أحيى بحرينيون الذكرى الـ 36 ليوم الأرض الفلسطيني الذي يصادف 30 من مارس/ آذار من كل عام، في أمسية حاشدة أقيمت في مقر جمعية «وعد» في أم الحصم، داعين «جميع منظمات وقوى المجتمع المدني في البحرين إلى رص صفوفها وتوحيد مواقفها من أجل مساندة ودعم الأشقاء في فلسطين».
وقال الأمين العام لجمعية التجمع القومي حسن العالي في كلمة ألقاها باسم الجمعيات السياسية: «نشارك اليوم جماهيرنا العربية العريضة في الاحتفال بهذا اليوم المجيد، والذي جسده شعبنا العربي في فلسطين المحتلة بانتفاضته البطولية واعتباره يوماً تاريخياً في حياة فلسطين والأمة العربية، يوم تفجرت هذه الملحمة النضالية في وجه الاحتلال الصهيوني العنصري، الذي أقدم في ذلك اليوم من العام 1976 على نهب ومصادرة الأراضي الفلسطينية في العديد من المدن والقرى في سياق مخطط تهويد الأرض الفلسطينية وتهجير أصحابها الحقيقيين».
وأضاف أن «هبت الجماهير العربية في فلسطين المحتلة وأعلنت الإضراب الشامل وعمت التظاهرات السلمية الحاشدة مختلف المدن والقرى الفلسطينية، وتصدت لها القوى الصهيونية باعتداءاتها الوحشية ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى من المتظاهرين العزل الذين رووا بدمائهم الزكية الأرض الفلسطينية الطاهرة».
وأردف «إننا إذ نشارك الأشقاء في فلسطين وفي الوطن العربي وعلى امتداد الساحات العالمية المساندة للحق وللحرية الاحتفاء بهذا اليوم الكفاحي، إنما ننطلق من إيماننا وثوابتنا القومية التي تؤكد أن القضية الفلسطينية كانت وستبقى تمثل مركز ولب الصراع مع العدو الصهيوني، وإن الأرض تمثل الركيزة الأولى في المشروع الصهيوني الاستيطاني، وإن قضية الشعب الفلسطيني هي جوهر صراع الأمة العربية مع أعدائها الصهاينة وكل المستعمرين والمتواطئين».
وأكمل العالي أن «يوم الأرض هو بحق صرخة احتجاجية في وجه العدو الصهيوني وسياساته العنصرية الفاشية، وفي وجه كل الدول والقوى الكبرى الداعمة له وخاصة الولايات المتحدة الأميركية التي هي مصدر الدعم العسكري والمالي والمعنوي والدبلوماسي للكيان المحتل في كل الأوقاف وفي كل الظروف».
وتابع «كما أن الاحتفال بيوم الأرض قد تزامن مع انعقاد الأمة العربية على أرض العراق الطاهرة التي لايزال يدنسها الاحتلال البغيض وعملاؤه، وهي بذلك قد سعت لإعطاء صك البراءة لهذا الاحتلال كما أنها لم تكن أكثر من قمة للتآمر على مصالح الأمة في فلسطين وسورية وسوق سوداء لعقد الصفقات الرديئة حيث بدا واضحاً تعمد إسقاط قضية البحرين من جدول أعمال القمة».
وواصل «لذلك، فإن الاحتفال بيوم الأرض هو صرخة في وجه الأنظمة العربية المتواطئة مع العدوان والاحتلال التي تخلت عن تنفيذ التزاماتها اتجاه شعب فلسطين والعراق خضوعاً للمشيئة الأميركية الصهيونية ومشاريعها وأهدافها في المنطقة العربية وعلى رأسها تثبيت الاحتلال في هذين البلدين العربيين وإجهاض أية مقاومة تعمل ضد قوى الاحتلال».
وأشار العالي إلى أن «تجارب الأمة العربية أثبتت في صراعها مع أعدائها أن نهج المقاومة هو وحده الطريق الذي يوصل إلى الحقوق المشروعة ومواجهة كل محاولات رفض الهوان والإذعان من قبل الغزاة والمحتلين. لذا فإننا كقوى وطنية وجماهير مطالبون بالتفاعل مع القضية الفلسطينية باعتبارها قضية قومية وتعزيزات للصلات النضالية مع الشعب العربي في فلسطين المحتلة من أجل مواجهة كسر إرادة المعتدين وإفشال مشاريعهم الاستعمارية».
وأكمل «من هنا نحن نؤكد دعمنا الكامل للشعب العربي في فلسطين من أجل التمسك بأرضه والتشبث بهويته الوطنية والقومية، وتأكيد حقه في الدفاع عن أرضه وكيانه، وفي الوقت نفسه ندين كل جرائم القتل والإرهاب والتنكيل وكل سياسات التمييز العنصري والإفقار وعمليات اغتصاب الأراضي وهدم المدن التي تمارسها قوات العدو الصهيوني ضد الشعب العربي الفلسطيني أمام مرأى ومسمع العالم». ودعا «كل القوى الوطنية والقومية والإسلامية وجميع منظمات وقوى المجتمع المدني في بلدنا برص صفوفها وتوحيد مواقفها من أجل مساندة ودعم الأشقاء في فلسطين والإعلام عن تضامننا معهم من أجل نيل حقهم في الحرية والاستقلال وتحرير كل الأراضي المغتصبة وبناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف». وختم العالي بقوله: «كما ندعو إلى حشد كل طاقات الأمة العربية وقواها الوطنية والسياسية والمجتمعية في الدول التي أسقطت نظم الاستبداد والقمع فيها عبر ثورات الربيع العربي لمجابهة كل الأخطار والتحديات من أجل إعادة الاعتبار لمفهوم الأمن القومي للأمة العربية جمعاء ونصرة قضية فلسطين العادلة ودعم المقاومة في العراق وإفشال كل مشاريع التسوية المذلة وكل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني الغاصب».
وفي كلمة جمعية «وعد» ذكر نائب الأمين العام أحمد مكي أن «يوم الأرض هو اليوم الذي انتفض فيه شعبنا العربي الفلسطيني قبل 36 عاماً ضد جحافل جنود الاحتلال الصهيوني الذين أرادوا مصادرة المزيد من الأراضي ليسكنوا فيها قطعان المستوطنين الذين يجلبونهم من شتات الأرض وبهدف إحداث عمليات «الترانسفير» بطرد أصحاب الأرض والتاريخ من بلادهم والإتيان بشعب ليس له أدنى حق في أرضنا العربية الفلسطينية. لهذا ثار الشعب الفلسطيني في أراضي الـ 48 المحتلة، في الثلاثين من مارس/ آذار العام 1976، في أول انتفاضة شعبية بعد نكسة حزيران 67 التي احتل فيها الصهاينة ما تبقى من الأراضي الفلسطينية».
وأشار مكي إلى أن «القضية الفلسطينية تعتبر جوهر الصراع العربي الصهيوني وأن بقاء الاحتلال يشكل استنزافاً في جسد الأمة العربية، التي ينبغي لشعوبها وقواها الحية الوقوف مع نضال الشعب الفلسطيني الذي يواجه حرب إبادة جماعية تذكر بالنازية الهتلرية، وتدعو جماهير الأمة إلى قيامها بالواجب القومي الذي تتطلبه معطيات المرحلة الراهنة، وخصوصاً الوقوف صفاً واحداً في وجه سياسة الكيان الرامية إلى تهويد القدس الشريف وإقامة حائط المبكى على أنقاضه».
وأردف «ندعو إلى زيادة التضامن مع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني وفي مقدمتهم الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الرفيق أحمد سعدات ونحو عشرة آلاف أسير تعتقلهم قوات الاحتلال بغير وجه حق وضد جميع القوانين والأنظمة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الأسرى وحقوق الإنسان».
وواصل نائب الأمين العام لـ «وعد» أن «الاحتلال وأعوانه يزيدون قوة مع الفرقة والتشتت والاحتراب بين إخوة الدم في فلسطين، وليس من مخرج سوى نبذ هذه الخلافات والتجاذبات بين حركتي فتح وحماس حيث تأكد الضرر الكبير لهذه الخلافات على القضية الفلسطينية وتأثيراتها السلبية على مستوى التضامن العربي معها، وتدعوهما إلى مغادرة التخندق الحاصل حالياً، وذلك من أجل التفرغ لمواجهة الاحتلال الصهيوني وإحداث النقلة النوعية الضرورية على طريق الوحدة الوطنية الفلسطينية وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية لتمثل مختلف القوى والفصائل الوطنية والإسلامية المناضلة والمجاهدة في سبيل انتزاع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف».
وشدد على أنه «من دون نبذ الخلافات لن يمكن ممارسة الضغط المطلوب على الأنظمة العربية للتوقف عن التواطؤ على القضية الفلسطينية، حيث تأكد ذلك في القمة العربية التي انعقدت في بغداد (29 مارس 2012)، بعد أكثر من عام على تفجر الربيع العربي ضد الأنظمة العربية القمعية والفاسدة والمتاجرة بالقضية الفلسطينية منذ أكثر من ستين عاماً».
وطالب مكي بـ «إعادة هيكلة هذه الجامعة لتكون ممثلة لشعوب الأمة وليس كما هو حالها الآن مدافعة عن الدكتاتوريات وسياسات القمع والفساد، وممارسة الفرجة على ما تقوم به قوات الاحتلال الصهيوني من عمليات قتل ممنهجة ومصادرة الأراضي الفلسطينية».
وواصل «كما نطالب الأنظمة العربية التي تخلصت من دكتاتورييها خلال الربيع العربي مثل تونس ومصر واليمن وليبيا، سرعة التحرك لدعم الشعب الفلسطيني والمشاركة الفعالة في تقديم أسباب الصمود له وخصوصاً في القدس وأراضي الـ 48، ناهيك عن الدعم المطلوب لشعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة لتمكينهم من مواجهة الحصار العنصري وآلة القمع والاقتلاع، وذلك عبر تقديم كل أشكال الدعم السياسي والمعنوي والمادي اللازم لاستمرار صمود المقدسيين في وجه قطعان المستوطنين وحكومة الكيان الصهيوني».
وختم نائب الأمين العام لوعد بقوله: «كما ندعو جماهير شعبنا البحريني الأبي لزيادة الدعم والتضامن مع الشعب الفلسطيني كجزء من الواجب القومي الذي ينبغي الالتزام به، سواء الدعم السياسي أو المعنوي أو المادي من أجل دعم صمود جماهيرنا الفلسطينية».
من جانبه قال رئيس الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان سلمان كمال الدين: «حين تسمع وجع أرض، فأعلم أن غزاة ومحتلين قد وطؤها، وحين يلامس سمعك أنين أرض فتذكر أن شجرة من تراب بيارتها اقتلعت، حين ترى حمامة من حمامات بيت المقدس والأقصى مسجاة على ظهرها عليك أن تفزع لهذا المشهد، وكيف لا يفزع هذا العالم الغريب بصوت الشتات لشعبٍ ربما قدره الشتات فتذكر موسى في التيه والمسيح يجر في المنفى صليبه».
وأضاف «حين تصرخ القدس وحين تبكي حيفا ويافا دموعاً ترسمان جدول الدمع الغزير يصب في البحر، حين تئن القيود والأصفاد حزناً وألماً على الأسيرات والأسرى، حين ترى اشتعالات دماء الشهداء تتوقد وحين تضج قرارات الأمم المتحدة احتجاجاً واستنكاراً لعدم تفعيلها أو الفيتو الأميركي الذي يحجبها، فماذا نقول، وعن أي حق نتحدث».
وشدد كمال الدين على أن «الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، تعلن وبأعلى صوتها تضامنها الكامل مع الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج بهذه المناسبة وتطالب كال المنظمات الحقوقية والدولية ومفوضية حقوق الإنسان والأمم المتحدة بتفعيل كل قرارات الأمم المتحدة الصادرة حول القضية الفلسطينية وكبح جماح العدوان الاستيطاني الإسرائيلي وندعوهم للانتصار لحق العودة، وقف الاستيطان وبناء المستوطنات، إيقاف التهجير، التعويض العادل، حماية الزرع والضرع من همجية المستوطنين وإطلاق سراح كل الأسرى وعلى رأسهم المناضلة هناء شلبي والتي بإضرابها عن الطعام أوصلت الرسالة، لكن لا مجيب كذلك المناضل أحمد سعدات ومروان البرغوثي».
وفي كلمة جمعية مقاومة التطبيع البحرينية، أشار عبدالله ملك إلى أنه «قبل ستة وثلاثين عاماً، وخصوصاً في التاسع والعشرين من فبراير/ شباط العام 1976 أقدمت قوات الاحتلال الصهيوني على مصادرة (21) ألف دونم من الأراضي الفلسطينية ذات الملكية الخاصة أو المشاع في قرى عرابة وسخنين ودير حنا في منطقة الجليل الفلسطينية، وذلك بهدف بناء المستعمرات الصهيونية وتهويد الجليل».
وأضاف «وعلى إثر ذلك قررت الجماهير العربية في الداخل الفلسطيني إعلان الإضراب الشامل متحدية ولأول مرة بعد احتلال فلسطين العام 1948 السلطات الصهيونية وذلك في 30 من مارس/ آذار، وكان الرد الصهيوني شديداً حيث دخلت قوات معززة من الجيش ومدعومة بالدبابات والمجنزرات إلى القرى الفلسطينية واحتلتها موقعة ستة شهداء، أربعة منهم برصاص الجيش واثنين برصاص الشرطة. وما لبثت أن اندلعت انتفاضة فلسطينية في جميع مدن وقرى فلسطين المحتلة العام 1967، واعتبر ذلك اليوم رمزاً للدفاع عن الأرض العرض وسميت القرى الثلاث (عرابة وسخنين ودير حنا) بمثلث يوم الأرض».
وأوضح ملك «نحن نقف هنا في البحرين وقفة تضامنية مع شعبنا الفلسطيني المكافح في ذكرى يوم الأرض، لنوصل رسالة واضحة للرأي العام بأن شعبنا العربي البحريني مستمر في وقوفه مع نضال الشعب الفلسطيني ودعمه المطلق لحقوق هذا الشعب في تحرير كامل التراب الفلسطيني، وبناء دولة عربية فلسطينية ديمقراطية يعيش فيها كل مواطن من دون تمييز على أساس الدين والأصل. إضافة لذلك فإن وقفتنا هذه مناسبة لتؤكد جمعية مقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني على ثوابتها في مسألة التطبيع».
وتابع «ففي يوم 27 مارس 2002 قامت كل الحكومات العربية في القمة العربية ببيروت بالموافقة على المبادرة السعودية للسلام والتي عرفت بعد ذلك بالمبادرة العربية للسلام، والتي تنص على أن كل الدول العربية ستقوم بتطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني شرط أن ينسحب هذا الكيان من الأراضي المحتلة العام 1967 وأن تعطي اللاجئين حق العودة».
وواصل ملك «لقد كانت هذه المبادرة امتداداً لسياسة عربية متخاذلة وغير فاعلة في القضية الفلسطينية وهي سياسة أثبتت فشلها وأثبتت أنها لا تردع العدو الصهيوني عن أي من جرائمه بل وتعطي الاطمئنان لهذا العدو ليستمر في عدوانه من دون قلق من ردود فعل الحكومات العربية التي لم يتوقف سعيها للتطبيع على رغم كل هذه الجرائم».