قال رئيس اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، محمود شريف بسيوني، لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» : «إن تنفيذ حكومة البحرين لتوصيات اللجنة يتسم بعدم الكفاية». وأضاف بسيوني «هناك عدد من التوصيات الخاصة بالمحاسبة التي لم تنفذ أو تم تنفيذها على مضض. ولم تحقق النيابة العامة حتى الآن في أكثر من 300 قضية تعذيب مزعوم، ينطوي بعضها على حالات وفاة أثناء الاحتجاز، ولم يتم فتح تحقيقات – ناهيك عن ملاحقات قضائية – من واقع مبدأ مسئولية القيادة، حتى على مستوى المشرفين المباشرين، فيما يخص من قـُتلوا رهن الاحتجاز نتيجة للتعذيب».
وذكر بسيوني أن «قرار جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بإنشاء اللجنة كان شجاعاً وبعيد الأثر، لكن إدانة نبيل رجب، على سبيل المثال، تدلل على نمط من استمرار الملاحقة القانونية للأشخاص، لا لشيء إلا لممارسة حقوق يحميها القانون الدولي لحقوق الإنسان، وهو ما وعد الملك حمد بإنهائه».
وأوضحت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، في بيان أمس (الخميس)، أن السلطات البحرينية أخفقت في تنفيذ أهم توصيات اللجنة، والتي رفعت توصياتها الخاصة بالمحاسبة وغيرها من قضايا حقوق الإنسان منذ عام كامل.
————————————————————————–
بسيوني: تنفيذ الحكومة توصيات «تقصي الحقائق» يتسم بعدم الكفاية
«هيومن رايتس ووتش»: السلطات البحرينية أخفقت في تنفيذ أهم توصيات «تقصي الحقائق»
بيروت – هيومن رايتس ووتش
قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أمس الخميس (22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012) إن السلطات البحرينية أخفقت في تنفيذ أهم توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، والتي رفعت توصياتها الخاصة بالمحاسبة وغيرها من قضايا حقوق الإنسان منذ عام كامل.
وخلُصت اللجنة إلى أن قوات الأمن وأجهزة حكومية أخرى ارتكبت انتهاكات جسيمة وممنهجة لحقوق الإنسان فيما يتعلق بقمع الحكومة الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في العام 2011.
إلى ذلك؛ قال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش» جو ستورك: «نالت البحرين، عن جدارة، قدراً كبيراً من الإشادة والتقدير على تعيين هيئة مستقلة لتقييم انتهاكات الحكومة، لكن السلطات لم تتولَّ حتى الآن، بعد مرور عام، تنفيذ أهم التوصيات. بل إن سجل البحرين في مجال حقوق الإنسان تدهور، في واقع الأمر، من بعد قبول الملك نتائج اللجنة وتوصياتها».
وكان جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عيَّن اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق في يوليو/تموز 2011، للتحقيق في رد فعل الحكومة على تظاهرات فبراير/ شباط ومارس/ آذار 2011. وخلصت اللجنة إلى أن انتهاكات القوات الأمنية ـ بما فيها التعذيب والاعتقالات التعسفية واسعة النطاق ـ في أعقاب قمع الحكومة للتظاهرات؛ «لم تكن لتحدث دون علم الرتب الأعلى في تسلسل القيادة» داخل القوات الأمنية. كما وجهت اللجنة دعوتها إلى الحكومة لأن تتعامل مع ادعاءات ارتكاب القوات الأمنية للتعذيب، «بمن فيهم ذوو المناصب القيادية، مدنيين كانوا أم عسكريين».
وكان جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة قبِلَ نتائج اللجنة وتوصياتها في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011.
وقد أفرجت السلطات البحرينية عن بعض الأشخاص الذين تم احتجازهم دون سند على ذمة الاحتجاجات وفي أعقابها، وأعادت الكثير من العمال والطلبة المفصولين إلى أعمالهم ودراستهم، ولاحقت قلة قليلة من أفراد الأمن جنائيّاً، غالبيتهم من ذوي الرتب الصغيرة. لكن نشطاء المعارضة البارزين، الذين حُكم عليهم بفترات سجن طويلة، بما فيها السجن المؤبد، بعد أن طالبوا بالتغيير السياسي، ما زالوا وراء القضبان، مثلهم مثل كثيرين لم تزد جرائمهم المزعومة عن التظاهر سلميّاً في الشوارع.
وفي أغسطس/آب 2012 حكمت محكمة بحرينية على نبيل رجب، المدافع البارز عن حقوق الإنسان، بالسجن لمدة 3 سنوات، لا لشيء إلا لمشاركته في مظاهرات من دون تصريح من السلطات. وفي نوفمبر تم الحكم على أربعة بحرينيين بالسجن بسبب «تغريدات» على موقع «تويتر» زعمت السلطات أنها أهانت الملك، على رغم أن الملك حمد أعلن أنه لا يريد أن يُتَّهم أحد بجرائم قوامها إهانات مزعومة بحقه.
في المقابل؛ لم تتم ملاحقة قانونية لأي مسئول رفيع المستوى فيما يتعلق بالسياسات التي أدت إلى التعذيب واسع النطاق والقتل خارج نطاق القانون. كما أيدت المحاكم أحكاماً بالإدانة بناءً على اعترافات انتزعت بالإكراه.
وقال رئيس اللجنة المستقلة، الفقيه القانوني المصري الأميركي محمود شريف بسيوني، لـ «هيومن رايتس ووتش» إن تنفيذ الحكومة لتوصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق يتسم بعدم الكفاية.
وأضاف بسيوني: «هناك عدد من التوصيات الخاصة بالمحاسبة التي لم تُنفذ أو تم تنفيذها على مضض. ولم تحقق النيابة العامة حتى الآن في أكثر من 300 قضية تعذيب مزعوم، ينطوي بعضها على حالات وفاة في أثناء الاحتجاز، ولم يتم فتح تحقيقات – ناهيك عن ملاحقات قضائية – من واقع مبدأ مسئولية القيادة، حتى على مستوى المشرفين المباشرين، فيما يخص من قُتلوا رهن الاحتجاز نتيجة للتعذيب».
وأعلنت النيابة العامة بدء التحقيق في مزاعم إساءة تشمل ما يبلغ أكثر من 150 قضية تخص مسئولين حكوميين واتهامات بحق 56 شخصاً، بما في ذلك نحو 122 قضية أحيلت من قبل وزارة الداخلية، يحسب هيئة شئون الإعلام الرسمية. وبقدر ما أمكن «هيومن رايتس ووتش» أن تتحقق فقد أدين أربعة بمخالفات جنائية وتمت تبرئة ثلاثة على الأقل. وصدرت أقسى عقوبة على ملازم في الشرطة تمت إدانته بتهمة قتل هاني عبدالعزيز جمعة بطلقات الخرطوش من مسافة قريبة. وفي قضية أخرى أدين شرطي بتهمة قتل متظاهر وحكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات، تم تخفيفها إثر الاستئناف إلى 3 سنوات.
وقال بسيوني: «لا يمكنك القول بتحقق العدالة حين تكون عقوبة المطالبة بتحويل البحرين إلى جمهورية هي السجن المؤبد، بينما يعاقب الضابط الذي أطلق النار مراراً على رجل أعزل من مسافة قريبة بالسجن لمدة 7 أعوام فقط».
وكان جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة أنشأ، عقب نشر التقرير، «اللجنة الوطنية» لمتابعة تنفيذ الحكومة للتوصيات. وأنهت اللجنة الوطنية عملها في 20 مارس/آذار وخلصت إلى أن التنفيذ «شامل ومتكامل» و»يلامس جميع المجالات الحياتية في البحرين».
وقال شريف بسيوني إن قرار الملك حمد بإنشاء اللجنة المستقلة كان «شجاعاً وبعيد الأثر»، لكن إدانة نبيل رجب، على سبيل المثال، تدلل على «نمط من استمرار الملاحقة القانونية للأشخاص؛ لا لشيء إلا لممارسة حقوق يحميها القانون الدولي لحقوق الإنسان، وهو ما وعد الملك حمد بإنهائه».
وفيما يتعلق بالحالات العديدة التي قامت فيها أعلى محاكم البحرين بتأييد أحكام الإدانة على رغم مزاعم التعذيب ذات المصداقية، قال بسيوني: إن الأحكام «يشوبها العوار القانوني»، مستشهداً بقضية أعلنت فيها المحكمة قبول اعتراف المتهم لأن الإدلاء بالاعتراف تم بعد عدة أيام من وقوع التعذيب.
وقال بسيوني: «لا يسعني تخيل رأي قانوني أشد زيفاً أو بعداً عن السواء من هذا؛ الإقرار بوقوع التعذيب، ثم الحكم بقبول الاعتراف وتأييد الإدانة. يعتبر هذا خرقاً لاتفاقية مناهضة التعذيب، والبحرين دولة طرف فيها».
واتفاقاً مع توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، جرد الملك حمد جهاز الأمن الوطني من صلاحية الاعتقال والاحتجاز وأنشأ وحدة تحقيق خاصة بمكتب النائب العام للنظر في مزاعم التعذيب والقتل خارج نطاق القانون.
وقال محمود شريف بسيوني لـ «هيومن رايتس ووتش» إن هناك وحدة من سبعة أشخاص تتولى هذه القضايا لكنها لا تعمل بدوام كامل، ولم تقم بإجراء تحقيقات مستقلة.
وأضاف: «ليس ضمن الوحدة الخاصة محققون أو خبراء في الطب الشرعي والمعمل الجنائي. هذه مشكلة عجز في الإمكانات يمكن حلها ويجب حلها».
وقالت الحكومة إن وزارة الداخلية وضعت ميثاقاً سلوكيّاً لأفراد القوات الأمنية، وبدأت تدريب القوات الأمنية «على تأصيل احترام حقوق الإنسان وسلامة الإجراءات القانونية».
وقد شهد العام 2012 زيادة في العنف من جانب بعض المتظاهرين ومن جانب الشرطة، ما أسفر عن مقتل وإصابة أفراد بالأمن وكذلك متظاهرين ومارّة إصابات جسيمة.
وقال جو ستورك: «على رغم جهود الإصلاح التي تقول وزارة الداخلية إنها بذلتها؛ فهناك نمط مستمر وقائم من استخدام قوات الأمن للقوة المفرطة ردّاً على المظاهرات السلمية والعنيفة، وأعمال ضرب غاشم لشباب متهمين بالمشاركة في مظاهرات غير قانونية».
وأضاف «تصعب رؤية أدلة على إصلاح الشرطة حين ننظر إلى الطريقة التي ظلت القوات الأمنية تتصرف بها فعليّاً».
وختمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» بقولها: إن البحرين، على رغم المزاعم الرسمية بعكس ذلك، تواصل تقييد حرية المنظمة وغيرها من منظمات حقوق الإنسان الدولية في دخول البلاد، علاوة على الصحافيين الذين انتقدوا أوضاع حقوق الإنسان فيها.