بعيدة عن أمن الوطن، فهل هذا جزء من مكون دولة حقيقية؟
وأشار إلى أن المنظومة التشريعية يجب أن تقوم على أساس تمثيل الناس ويكون لها صلاحيات، ولكن في البحرين هناك 64 بالمائة من الناخبين لديهم 45 بالمائة من المقاعد، فلا تمثيل عادل، ويضاف على المنتخبين مثلهم معيينون فيزيف التمثيل الشعبي بل ينسف ويصادر، وسلطة تشريعية بلا صلاحيات حقيقية، وعندما دخلنا مجلس النواب وحاولنا التغيير من الداخل ولم نُمَكن لأنه لا يوجد تمثيل عادل ولا إرادة حقيقية للتغيير، والصلاحية التشريعية للارادة الشعبية الحرة كانت بنسبة صفر بالمائة، وكان تمثيل الناس في هذه المنظومة هو تمثيل صوري، فهل تقوم دولة بلا سلطة تشريعية حقيقية تعبر عن ارادة الشعب الحرة ولها الصلاحيات الضرورية؟
وأشار إلى أن السلطة القضائية في كل العالم لها مكونات أبرزها النيابة العامة والمحاكم، وجزء منها أيضاً كيان المحاماة او القضاء الواقف كما يسمى وسلطات تنفيذ العقاب، وقد تحدث العالم عن كل المنظومة القضائية بأنها عنوان غياب العدالة والإستقلالية.. والسلطة تسعى للسيطرة على كيان المحامين واستقلالهم، فأين الدولة الحقيقية وليس بها كيان قضائي وعدلي مستقل وفاعل؟.
ولفت إلى أن منظومة الحقوق والحريات كشف عن بعضها تقرير السيد بسيوني وكشف جزء من الفضاعات، فهل يصح أن نطلق "دولة"على سلطة تُسَخر كل طاقتها للاستقطاب الطائفي وللتفتيت المجتمعي، وداست على كرامة المواطنين وانتهكت كل حقوقهم فقتلت وعذبت وسجنت ظلما وفصلت وهدمت المساجد، أتكون دولة حقيقية وبها كل هذه الانتهاكات ولا يحاسب بها أحد؟ هل وظيفة الدولة الحقيقية تفتيت الوحدة الوطنية وتكريس الاستقطاب الطائفي أم ترسيخ الوحدة ومنع الاستقطاب، وتدعون اننا نريد أن نهدم الدولة؟
وتسائل: هل قامت السلطة بتكريس العدل والمساواة وأقامت أجهزة محايدة، أم أنها شكلت أجهزة على شاكلة جهاز الخدمة المدنية الذي يتشكل من طائفة واحدة ومن فصيل سياسي متشدد؟ إلى جانب التوجه الرسمي بعسكرة مايسمى بالدولة، وكذلك التمييز الطائفي الذي يحرم الناس من كل المؤسسات، أليس هذا ما جعل الناس تخرج للشوارع تريد الحرية والكرامة والعدل، وتريد ضمان مستقبل أبنائها دون خوف؟
وأجمل المرزوق: أين هي الدولة الحقيقية التي تدعون أننا سنقوضها وإرادة الوطن وسلطاته وقراراته وثروته كلها بيد شخص، فلا إرادة للشعب ولا تمثيل في حكومته وإدارة شئونه العامة، ولا في سلطته التشريعية ولا في قضائه ولا منظومته الأمنية ولا أمن له من منظومته الحقوقية والاجتماعية التي يفترض أن تحميه وتحمي وحدته؟
وختم المرزوق بقوله ان شعب البحرين شعب واعٍ ويحمل طموح كبير وسيحقق ما ضحى من اجله الشهداء، ولديه مشروعه السياسي الكبير بكل تفاصيله لبناء الدولة الحقيقية التي تحقق الكرامة والعدل والمساواة والشراكة والاحتضان لكل البحرينيين، ولا يمكن لإتهامات النظام الجوفاء بالخلايا والتدخل الخارجي والعنف وغيرها أن توقف مسيرته للديمقراطية والحرية ودولة الكرامة والمساواة والإنسانية على أرض البحرين ولخير كل البحرينيين ولمستقبل أبنائهم واجيالنا القادمة.
02/04/2013 م
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.