حسن المدحوب
الشرفاء في البحرين مصدومون ومحبطون بسبب «المفاجأة» الحكومية التي سربتها للرأي العام قبل أسابيع (حبة… حبة)، بشأن رفضها زيادة الرواتب، بعد أن كانت عشّمت «المارد» الخارج من قمقمه فأخذ يرفع صوته عالياً بمطلب الشرفاء المُلحّ بزيادة الرواتب!
النواب كذلك عاشوا لحظات انتشاء شعبية غامرة بعد التسريبات التي قُدّمت لهم، فكانت فرصة نادرة التكرار لتحقيق انجاز يفترض انه جاء على طبق من ذهب، بعد حملات الاحباط المتوالية بسبب دفعات الانتقاص المتعاقبة التي طالتهم بسبب يردّده الناس من أنهم باتوا أعضاء لمجلس شورى ثان، يأتمرون جهاراً نهاراً بأمر الحكومة وأنهم «تعو تعو».
الجهتان نشطتا بشكل لافت خلال الفترة التي كانت التسريبات بالزيادات واعدة، فكان أحدهما يبرق والآخر يرعد، الأول يهدّد والثاني يتوعد، ولكن أما والصدمة اسكتت الألسن وذاب الثلج وبان المرج، بات علينا أن نقوم بعمل وطني لجبر الخواطر وتفريج الكرب، فطرحنا على المواطنين المشاركة في حملة «مشوا بوزكم»، ونحمد الله أن شعبية الماردين دفعت الكثيرين لإبداء رغبتهم «الملحة» في تمويل هذه الحملة بـ «قواطي الكلينكس»، وآخرون تبرعوا بتقديم أوراق الكلينكس بأنفسهم للمصدومين ليمشوا «البوز»، وهي كلها جهود تنم عن روح وطنية عالية مقدرة.
المقدمة الطويلة السابقة، قدّمناها لنقول أن إحباط المحبطين ليس له وجه حق ولا منطق، فالحق كما قالوا أبلج والباطل لجلج، فلا حاجة لأحد في البحرين الاحباط، فهي بلد الزيادات بلا منازع، وزيادتها طالت البشر والحجر، ومن ينكر ذلك فلا أظن ألا يقف بين أمرين، فإما انه يحمل أجندة خارجية بامتياز، أو أنه لا يرى الشمس في رابعة السماء، وفي كلا الحالتين يضيع الانصاف والحق!
تعالوا نسأل، وليجيبوا إذا كانوا منصفين، انتهاكات حقوق الانسان أليست في ازدياد، الاستيلاء على الأراضي وقضايا الفساد ألم تتصاعد وترتفع؟ وما توصيفكم لمؤشر معتقلي الرأي، ولحوادث العنف وزيارات الفجر؟ وحالات التمييز والتهميش والاقصاء؟ وحملات الكراهية والفصل وقطع الأرزاق وقصف الأعمار؟ ماذا كذلك عن أعداد العاطلين ومعدلات البطالة وطلبات الإسكان… أتزداد أم تقل، أخبرونا عن الصفعات وغازات مسيلات الدموع وطلقات الشوزن، والقائمة تطول وتطول وتطول!
أعتقد أن على المصدومين أن يراجعوا حساباتهم وضمائرهم، ونقولها لهم بكل ثقة، البحرين بلد مملوء، مشحون بالزيادات لحد التخمة، وما المطالبة بزيادة في الرواتب إلا كنقطة في بحر الزيادات التي يتنعم بها المواطنون طولاً وعرضاً، ولا أظن أننا نحتاج إلى زيادات أخرى فيها.
ربما حان الوقت، مدفوعين بالحس الوطني الرفيع أن نقوم بحملة وطنية جديدة، نطلق عليها «بسنا زيادات»، فالبحرين ليست بحاجة إلى زيادات أخرى، وما لدينا من خير يكفينا ويزيد، ولكن قبل أن نبدأ في هذه الحملة علينا أن نسأل الشرفاء والمردة والسياسيين المحنكين «مشيتوا بوزكم من زيادة الرواتب لو للحين؟».