مريم الشروقي
سمعتها كثيراً، وقيلت لي في الآونة الأخيرة كثيراً جداً جداً، ولكن اليوم جلست أتفكّر في كلام الأصدقاء والأحباب عن القصد من وراء «نعتي» بالبحرانية، فهل المراد إغاظتي؟ أم المراد منها تجريحي؟ أم أنّها ميزةٌ اتُّصفتُ بها مؤخّراً؟ أم أنّها «مسبّة»؟
الله هو وحده العالم بالنيّات، ولكن أعتقد بأنه مهما كانت النوايا سيّئة، لا أعتقد بأنّ وصف أحدهم بكلمة «بحراني» تعتبر مسبّة أو شتماً، فلطالما تعايشنا مع «البحارنة»، ولطالما مرّت بنا مواقف، أغلبها حميمة، وبعضها فيها غضب، ولم نكن يوماً نحقد على بعضنا البعض، أو ننعت بعضنا بمذاهب، ولكأنّ من يُلقي هذه الكلمة يظن بأنّها خزي وعار!
لقد حدث الشرخ في وطني «أعز الأوطان»، ولا أحد ينكر هذا، وهناك من عارض ووافق وهناك من التزم الحياد، ولكن حتى المحايد لم يسلم من بعض المواقف المشينة لبعض المهرطقين، ممّن يظنّون بأنّ الكلمات قد تثني من يريد السلام والإصلاح وردم الطائفية والعمل على تحقيق الآمال.
نعيدها ونكرّرها أننا في مجتمع واحد ونحمل هويّة واحدة، ولا يستطيع الجميع إلغاء أو إنكار ذلك، فالهموم التي نحملها واحدة، والمسئوليات واحدة، وليس هناك «نحن» و«هم» في الأزمات، بل سنقول في يوم ما إننا جميعاً أبناء الوطن، ونحن من نذود عنه معاً.
للأسف حفنة من المتمصلحين ومن الحمقى تحاول اللعب على العقول وعلى الأفئدة، ولا تحاول استخدام «كرت» الإصلاح، لأنّ هذا «الكرت» لا وجود له في خلايا عقولهم، والحمد لله فإنّ هناك مواطنين لهم أفئدة يعقلون بها، فلماذا لا يوجد لدى البعض «رشّة» مما تحمله هذه الأفئدة؟
إن لسان حالنا يقول: ما دمنا نريد أن نغيظ بعضنا بالكلمات أو نتنابز بالألقاب، خلافاً للقرآن الكريم، فإنّ حالنا لن يصلح أبداً، وإن كنّا نضمر الغيظ والأحقاد لبعضنا البعض، فنصف البعض تارةً بالرافضة، وتارةً أخرى بالنواصب، وفي بعض الأحيان بالبحارنة، وأحياناً بالوهابية، فإنّنا لن نعرف طريق التقدّم أبداً، ولن نطالها أبداً ما حيينا، لأنّ التقدّم يحتاج إلى التضحيات والتمازج والوحدة الاجتماعية قبل الاقتصادية والسياسية.
أهل البحرين عرفناهم بالتمازج والتآلف، ولم نعهد عنهم هذه العنجهية وهذه الوثنية الإثنية، لأنّهم شعب متسامحٌ راقٍ، ولا نريد أن نقول بأنّه كان من أرقى المجتمعات الخليجية، فنحن نريد أن يكون حتى العهود المقبلة مجتمعاً يُضرب فيه المثل.
قامت قيامة الناس أم لم تقم، فإنّ من يبدأ طريقه على المبادئ لا يمكن أن يتخلّى عنها، وإن كان متيقّناً من أهمّية الوحدة بين الجميع، فلابد له أن يقف عند مبدئه، لأنّ الشر لا يمكن أن ينتصر، بل الذي ينتصر هو العقل والتسامح والتعايش. وليت من ينعت الناس بصفات لا تحمل المعنى الذي يريده، أن يوفّر طاقته في قضيّة وطنه، لأنّ هذه القضية أسمى من كل القضايا. وجمعة مباركة للبحارنة والسنّة واليهود والمسيحيين في وطني البحرين!