في اليومين الماضيين، التقى الرئيس السوري بشار الأسد إياد علاوي زعيم قائمة العراقية الفائزة في الانتخابات الاخيرة. وبحسب ما أعلن، فقد جاء اللقاء في إطار جهود سورية للمساهمة في حل الأزمة السياسية الطاحنة في العراق.
في اللقاء، طلب علاوي من الأسد أن يتوسط لدى إيران كي توقف تدخلها في الشئون الداخلية العراقية في مسألة اختيار رئيس الوزراء.
صحيفة المستقبل اللبنانية تحدثت عن هذه الجهود السورية، وقالت إن الرئيس السوري يقوم بها بتفويض من الرئيس الايرانى محمود احمدي نجاد. وبتفصيل أكبر، نقلت الصحيفة عن مصدر سياسي مطلع قوله: "تحرك الرئيس الاسد يأتي عقب التفويض الذي منحه الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد إلى نظيره السوري خلال لقائهما الشهر الحالي، وينصب على ضرورة بذل جهود لعقد لقاءات مع الزعماء العراقيين وتقديم المشورة والافكار من أجل الاسراع بتأليف الحكومة العراقية".
واضاف المصدر للصحيفة: "الرئيس الايراني أراد خلال الفترة الحالية ابعاد بلاده عن المشهد السياسي في العراق وادخال الطرف السوري في جهود تشكيل الحكومة من أجل عدم إثارة حساسيات بعض الاطراف وخصوصا لائحة علاوي التي تتميز علاقاتها مع طهران بالتوتر".
لو تأملنا مليا هذا الذي ذكرته الصحيفة، ما الذي يعنيه بالضبط؟ اولا: يعني ان الرئيس الايراني نجاد يعتبر ان العراق ساحة نفوذ ايرانية مغلقة.
بعبارة اخرى، يعتبر ان ايران هي صاحبة الحق الحصري الوحيد في ان تقرر ما يجري في العراق. يعتبر ان ايران هي مثلا صاحبة الحق الوحيد في ان تقرر من هو رئيس الوزراء القادم في العراق.
ثانيا: يعني ان الرئيس الايراني يعتبر انه ليس من حق أي دولة عربية من حيث المبدأ ان "تتدخل" في الشئون العراقية وان تلعب أي ادوار هناك، وان اي دولة عربية، حتى لو كانت حليفة لايران مثل سوريا، يجب ان تحصل على إذن مسبق من إيران اذا كانت تريد ان تلعب دورا على الساحة العراقية.
قد تكون كلمة تفويض منحه نجاد إلى الرئيس السوري تنطوي على شيء من المبالغة، لكن جوهر المعنى يبقى صحيحا. أي يبقى صحيحا ان الرئيس السوري قد حصل على موافقة مسبقة من الرئيس الايراني، او ان نجاد لم يمانع في ان تلعب سوريا هذا الدور.
ثالثا: يعني هذا الكلام الذي ذكرته الصحيفة ان ايران حين توافق على ان تلعب سوريا او غيرها دورا على الساحة العراقية، فليس معنى هذا انه توافق على أن يكون هذا الدور مستقلا، أو مناقضا لما تريده ايران.
بالعكس، بحسب المعلومات التي ذكرتها الصحيفة نقلا عن هذا المصدر المسئول، فإن الرئيس نجاد يريد من سوريا ان تنفذ بالوكالة الاجندة الايرانية في العراق.
بعبارة اخرى، أراد الرئيس الايراني ان يخفف قليلا من قتامة صورة التدخل الايراني السافر في الشئون العراقية، بالطلب من سوريا ان تتقدم الى الواجهة ولكن بنفس الاجندة الايرانية.
وبشكل اكثر تحديدا، فإن الرئيس الايراني يريد من سوريا ان تسهم في أجندة ايران بفرض نوري المالكي رئيسا للوزراء، وحرمان القائمة العراقية من حق تشكيل الحكومة.
إذن، هذا هو ما تفكر فيه إيران فيما يتعلق بدورها في العراق، وفيما يتعلق بدور الدول العربية بالمقابل.
القضية برمتها تعبر عن وضع مأساوي من وجهة نظر مصلحة الشعب العراقي والدول العربية.
للحديث بقية بإذن الله.